الوحدة: 27-5-2021
العمل ركن أساسي في النجاح وتحقيق الأهداف في أي نشاط إنساني، وهو قيمة اجتماعية والإنسان المنتج هو الأكثر احتراماً في مجتمعه، وثقافة العمل جزء من البنية العقلية والمنظومة القيمية والاجتماعية التي تشكلت عبر السنين ويغلب عليها في بلادنا الطابع المعياري الوجداني أكثر من القيمة الفعلية والمردود العملي.
لا يمكن في أي حال من الأحوال إنجاز أي عمل مهما توافرت له الإمكانات المادية والأدوات والتجهيزات من دون العنصر البشري، ولا يمكن التنمية و البناء دون الاعتماد على العمال، فهم ثروة لا تنضب والأساس المتين لكل بناء مستقبلي وهم النبع المتدفق الذي يمد الوطن بالإنتاج ودفع عجلة التطوير والتقدم إلى الأمام، أناس مسكونون بحب والإحساس العالي بالمسؤولية وحب التفاني للعمل والإخلاص ونكران الذات، لذلك يجب تأهيل وتدريب العمال وبناء قدراتهم و تعليمهم على التقيد بشروط الصحة والسلامة المهنية في المؤسسات والمعامل العامة والخاصة وتعزيز حس الانتماء للعمل أو المنشأة أو المؤسسة الخدمية وذلك للاستثمار الأمثل لطاقاتهم المتاحة للقيام بالعمال المختلفة المطلوبة وتنمية مهاراتهم بما ينعكس إيجاباً على العملية الإنتاجية.
ثقافة العمل جملة من السلوكيات التي يسير عليها المجتمع وتعكس نظرته للعامل والعمل في القطاعين العام والخاص، وقد تضرر سوق العمل كثيراً بفعل الحرب والإرهاب والحصار، ويواجه الشباب عراقيل كثيرة في رحلة البحث المضنية عن فرصة العمل لتأمين المستقبل والحد من الهجرة إلى الخارج، لذلك يجب المواءمة بين احتياجات سوق العمل ومخرجات المؤسسات التعليمية والاستفادة من طاقات وخبرات الشباب والخريجين الداخلين إلى سوق العمل من الجامعات والمعاهد والمدارس الفنية وتوسيع خياراتهم المستقبلية وفتح المجال واسعاً أمام معاهد التدريب المهني والحرفي وتوفير برامج التدريب المختلفة وبناء القدرات والربط بين أصحاب العمل من القطاع الخاص والباحثين عن فرصة العمل.
يجب تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص بين العمال والتساوي في الحقوق والواجبات وإعادة النظر بقوانين العمل وآليات الترفيع والحوافز وتوفير الأمن الوظيفي والراحة النفسية للعامل ومعالجة معوقات دخول المرأة الفعال إلى سوق العمل وفق أعمال تتناسب مع طبيعتها الجسدية وزيادة الأجور والتعويضات لدورها الكبير في تحقيق نتائج أفضل وتحقيق الراحة المادية والاقتصادية للعامل وأسرته وتعديل التشريعات والقوانين الخاصة بالعمال لتحسين الواقع الحياتي والمعيشي لديهم سيما وأن الأجور والتعويضات حالياً لا تتناسب مع الواقع والغلاء الفاحش الآن، وتوفير البيئة الصحية والآمنة للعامل لممارسة عمله والاستفادة من كافة الحقوق العمالية كالضمان الصحي والشيخوخة والعجز وتعويض الوفاة، وتكريم العمال المتفوقين في جميع المجالات ورعاية أسر الذين استشهدوا في مواقع العمل الذين ساهموا ببناء مجتمعهم ووطنهم ودافعوا عنه بعرقهم ودمائهم.
علينا نشر ثقافة العمل التطوعي والوعي البيئي والحفاظ على المرافق العامة في المجتمع، ونبذ وإدانة ثقافة التسول والكسل ومعالجة ظاهرة ضعف الأداء والإنتاجية وتكريس النزاهة وحب العمل وتفعيل آليات المحاسبة واتباع أسلوب الرقابة وتقييم الأداء والعقاب والثواب واتخاذ إجراءات مسلكية وجزائية وقانونية رادعة بحق المستهترين والمقصرين.
نعمان إبراهيم حميشة