الوحدة ـ رنا غانم
شهدت مديرية صحة اللاذقية بعد التحرير قفزة نوعية في إعادة تأهيل المرافق الطبية والخدمية في المشافي والمراكز الصحية، استجابة لحجم الأضرار وتراجع مستوى البنية التحتية خلال فترة النظام البائد، وجاءت هذه الجهود وسط تحديات تشغيلية واضحة مما جعل التعافي الصحي يتطلب معالجة متزامنة للمشاكل وإعادة بناء القدرات في آن واحد.
وبين مدير صحة اللاذقية الدكتور خليل آغا لجريدة الوحدة أن المديرية تواصل جهودها لتقديم خدمات ذات جودة عالية للمواطنين وذلك من خلال أعمال عديدة، ففي شعبة الكلية الصناعية واجهت المديرية بنية تحتية متهالكة وأجهزة غسيل كلى معطلة وتمديدات صحية تعاني أعطالاً متكررة، وهو ما انعكس سلباً على جودة الخدمة، وبالرغم من هذه التحديات تم تنفيذ مشروع واسع لإعادة تأهيل المبنى وعزل الأسطح والجدران، إضافة إلى تحديث الشبكات الصحية والكهربائية ورفد القسم بأجهزة غسيل حديثة وكراسي مخصصة للمرضى، الأمر الذي أعاد القسم إلى العمل.
ونوه آغا أن أبرز المعوقات في قسم العناية القلبية كانت الرطوبة وتلف الإنارة والمشاكل الكهربائية، إلى جانب ضعف التمديدات الصحية، وبناء على ذلك عملت المديرية على إعادة تأهيل المبنى بالكامل ومعالجة الرطوبة بعوازل خاصة، وتنفيذ دهان شامل وتجهيز الغرف بالإنارة وأجهزة التكييف، إضافة إلى إعادة تأهيل التمديدات الصحية وتحديث شبكة الغازات الطبية بما يعزز سلامة المرضى.
أما محطة التحلية والتي كانت ضرورية لضمان وصول مياه معالجة إلى القسم الصناعي، فقد تم دعمها بمحطة جديدة وربطها بالشبكات الداخلية، رغم التحديات المتعلقة بالصيانة الفنية وارتفاع التكاليف التشغيلية المرتبطة بها.
ونوه مدير صحة اللاذقية أن الخطة شملت العيادات التخصصية حيث عانت العيادة الفكية من رطوبة وإنارة ضعيفة وكراسي أسنان قديمة، وتمت معالجتها عبر إعادة تأهيل متكاملة وإحداث قسم جديد لزراعة الأسنان، وفي العيادة العظمية التي كانت ضيقة وغير مناسبة يتم العمل على تجهيز مساحة بديلة داخل المشفى الوطني الكافتيريا سابقاً لتلبية الطلب المتزايد على خدمات العظام.
وفي مدرج مديرية الصحة شكلت التسربات المائية وتلف أجزاء خشبية وأعطال الكهرباء عبئاً تشغيلياً إضافة إلى تعطل الشيلر منذ سنوات، وقد نفّذت المديرية أعمال عزل وإصلاح للإنارة واستبدلت الشيلر بأجهزة تكييف جديدة، مع معالجة فراغات الجدران ومكافحة القوارض لضمان بيئة عمل آمنة.
وتكررت التحديات نفسها في مطبخ المشفى الوطني نتيجة وجود طباخات معطلة وانتشار الحشرات، إلا أن أعمال التنسيق والصيانة والمعالجة الصحية أسهمت في استعادة الجاهزية المطلوبة لخدمة المقيمين والعاملين.
وأشار آغا أنه تم تنفيذ صيانة شاملة في مركز الفيض في جبلة الذي كان يعاني من السرقة المتكررة ويعمل بشكل جزئي، حيث تم ترميم الطابق الأول وصيانة الطابق الثاني مع تركيب منظومة ألواح شمسية وتجهيز المخبر والعيادات التخصصية، إلى جانب تركيب أبواب حديدية لحل مشكلة السرقة.
كما واجهت المديرية تحدياً تقنياً متعلقاً ببطء الإنترنت وكثرة الانقطاعات ضمن الشبكة القديمة، ما استدعى تنفيذ مشروع تمديد الكبل الضوئي الذي وفر سرعات تصل إلى 600 ميغابت/ثانية، مما سيؤمن انترنت سريع لأكثر من 50 مشترك.
ونوه آغا أن التحديات في المراكز الريفية مثل مركز السل، الرويمية، قسطل المعاف، عين العروس، كنسبة، تنوعت بين بنية متهالكة، أعشاب على الأسطح، انسداد في التمديدات الصحية، وسرقة أو تخريب وقد عملت المديرية على صيانة شاملة تضمنت إزالة الأنقاض، استبدال الخزانات، ترميم الجدران، وأعمال دهان وكهرباء وصحية، ما أعاد هذه المراكز تدريجياً إلى الخدمة.
وأكد مدير صحة اللاذقية أن توقف جهاز الرنين المغناطيسي في مشفى الأطفال والتوليد كان مشكلة حرجة استمرت أشهراً، قبل أن تتم صيانته وإعادته للعمل تعزيزاً لقدرات التشخيص.
كذلك تم افتتاح نقطة طبية في صلنفة داخل مبنى البلدية ليكون مستوصفاً صحياً مؤقتاً يقدم الخدمات الصحية لزوار المنطقة، كما تم افتتاح نقطة طبية في البدروسية.
وعلى مستوى الدعم الدولي قال آغا أسهم التعاون مع UNDP واليونيسيف في تركيب منظومات طاقة شمسية بعدة مراكز الدعتور، دعتور بسنادا، الشاطئ الأزرق ودمسرخو، وتمويل مشروعات إعادة تأهيل مثل مدرسة التمريض في القرداحة.
وتتابع المديرية كذلك مشروع تأهيل الكراج الطابقي بعد تأمين الكهرباء والمياه، إضافةً إلى استكمال الدراسات الخاصة بإعادة تأهيل مبنى الداخليات وسكن الأطباء في المشفى الوطني.
كما يتم إعداد دراسة لإعادة تأهيل مركز المدينة الصناعية وسيتم التنفيذ بالتعاون مع منظمة UNDP، كذلك يتم إعداد دراسة لتأهيل مراكز صحية صلنفة، كسب، البسيط وسيتم قريباً العمل بالتعاون مع منظمة اليونيسف.
وفي المحصلة تظهر هذه الأعمال أن مديرية صحة اللاذقية تعمل على محورين متوازيين: معالجة تراكمات المشاكل، وبناء قدرات تشغيلية جديدة تضمن استدامة الخدمات الصحية، في إطار خطة تعاف مؤسسية تهدف لاستعادة البنية الصحية وتعزيز جودة الخدمات المقدمة للمواطنين بعد التحرير.