الخبز.. البنزين.. المياه…وجع اللحظة المتكرر والوعد الهارب باستمرار!

الوحدة 3-11-2020

 

أين أنتم من التساؤلات المطروحة على كلّ الجبهات؟

أيها السادة، حتى أبسط الناس، وحين ينشر أحدهم منشوراً على صفحته الشخصية على (فيسبوك) يحذفه ويتراجع عنه عندما يجد ردود الفعل عليه سلبية، حتى لو كان الأمر بسيطاً للغاية.. أي أن الإنسان العادي يقيّم قراره أو موقفه بناء على جودته ومدى تأثيره بالناس، أفلا يجدر بكم أيّها السادة المسؤولون أن تعيروا ردات فعل الناس على قرارتكم الحدّ الأدنى من الاهتمام؟

إن كنتم تعتقدون أن تقاريركم (الورقية) تصنع منكم رجال قرار ومسؤولية فأنتم واهمون… بل ومتخلفون، وأي تقييم لا يأتي على وقع انعكاس تدابيركم على الأرض وفي قناعات الناس فهو باطل ولا قيمة له!

دعونا نتفق على مسألة مهمة أولاً، ومن ثم ننتقل إلى النقاش، رغم قناعتنا، ومن خلال تجاربنا السابقة أنه لا نتيجة تُرتجى من هذا النقاش لأنكم تعتقدون أن مناصبكم تحميكم، بينما المعادلة الحقيقية والصحيحة تقتضي بأن تزداد قيمة (مناصبكم) وفق حالة (الرضى الشعبي) عليكم…

يعيش الإنسان بـ (الخبز والملح والماء) وقد استعضنا عن الملح بـ (البنزين) في عنوان هذا المقال، وقبل الخوض في التفاصيل أسأل: ألا يخجل الفاشلون من أنفسهم وهم يستعرضون عضلات أفكارهم على الشاشات؟

قبل أشهر معدودات تمّ التحوّل إلى بيع الخبز عبر البطاقة الذكية وفق آليات دافعنا عنها لأنها مقنعة بالحدود الدنيا، وقلنا إن التجربة ستنضج، وبإمكان القائمين على هذا الملف (الأهم) أن يراقبوا ذلك ويقيموه، وبالنهاية لا يوجد أي قرار (ربّاني) ونستطيع التراجع عن أي إجراء إذا أثبت فشله..

لا نحكم على التجربة بالفشل، بل على العكس مازلنا نرى فيها (حلاً جيداً) شرط مراعاة الملاحظات التي سُجلت عليها، والإكثار من أماكن بيع الخبز وفقها وغير ذلك، ولكننا نختلف مع (التقييمات) بشأنها، والتناقض الكبير بين ما يقال، وبين ما يتخذ من إجراءات…

سنبقى في موضوع الخبز، فمنذ الأيام الأولى لتجربة بيعه عبر البطاقة الذكية خرج مديرو الأفران، ومديرو فروع التجارة الداخلية في المحافظة متسابقين إلى الحديث عن (وفورات) كبيرة بالدقيق جراء هذا الإجراء، وكأنها كانت (حملة منظمة) هدفها هذا القول فقط، وليس تقديم المعلومة الصحيحة للمواطن، وإن كان هذا المواطن بالأساس لا ينتظر أي تصريح منهم…

النتيجة الأهم، هو أنه وبعد (توفير) الدقيق التمويني تضاعف سعر الخبز، ونقص وزن الربطة منه، فأين ذلك (الوفر) الذي تحدثتم عنه، ولماذا لم ينعكس إيجابياً على الكميات المنتجة وعلى الأسعار، وإن كان التوفير الذي تحدثتم عنه حقيقياً فلماذا انخفض وزن ربطة الخبز وتضاعف سعرها؟

من حقنا أن يصلنا الجواب؟ أو الاعتراف بـ (الكذب) على الناس وسنسامحكم!

في العناوين، نبحث نحن وإياكم عن منطقة وسط، نعمل فيها لمصلحة المواطن (التعبان) فإن لم نستطع أن نقدم له ما هو جديد فعلى الأقلّ لا (نمنّنه) بأشياء نتحدث عنها ولا نفعلها…

لن نخرج من (حديث الخبز) قبل أن نوضح ونقرّ أننا نعلم علم اليقين أننا نشتري ربطة الخبز بـ (10%) فقط من كلفة إنتاجها، وخاصة في ظروف الحصار الحالية، ونعلم أيضاً أن المادة – وإن تضاعف سعرها- مازالت مدعومة لكن هذا لا ينسينا الدخل الشهر لـ (90%) من الناس، والذي لا يتجاوز ألفي ليرة في اليوم، فإن كان سيدفع ربع دخله على الخبز فقط، فهل نتجاوز هذه الأساسية إلى الغذاء، الدواء، الملبس، مصاريف المدارس والجامعات، المواصلات… إلخ)؟ وبالنهاية لا نناقش هنا سعر ربطة الخبز ولا كلفة إنتاجها ولا نتنكر للعبء الذي تتحمله الدولة من أجل تأمينها، وإن نناقش المسؤولين في كثرة أقوالهم وتناقض ذلك مع أفعالهم!

في كل يوم هناك شكوى جديدة و(الخبز المكسّر) الذي يصل إلى الأرياف يختصر الحكاية ويزيدها ألماً ووجعاً…

نأكل (الحطب) ونبقى على بأسنا لكن عليكم أن تكونوا (شفافين) معنا، وأن تنسوا أنكم منتمون إلى عالم غير عالمنا، فمهما استمر الوضع (الخطأ) لن تستمروا في مواقعكم إلى الأبد، ونحن مستمرون على (بأسنا) فأزيلوا (الفيمه) عن نظّاراتكم وعن بللور سياراتكم وعيشوا الواقع، وتحدثوا بمفرداته، وسنكون للصادقين منكم عوناً ووسيلة…

في موضوع البنزين…

البنزين على أهميته ليس (خبزاً) والسيارة رغم الحاجة الماسة لها مازالت (رفاهية)، وبالتالي بإمكاننا التخلّي عن رفاهيتنا ونركن السيارة جنباً إلى أن يتحقق أمراً كان مفعولاً!

ولكن، وتحت السقف ذاته، فقد وضعنا البنزين موضع الملح لأنه (التكسي) ولأنه الدراجة النارية التي يستخدمها مزارع أو صاحب ورشة من أجل تأمين قوت يوم عائلته ولأنه (المرشة والمنشار) وغير ذلك من أدوات بسيطة يستعين بها كثير منّا للتغلب على الحياة..

لن نتطرق إلى سعره وينطبق عليه من هذه الناحية ما ينطبق على الخبز، ولكننا نشير بسرعة إلى آليات الحصول عليه ونكرر ما طرحناه سابقاً في هذا الإطار: امنحوا أصحاب الدراجات النارية مخصصاتهم دفعة واحدة فذلك أوفر لهم وأكثر راحة لأصحاب (الكازيات) وبالنهاية ليس خروجاً على المخصصات أو تجاوزاَ لها..

فيما يخص المزارعين وبالتحديد مزارعي البيوت البلاستيكية في المنطقة الساحلية فهم بحاجة على الأقل لـ (3-5) ليترات بنزين لكل بيت بلاستيكي من أجل (المرشة) ومن أجل مضخة المياه وغير ذلك فهم يتم منحهم بطاقات بنزين زراعية أسوة بـ (المازوت الزراعي) وهم بحاجة المازوت والبنزين…

عندما يكون البنزين (متداخلاً) مع كل هذه التفاصيل يكون أشبه بـ (الملح) ويكون البحث عن حلول حقيقية توفره هاجساً لكل من يدرك القيمة الكبرى لعملية الإنتاج الزراعي…

 وفي موضوع المياه…

 منذ ستة أشهر تقريباً لم تدخل قطرة ماء إلى الخزانات الموجودة على سطح جريدتنا…

 على الورق، المياه متوفرة بشكل شبه يومي، وهذه حقيقة لا ننكرها، ولكن باستخدام المضخة، وعندما تتوفر الكهرباء قد تصعد المياه إلى الطابق الثاني، وتعجز عن المتابعة بسبب ضعف ضخّها، وبسبب كثرة (الحرامية)، ونقصد المضخات الأقوى من مضختنا، والتي (تشفط) المياه وتمنعها عنا، فإننا نعاني…

 سقت هذه المثال لأبيّن (ونحن مدعومون، وسلطة) المعاناة التي تعيشها الناس في موضوع مياه الشرب، وكل الأحاديث السابقة عن إنجازاتكم في هذا المجال، و(المليارات) التي صُرفت لم تغيّر أي شيء في الواقع، وهذه المسألة أيضاً بحاجة إلى توضيح..

 ندفع ما علينا من فواتير، وما يتم تحميله على هذه الفواتير، ولكننا نعاني، وننقل المياه بـ (البيدون) حال توفرها!

 مثلث الوجع

قد يقول قائل: وهل هذا كلّ ما نعانيه، والجواب بكل تأكيد (لا) ففي كل خفقة قلب معاناة، وفي كل خطوة عذاب، ولا يمكننا تشخيص كل شيء في هذه العجالة، وبالأساس فإن القصة لا تحتمل المزيد من المفردات، ويفترض أن كل جهة خدمية أو تنفيذية أو حتى تشريعية، إنما وجدت من أجل خدمة الناس، ولو أننا تحت قوس العدالة، لأصدرنا حكمنا ضد معظم هذه الجهات لأنها عجزت عن القيام بدورها، أي فقدان مقومات شرعية وجودها, وبالتالي يجب أن يُعلن (الحكم) ضدها قطيعاً غير قابل للطعن..

ثمة جزئية (مضحكة, مبكية) سأختتم بها هذا المقال, وتتعلق بنشرة الأسعار التي تعلنها مديريات التجارة الداخلية حماية المستهلك مرتين أسبوعياً, والتي تعتمد كما يقول المعنيون على أسعار السوق الدارجة, فتأتي ببعض الأحيان أعلى من سعر السوق لبعض السلع..

الغريب في الموضوع أن من يضعها لا يطلع على بيانات الكلفة وتذبذب أسعارها، ولا يتدخل إيجابياً للحدّ من ارتفاعها, والمضحك فيها أنه لا يمتلك أدوات فرضها إلا إذا كانوا يعتبرون أن عدد الضبوط التي يسطرونها هو مقياس نجاحهم..

لا نريد أن نلقي الاتهامات جزافاً, ولا أن نعمم، ولا أن ندعي الإحاطة بكل شيء, ولكن سنسأل ببساطة أي شخص بسيط مثلنا: عندما يكون عدد الضبوط هذا الشهر (500) ويصبح في الشهر التالي (700) وبعده (900) وهكذا, ألا يخجل من يصدّر هذه الأرقام من نفسه, ويدين نفسه أيضاً لأنه لو كانت هذه الضبوط حقيقة ومنسجمة مع المخالفة لكان يجب أن يحصل العكس, أي ينخفض عددها لكن حقيقة ما يجري هو أنّ المراقب التمويني يشجّع الفاسد والمخالف, لأنه ينظم أخف أنواع الضبوط، وبالاتفاق مع المخالف، ولن تكون لدى الأخير أي مشكلة إن تكررت المخالفة, لأنه يعوّض قيمتها من زيادة سعر عبوة واحدة من أي سلعة لديه!

بالنهاية, ولا نريد أن نقول كما يردد كثيرون بأنكم أنتم من تصنعون الصعاب, لكننا لم نلمس أي شيء لهم من قبلكم لتذليل هذه الصعاب, وإلى أن تفعلوا ذلك فستبقون بعيدين عن ثقة الناس بكم..

كمواطن عادي لستُ مضطراً للبحث عن (أسباب تخفيف الحكم) الصادر بحقكم, وهذا لا يعني أنني أنا المواطن (x) من الناس أصدّق أنكم تحاولون ما لم أجد انعكاساً لمحاولاتكم على أرض الواقع..

الذهاب إلى الحلول الحقيقية يفرض عليكم (مكاشفات) غير مسبوقة ومحاسبات (بلا تهاون), وتجنيد الناس معكم بعد أن تحظوا بثقتهم وتجعلونهم يرون فيكم الباحث عن مصلحتهم..

راجعوا إجراءاتكم بهدوء.. احكوا عليها بعقل.. تنكّروا وادخلوا بين الناس واسمعوا ملاحظاتهم بإيجابية.. حاولوا أن تكونوا منتجين إيجابيين لا صانعي أزمات.. إنساننا بسيط وقنوع ولا يطلب ما هو فوق القدرة على إيجاده..

افتتحوا مرحلة مختلفة عما سبق كونوا مع البسطاء من أبناء بلدي وافتحوا قلوبكم لله فيأخذ بأيديكم…

غانم محمد

تصفح المزيد..
آخر الأخبار