الوحدة :18-11-2024
قد يكون الحديث في هذا الشأن مجحفاً إن تناسينا عقوداً طويلة من مجانية الصحة والتداوي، وجودة الخدمات التي كانت متوفرة للجميع ودون استثناء.
وسيكون من التعامي أن نغضّ الطرف عن واقع الحال هذه الأيام، حيث المعاناة الكبيرة للذين لا يقوون حتى على مراجعة طبيب مهما زادت حالتهم المرضية سوءاً، فيكتفون بالمسكنات، وبما خبره الوجع فيهم، فيأتون بالدواء من الصيدلية مباشرة دون المرور على حلقة الطبيب الذي بات مخيفاً في كثير من الحالات، حيث تحولت الكثير من العيادات التي غاب عنها (النبل والإنسانية) إلى ما يشبه أي شيء غير العيادة الطبية.
لا نعمم أبداً، وهناك أطباء (رحيمون جداً)، لكن أن يسألك غيرهم مما تشكو، ودون أن يكلف نفسه حتي بقياس ضغطك، ويطلب مبلغاً كبيراً فهذا خروج على المهنة بكل تأكيد..
دعكَ من الحالات الخاصة، وحتى من المستشفيات العامة التي تخلّت عن جزء كبير من مجانيتها، ولنذهب، نحن الموظفين، إلى شركات التأمين الصحي التي تعاقدنا معها عن طريق مؤسساتنا، ولنسأل مؤسساتنا قبل أن نسألها: هل من الإنصاف سحب بطاقة التأمين الصحي في اليوم الأول من التقاعد؟
الجواب يوضح بشكل كبير أن الهدف من دخول هذه الشركات في حياتنا هو الربح وليس تقديم الخدمة… قبل الـ 60 عاماً من عمرك، ربما لا تحتاج إلى الكثير من الخدمات الصحية، وبالتالي فإن ما تقدمه هذه الشركات لجميع المشتركين أقل بكثير مما تتقاضاه منهم، حيث هناك من لا يستهلك أياً من مخصصاته (أنعم الله على الجميع بالصحة)، ومع هذا هناك سقوف لمن خانته صحته، وكل هذا ليس (حراماً)، فلا أحد يعمل بـ (بلاش)، لكن وعند الحاجة الماسة للخدمة الطبية (بعد التقاعد) يُحرم هذا المتقاعد منها، في الوقت الذي ينقص فيه راتبه أيضاً بعد الإحالة على التقاعد..
هل بات التقاعد وحشاً يخشاه الكثيرون… يتوقف الراتب بضعة أشهر… ينخفض الراتب… توقف الخدمات الصحية…؟
أيّها السادة، يبدو أنكم فهمتم الأمور بالمقلوب… استثمروا من أجل صحة المواطن لا فيها، ودمتم بخير!
غانم محمد