الوحدة 13-10-2020
أحدهم قال: نعجز عن وصف هول ما يجري في قرانا، والثاني قال: نحن قرى منكوبة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، والآخر قال إننا أمام كارثة حقيقية في منطقتنا وقال غيرهم كلمات ممزوجة بالقهر والخوف والحزن على ما جرى ويجري من أذى للبشر والشجر والحجر وكل منهم حاول رسم الصورة مصوراً وجعه ووجع منطقته وأهله كما عاشه وشاهده.
هذا باختصار شديد جداً جزء من كلام الأهل في منطقة القرداحة وريفها جراء الحرائق التي اندلعت في قرى كثيرة منها من مساء الخميس وحتى صباح الأحد وقد أتت على الأخضر واليابس فيها.
التقينا وتواصلنا مع عدد من السادة رؤساء البلديات ممن اندلعت الحرائق في قطاعاتهم للاطلاع على واقع الحال بعد أن هدأت الرياح الشرقية وأصبحت الأراضي المحروقة في طور التبريد وكانت البداية مع السيد جابر مهنا رئيس بلدية قمين والذي أفادنا بأن الحرائق اندلعت في كل قرى البلدية: قمين وغيو، مدلو، تلارو، الشيخ ريح، بصراما، بسيقة الغربية، لافتاً أن المساحات المحروقة كبيرة جداً وتقدر بآلاف الدونمات حيث انتقلت إلينا من حرائق كلماخو وامتدت لتأكل الأخضر واليابس أمامها عابرة كل هذه القرى لتصل الى حدود الرويمية، وقد تأثرت بعض المنازل والسيارات المركونة إلى جانبها وإحداها احترقت بالكامل مع منزل صاحبها في قرية قمين واستمرت الحرائق لمدة يومين أتت خلالها على كل الأراضي الزراعية وبساتين الليمون والزيتون كان خلالها الدور الأكبر والأهم للأهالي في إطفاء الحرائق.
– السيد معد إسماعيل رئيس بلدية كلماخو قال: كنا أمام كارثة حقيقية احترقت فيها آلاف الدونمات من الزيتون والليمون، والخسائر كبيرة جداً وأكبر من أن تعوض وقد أتت الحرائق على أكثر من ٥٠٠٠ دونم زيتون في قرى كلماخو والدبيقة، القاموع، الجديّدة، القلورية، رأس القلورية حيث استمر الحريق ليومين متتاليين حيث التقت حرائق كلماخو مع حرائق قمين وصار المنظر لا يصدق مثل الأفلام الهوليودية لضخامته وهوله، ونشكر الله ومساهمة سيارات الإطفاء التي لولاها لكانت احترقت غالبية البيوت لأن النيران امتدت بين المنازل، ولابد من الإشارة إلى أن الأهالي سيطروا على الحرائق واستبسلوا في سبيل حماية منازلهم وأراضيهم حتى أن النيران كادت تصل إلى الكازية في قرية الدبيقة ولكن الأهالي تكاتفوا وعملوا خط نار حول الكازية بالكامل وحموها من الانفجار، وأشار إلى أنه في فجر الجمعة وبقدر ما كان المنظر مرعباً ظننا أنفسنا وكأننا في الجحيم.
– السيد يحيى حميشة رئيس بلدية مرج معيربان قال: أكثر من ٤٥٠٠ دونم احترق في قطاع بلدية مرج معيربان في قرى دير إبراهيم، بتعلي، المروش، بحمرا، ومرج معيربان معظمها أشجار زيتون وبعض الأشجار المثمرة الأخرى، وأضاف: نحمد الله أنه لا توجد خسائر بشرية ونشكر كل من ساعدنا من الزراعة والحراج والدفاع المدني الذين وضعوا كل إمكانياتهم ولا ننسى دور الأهالي الكبير في إطفاء الحرائق حتى أن بعض الشباب تعرضوا للاختناقات والإصابات جراء مشاركتهم في عمليات الإطفاء.
– السيد محسن قدار رئيس بلدية دباش قال: للأسف انتهى كل شيء، خسرنا جمال طبيعتنا التي كنا نتباهى ونعتز بها وخاصة أن الحرائق اندلعت في كل قرى البلدية ابتداء من قرية دباش إلى الجبيرية وبيت سلامي، دبشو، يرتي، بيت عليا، الطيبة، بيت سوهين، بابو.
لم يبق للأخضر الذي كان يزين قرانا والأشجار القديمة فيها أي أثر، كما واحترقت ثلاث منازل لنضال طراف وحسام زيني ومهند سبيقي، بالإضافة إلى شادر عزاء بكل معداته من كراسي وطاولات كان مفتوحاً للتعزية، مضيفاً أن خسائر المواطنين لأرزاقهم لاتعد ولا تحصى والمساحات لا تقدر، ولم تنجُ كابلات الكهرباء ولا خراطيم المياه من الحرق وكانت كل هذه القرى خالية من أهلها يومي الجمعة والسبت لشدة اندلاع الحرائق، وأضاف: لابد من الإشارة إلى عتب الأهالي على كل المسؤولين في المنطقة والمحافظة لعدم تعاونهم ومساندتهم لهم في هذه المحنة الكبيرة حيث شاركنا في اليوم الأول إطفائيتين ولوقت قصير في قرية دباش ومن ثم واجهنا مصيرنا لوحدنا رغم تواصلنا مع الجميع وطلبنا المساعدة فقط لحماية البيوت الآمنة.
– السيد إبراهيم حسن رئيس بلدية الفاخورة أوضح أن المساحات المحروقة ضمن قطاع بلدة الفاخورة لا تقل عن ٤٠٠٠ دونم شملت قرى بسيقة الشرقية، اللدينة، الفاخورة كتجمعات سكنية، أما الأراضي الزراعية فلا يمكن تقديرها وجميعها مشجرة بالزيتون والحمضيات والأشجار المثمرة والكثير منها مزروع بالتبغ وخسائر الناس لا تقدر أيضاً في هذا المجال إذ أن الغالبية خسروا محاصيلهم وأرزاقهم كما تأذت المنازل في بسيقة الشرقية بعضها بشكل كامل وبعضها بشكل جزئي، وأضاف: في الفاخورة وحدة إطفاء فيها سيارة واحدة لن تقدر على إطفاء كل هذه المساحات وخاصة أن النار تشتعل وتنتشر بسرعة شديدة بفعل تأثير الهواء القوي عليها ولم نلمس أي مساعدة قدمت لنا، ولكن الله ستر وتكاتف الأهالي مع بعضهم ساعد على حماية المنازل من الحرق.
– السيد شمعون معلا رئيس بلدية ديروتان أكد أن الحرائق التي شملت كل قرى البلدية (شديتي، العزيري، الجوفية، الأريزة، بيت زنتوت، الميسة، قلعة المهالبة، عين جندل، خريبات القلعة، ديروتان) انطفأت موضحاً أن ٩٠٪ من الأراضي الزراعية بمواسمها وأشجارها احترقت بالكامل بالإضافة إلى الأراضي الحراجية وغابات الأرز والصنوبر وتقدر المساحات الزراعية المحروقة بنحو ٤٥٠٠ دونم من حدود مدينة القرداحة إلى حدودنا مع بلدية جوبة برغال وكلها مشجرة بالزيتون، وكانت المساعدات لإطفاء الحرائق أكثر من خجولة حيث جاءت سيارات الإطفاء فقط في قرية بيت زنتوت حيث قالوا لنا عندما طلبنا المساعدة بانه لا توجد إمكانيات لديهم أكثر من ذلك حيث تجاوزت حرائق قرانا مشفى الباسل واتجهت بفعل الرياح القوية إلى جانب الثانوية الصناعية ومبنى الريجة فلا شيء قادر ان يقف في وجه النار ونحمد الله أن الخسائر مادية فقط.
وأضاف: نتمنى عبر منبر جريدة الوحدة الإسراع بصيانة الكهرباء وأعمدة التوتر العالي والشبكة الكهربائية المرمية على جانب الطريق إذ احتُرقت أعمدة الكهرباء حتى الأبراج الكبيرة منها ونزلت على الأرض وللعلم إنه بلا كهرباء لن نحصل على الماء ولذلك الحاجة ماسة للإسراع بالصيانة لأنه حتى عندما نشتري مقطورات المياه نحتاج للكهرباء لتفريغها في خزانات المنازل.
– السيد محمد مهنا رئيس بلدية السفرقية أشار إلى أن النيران اندلعت في قرية قروصو وقسم من قرية الخزيمية وقد كانت خطرة للغاية كونها بين المنازل التي احترقت من الخارج بالإضافة إلى احتراق نحو ٤٠ دونم أراض زراعية مزروعة بالحمضيات واحتراق خلايا النحل في القرية وأشار إلى تقديم بعض المساعدات والإطفائيات ولكن الدور الأكبر كان للفعاليات الأهلية وخاصة الصهاريج الخاصة التي كان لها الدور الأهم في إطفاء الحريق بسرعة وعودة الاهالي إلى منازلهم.
– السيد فواز الشندي رئيس بلدية ديرحنا أكد على أن النيران اندلعت في أشجار الزيتون والأشجار الحراجية في محيط قرية ديرحنا الشمالي وفي القسم الشرقي من قرية بحورايا وبلغت المساحات المحروقة نحو ٥٠٠ دونم ما بين حراجي وزراعي ولفت إلى أن البلدية تقوم حاليا بفتح خطوط نار مابين قرى بحورايا وديرحنا ومرج موسى لحماية الغابات فيها وسهولة الوصول إلى كل بقعة منها، مؤكداً أنه ساهم في إطفاء الحريق كل من الزراعة والحراج والإسكان والدفاع المدني والمحافظة بالإضافة إلى آليات الإسكان العسكري والخدمات الفنية.
– المهندس نزيه سلطان رئيس دائرة زراعة القرداحة أكد لنا بأن الحرائق اندلعت في ٧٠ قرية من ريف القرداحة مضيفاً بأنه وبإحصاء أولي بلغت المساحات المحروقة نحو ٣٠ ألف دونماً وبلغ عدد الأسر المنكوبة في المنطقة حوالى ١٧ ألف أسرة، وأضاف المهندس سلطان بأن كل الإطفائيات الموجودة موزعة على الحرائق والمواقع الهامة مثل المصرف الزراعي ومبنى الريجة بالإضافة للمواقع الحرجة، مضيفاً أنه ونسبة لعدد الحرائق الكبير فإن الإمكانيات تبقى محدودة وخاصة بوجود منهل ماء واحد لتعبئة كل الصهاريج المتجهة غلى مواقع الحرائق هو منهل ماء جليلة، بالإضافة إلى الوقت الذي تحتاجه الإطفائية لتعبئة الماء والعودة إلى الموقع.
وأضاف سلطان: ساهمنا حسب استطاعتنا وإمكانياتنا بإطفاء الحرائق وتمت مؤازرتنا بإطفائيات من دمشق وحمص وحماة ولكن عدد الحرائق وضخامة بعضها بالإضافة إلى الرياح القوية التي ساهمت على اتساع رقعة النيران فاق قدرتنا في بعض المواقع ومنعنا من المساعدة في مواقع أخرى وصعًب المهمة على رجال الإطفاء، وأكد أن الحرائق انطفأت جميعها وبأن الزراعة تقوم حاليا بتقدير الأضرار للإخوة المزارعين الناجمة عن اندلاع الحرائق.
في الختام نقول إن كمية الخسائر والأضرار كبيرة جداً في منطقة القرداحة وقد فقدت عائلات كثيرة كل مصادر رزقها ومواشيها ومواسمها التي تكد وتتعب عليها من بداية العام، نتمنى من وزارة الزراعة بشكل خاص والحكومة بشكل عام إيجاد الآلية المناسبة لمساعدة الناس الذين يعيشون من عملهم بالزراعة وتعويض الأضرار بشكل مناسب وموازٍ للخسائر الفادحة ومساعدة الناس الذين ضاعوا بين الحرب والأوبئة والحرائق بإعادة استصلاح الأراضي المحروقة بتوفير كافة الوسائل والأليات المتاحة وتشجيعهم بكافة الطرق الممكنة للبدء من جديد بعودتهم للحياة والأرض والزراعة.
سناء ديب