الوحدة : 1-4-2022
لشهر رمضان وقع السحر في طقوسه ودهشة حضوره.. ثلاثون يوماً بلياليها وموائد الفرح فيها تتوالى، تومض على مرايا الذاكرة.. وثمة من عاش هذا الوهج سنين عديدة، فحملت ذاكرته صوت المسحر وهو ينادي في حاراتنا المعتقة بطعم الخبز والملح بين بيوتها العتيقة.. وثمة من أصغى لعشرات التمثيليات التي كانت تبث من إذاعة دمشق، بصوت نجوم الفن والتمثيل، في ذلك الحين، بكوميديا الموقف والطرافة البسيطة وحكايا المجتمع.. و منهم من شاهد مسلسلات دريد ونهاد وباقي الجيل المؤسس لمسلسلات الأبيض والأسود الممتعة، وفي أجيال لاحقة فوازير رمضان بسحر نجومها نيلي و شريهان و غيرهما. وفي عصر الفضائيات وجبات متنوعة من المسلسلات السورية التي صارت تخص رمضان في موسمه العامر بالفن، ماجعل الدراما السورية تستحوذ على قلوب المشاهدين في عموم البلاد العربية ودون منازع.. وحتى في زمن الحرب كان لهذه الدراما بصمتها لكن من باب الدراما المشتركة مع نجوم لبنان أو مصر أو الخليج.. لكن … هل رمضان تختصره برامج الفضائيات ومسلسلاتها أم أن هناك تفصيلات واحتياجات متممة ليكتمل المشهد..؟ من المؤكد أنه لكي تمر هذه الأيام المباركة – بموائدها وطقوسها التواصلية وعاداتها الاجتماعية – ثمة حاجة ملحة لإمكانات ومصاريف فلكية مع معركة رقمية ومالية لاتستطيع رواتب الموظفين وأصحاب الدخل المحدود التصدي لها.. فلا حديث يعلو على غلاء الأسعار مع حلول شهر رمضان الذي يزيد فيه الإنفاق لما له من عادات وتقاليد خاصة يتعلق أكثرها بالطعام والشراب ومع قدومه أصبح “رمضان” يثقل كاهل كثير من الأسر التي لا تستطيع أن تجاري الغلاء الفاحش في هذا الشهر. فهل نلقي اللوم على الحرب والحصار وتداعيات أوكرانيا وإمدادات الغاز والقمح والزيت ؟ .. أم نلقي اللوم على الجهات الرسمية وماعليها من واجبات تترافق مع ضغوطات هائلة ومعطيات لاتسد ماهو مطلوب منها؟ وأين حصة المواطن من هذا اللوم؟ فالبعض يتحمل المسؤولية بسبب التبذير والسلوكيات الاستهلاكية غير الرشيدة. والمحزن في الأمر أنه ولسنوات قليلة خلت، كان للسير في الأسواق قبل أيام من استقبال شهر رمضان المبارك، بهجة لا تعادلها أي من مباهج الحياة، لكن رياح الغلاء جاءت لتبدد مظاهر هذه البهجة وبما لاتشتهي سفن المواطن التي جردت من أشرعتها وأصبحت عرضة لتقلبات الأسعار وأمواجها العاتية في ظل غياب لأي كبح لارتفاعاتها وفي الوقت الذي بات المواطن ينازع في هذه الظروف القاسية ليظفر بالحد اليسير من متطلبات أسرته واحتياجات أبنائه. رمضان كريم.. جملة نرددها عند دخول الشهر المبارك فهو شهر الخير والبركة، وفي سبيل الوصول إلى خاتمته التي نأمل أن تعم بخيراتها على الجميع ، لا بد من مد يد العون والدعم من الجمعيات والجهات الرسمية والشعبية أن تكون مصدر خير وفرح لنعيش هذا الطقس الرمضاني في هذه الظروف المحرجة والأكثر من استثنائية، ولنؤكد أن قلوبنا مازالت على بعضنا تنبض بالمحبة وتفيض بالنقاء..
بقلم رئيس التحرير رنا رئيف عمران