الوحدة 30-6-2021
كيف لشمس حزيران ألا تذيب هذه الثلوج المتراكمة على أبواب القلب والذاكرة!.
كان يتساءل بحزن وهو يترقب الإشارة الضوئية ليقطع الشارع المفضي إلى خيبته وشجونه..
منذ مدة وهو يشيح برأسه عن لوائح الأسعار المعلقة بوقاحة منقطعة النظير على واجهات المحال..
منذ مدة وهو يؤجل أحلام أطفاله الصغيرة بشراء أبسط الأشياء، ويعدهم وعوداً كاذبة حتى أنه ألغى نزهاتهم العائلية يوم العطلة الرسمية لأسباب يعرفها جيداً ذوي الدخل المحدود..
وحدها الكتب الملقاة على الرصيف حين يمر بها تقول الكثير مما لا يقال بالكلمات.. بدأ يتأملها بصمت ويسأل ذلك الرجل السبعيني المتعب عن أسعارها الزهيدة.. رغم أنها عصارة فكر أدبي لا يقدر بثمن..
منذ سنوات وهو يؤجل طباعة ديوانه الشعري لأنه لم يستطع توفير نفقات الطباعة ولازالت عبارة زوجته ترن في أذنه (نحن بحاجة الى شراء زيت للمونة بدلاً من عصارة كلمات شعرية لن تقدم ولا تؤخر).
نباح أحد الكلاب أيقظه من غفوة تأملاته في عز الظهيرة.. منذ مدة وهو يشعر أن أرصفة مدينته باتت ضيقة جداً.. كراسي وطاولات المقاهي.. الدراجات المخالفة..
بدأ يبحث عن مساحة صغيرة لخطواته المنهكة، وهو يدرك جيدا أن العمر بدأ يضيق، والرصيف يضيق، والبحر أيضاً يضيق وأن وجهه لم يعد يتذكر الطريق إلى الشمس كل صباح!
منى الأطرش