الوحدة – سليمان حسين
منذ اللحظات الأولى لعودة الروح إلى اللاذقية، احتفالات وأهازيج بأفراح النصر على طرف، وعلى الطرف الآخر عادت الروح إلى أسواق وأرصفة المدينة، اقتصاديّات صغيرة بدأت تُعلن نفسها أمام جمهور متعطّش لجميع أنواع ومشتقات المواد الغذائية.
جرح المواطن كان يكمن ضمن جيوبه المتعبة، لكن المواد وكافة أشكال البضائع القادمة من مدينة إدلب جميعها تحمل أرقاماً مُريحة، وهذا مردّه إلى عبث أصحاب النفوذ الاقتصادي المستأثر بزمام الدولار آنذاك، عندما شكّل النظام البائد هروباً جباناً مُفرغاً الخزائن من العملة الصعبة، أعقب ذلك انحداراً مدوياً للعملة المحلية، وبالتالي حملت حينها كافة السلع وزراً كبيراً لا طاقة للمواطن على احتمال تبعاته، فوصلت حينها أسعار الصرف إلى حدود ٤٠ ألف ل.س للدولار الواحد، لكن ذلك لم يطل كثيراً، فقد أشعلت أسعار السلع التي اجتاحت السوق المحلية نار المنافسة وبدأت أسعار الصرف الوهمية بالتدحرج، إلى أن وصلت لحدود بوابة الوضع المقبول.
كانت الشرارة التي أطلقتها القيادة بوضع خطة مدروسة لزيادة الرواتب على مراحل من أهم الخطوات التي لاقت صدى عارماً، تضمنت المرحلة الأولى زيادة وقدرها ٢٠٠٪ على رواتب موظفي القطاع العام وهم المحرك الرئيسي داخل المجتمع، بالإضافة لرفع تعويضات أخرى.
هذا الوضع انعكس تلقائياً على حركة الأسواق، معزّزاً القوة الشرائية للمواطن وذوي الدخل المحدود بعيداً عن التضخم المالي، حيث تُعتبر هذه الإصلاحات المالية ثمرة مهمة أعقبت مرحلة التحرير، ليتبع ذلك العديد من الإصلاحات الإدارية داخل جسم المؤسسات الحكومية شبه المنهارة، والقيام بتحييد أعداد كبيرة من أصحاب الوظائف الوهمية والتي كانت تضغط على الخزينة العامّة للدولة، والعمل على إعادة تقييم الموظفين الحقيقيين داخل القطاع الحكومي عبر تعزيز الرقابة الداخلية والتفتيش.
وبعد عام من عملية التحرير، تُعتبر الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في بعض المفاصل الاقتصادية، نقطة انطلاق حقيقية ترسم ملامح الاستقرار الاقتصادي، عبر السير نحو عملية الانتعاش على الكثير من الصُعد، حيث التمس المواطن هذه التغيرات الجذرية على أرض الواقع مبدياً الكثير من الارتياح، مستبشراً بالكثير من العطاءات التي تقوم القيادة بتأمينها، لوضع المواطن السوري ضمن الوضع الآمن بعيداً عن سياسة الفقر والتجويع التي كان يتبعها النظام البائد.