الوحدة : 17-5-2021
وأنا في عتمة الأسئلة ما عدت أذكر كم من المحطات حطّ قلبانا بها, وكم من أمسياتٍ مقمراتٍ جمعتنا, تزاحم البعض في البعض, وغصّ الكلُّ بالكلّ, وأشرقت صورتها بهية كضوء قمرٍ نيساني.
×××
أعرف أن الذكريات أشبه بعابر سبيل, تنقش على جلدنا بقاياها فتورق غصونها وتزدان بكل ما كان جميلاً.
أحسست برائحتها تطاردني وتطوّقني فلا أعود أستطيع حراكاً، ثم شعرت بضوء النهار ينبعث من منديلها البنفسجي فيزيح عتمةً كانت تأسرني, فألقيت بجسدي إلى رصيف غرباء يلوّحون مرتحلين، فتصبّبت برقاً, ولجأت إلى ظلّ عينيها أستهدي خطواتي.
×××
أقف الآن على شرفة الفجر أستحضرها من بين خفقتين. أصغي إلى ثرثرتها وهي تسائلني:
– لماذا أحس بقلبي يكنفه سحابٌ من وحل, ويرمّده الحريق؟!
– لماذا تنفجر الريح بجلدي ودمي يرعى حشيش الغيم؟!
– لماذا كلما ناديتك أراك تغيب طيّ حنيني وتشعلني عتباً؟!
– لماذا تمسك بمفتاح الصباح وتغلق عليّ ليلي؟!
– لماذا وجهي يغطس في الغياب؟!
– لماذا عيناك ضائعتان في صمتي ويا ليتك تشرق ولو كالردى؟!
×××
لقد أكثرت من أسئلتها الاستنكارية فقلت لها: أنت تعرفين أن لقاءك كلقاء النبض بالنبض وأن دفع خطاك يهمس في صبح اغترابي وأن جسدي محروق وما أزال غارقاً في الزحام.
×××
– نهنهي عتبك، وامنحيني ضمةً تدحرجني بين الوهم والحقيقة.
سيف الدين راعي