السوق السوداء.. ظاهرة ناشزة لايحكمها معيار سوى الجشع والغلاء الفاحش!

الوحدة 20-6-2022

 

تتوافر كل الأشياء التي يحتاجها الناس في السوق السوداء باللاذقية، أو سواها من الأسواق المماثلة لها في المحافظات الأخرى، ولكن بأسعار خيالية، تفوق بكثير عن أسعارها الحقيقية، فلماذا لا تتوافر تلك السلع والمواد في الأسواق النظامية غالباً، وإن توافرت أحياناً فكمياتها قليلة وأسعارها مرتفعة، وكأنها شبه سوق سوداء أخرى؟ وقد فتحت تلك الظاهرة غير الطبيعية أبوابها المشرعة غير النظامية على مصراعيها للاحتكار من أجل تفاقم غلاء الكثير من المنتجات الغذائية الأساسية التي لاغنى عنها للحياة المعيشية اليومية، فضلاً عن منتجات وسلع متنوعة أخرى، بعيداً عن عين الرقابة أحياناً إلى درجة أنها باتت شبه مشروعة لدى العديد من المشتغلين بها، سواء من تجار، أو باعة، أو وسطاء، وسماسرة..  وكما يبدو، أنه ليس هناك من ضابط ناظم بتشدد محكم لحسم عدم وجودها، لما تشكله من حالات استغلال بشعة، وفقاً لمنطق السوق السوداء، وغايتها اللا مشروعة أبداً، كونها ضاغطة جداً على حياة معظم الناس المحتاجين لبعض السلع والمواد التي يتم التحكم بها. وهي بالمجمل ظاهرة سلبية ناشزة واستنزافية اقتصادياً واجتماعياً، ولكن الأنكى منها الغلاء الفاحش، مصحوباً بالغش معظم الأحيان، حتى في بعض المحال والأسواق النظامية.

والسؤال المطروح والمؤلم هنا، وكما يبدو لاجواب عليه حتى الآن : متى كان للجشع أي معيار، أو ميزان ؟!

(الوحدة) استطلعت وقائع عن تلك الظاهرة، ودور بعض الجهات ذات الصلة بها، عبر السطور الآتية :

– انفلات الأسعار نتيجة احتكار المواد والسلع

*  السيدة أم باسل- ربة منزل، قالت: أي سلعة يندر تواجدها بصعوبة في الأسواق النظامية، يمكن بسهولة توافرها في السوق السوداء بكثرة، ولكن بأسعار مرتفعة تعادل الضعف، أو ربما أكثر من الضعفين عن سعرها الحقيقي، ومثل هذا الأمر نراه على سبيل المثال بالنسبة لبعض المواد الاستهلاكية الغذائية الأساسية، وتأتي في مقدمتها: الزيوت، سواء منها زيت الزيتون، أو الزيت النباتي، أو السمنة بأنواعها. ولكونها من المواد الضرورية للحياة المعيشية اليومية، فيضطر بعضهم لشرائها، مهما كان تحكم الآخر بسعرها، سواء من متاجرين، أو بائعين، أو وسطاء، أو سماسرة، وعملية تصريف منتوجات تلك المواد السلعية، تكون مرهونة غالباً بمدى إمكانية القدرة الشرائية للمستهلكين و بحسب طاقتهم على ذلك.

 *السيد أبو أحمد – موظف، قال : الوضع ليس محصوراً بالمواد الغذائية اليومية الضرورية للأسرة التي لايمكن تأجيلها، بل يشتمل ذلك على مواد سلعية أخرى ضرورية أيضاً، ولكنها بترتيب الأولويات تأتي لاحقاً، وهنا، أشير إلى مواد عديدة أخرى لاتتعلق بالشأن الغذائي، وهي مطروحة في السوق السوداء لمن يحتاجها بشكل اضطراري، ومثالنا عليها: مواد البناء من إسمنت بنوعيه الأسود والأبيض، والحديد بأنواع وحجوم قياساته المختلفة، والمنجور الخشبي لأبواب الشقق السكنية الجديدة، وكذلك الألمنيوم والزجاج لبعض الأبواب والنوافذ لها، فضلاً عن مواد الموبيليا والمفروشات، وأنواع الدهانات المختلفة، التي تحتاجها، تلك الشقق سواء من الأبواب، أو الجدران، أو الأثاث المنزلي، والديكورات المختلفة للمنازل، ناهيك عن البلاط والرخام والسيراميك، وتتبعها مصروفات أجور العاملين لتلك المهن، عدا عن أجور نقل تلك المواد، وكلها تستلزم مصروفات عالية مرتفعة ومضاعفة، ولا ضابط ناظم لها فعلياً، كونها في حالة انفلات بين يوم وآخر، وأحياناً بين ساعة وأخرى، ولاشيء يحكمها سوى جشع المشتغلين بمختلف شرائحهم الذي لا يخضغ لمعيار يقارب الحدود الدنيا المقبولة أو المعقولة.

 * دور رقابي شامل لحماية المستهلك على صعيد محافظة اللاذقية

من جانبه، أوضح رئيس دائرة حماية المستهلك في مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك باللاذقية ، رائد عجيب ل..(الوحدة) عن دورهم الرقابي فيما يخص السوق السوداء على صعيد محافظة اللاذقية، نوجزه بالآتي:

نقوم بضبط المخالفة وسوق المخالف موجوداً إلى القضاء المختص أصولاً، وتغريمه بثلاثة أضعاف سعرها في حال كانت تلك المادة مدعومة من الدولة، وإذا لم تكن مدعومة، فيتم تنظيم الضبط بالمخالفة، ومصادرة كميات المادة كافة، وتغريم المخالف بسعرها، وتقديمه إلى القضاء حالاً. مؤكداً أن عمل دائرة حماية المستهلك مستمر هكذا بشكل عام، وخصوصاً بالنسبة للمواد، التي يتم الاتجار بها في السوق السوداء، وذلك من خلال دوريات الرقابة التابعة للدائرة، أو بالاعتماد على الشكاوى الواردة إليها، أو عن طريق صفحات التواصل الاجتماعي، مشيراً إلى أنه بالنسبة للمواد الغذائية، التي تتم المتاجرة بها في السوق السوداء، نقوم بعملية مصادرة البضاعة، وتسليمها إلى السورية للتجارة، وبالنسبة لمادة الإسمنت، تجري كذلك عملية مصادرة البضاعة، وتغريم المخالف بسعرها، وتسليمها إلى مؤسسة عمران.  لافتاً إلى أن دورهم بالنسبة لمحطات المحروقات يتم وفقاً لآلية متبعة بجرد كميات الاحتياطي المتواجدة فيها من البنزين، أو المازوت بشكل دائم دورياً، وأي نقص يلاحظ في ذلك يتم تنظيم ضبط مخالفة للمحطة وتغريم للمادة ، ويساق المخالف موجوداً إلى القضاء المختص، وتغلق المحطة لمدة ثلاثة أشهر. منوهاً، أن دائرة حماية المستهلك باللاذقية، قد نظمت ٣٢٢ضبطاً لمخالفات متنوعة بمواد مدعومة من قبل الدولة، واحتكاراً لمواد غذائية أساسية مختلفة، وذلك منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية الشهر الخامس منه.

– دور رقابي محدد لمديرية المهن والشؤون الصحية بمدينة اللاذقية

كما هو معلوم، تباع في السوق السوداء، وفي بعض المحال أيضاً العديد من منتجات المواد الغذائية، التي قد تكون غائبة عنها معايير الجودة، وبالتالي عدم ضمان الشروط الصحية المتعلقة بالسلامة الغذائية لها.. و للوقوف على ماهية دور الرقابة الصحية للحد من انتشار هذه الظاهرة غير الطبيعية بيّن مدير المهن والشؤون الصحية في مجلس مدينة اللاذقية ، م. كنان سعيد، بالآتي: يتم الكشف على المحال والأسواق بمدينة اللاذقية، التي تباع فيها المواد الغذائية، والتأكد من صلاحية المواد للاستهلاك الغذائي الصحي والسليم، وعند ضبط مواد منتهية الصلاحية أو غير صالحة للاستهلاك البشري أي أنها (فاسدة)، فيتم عندئذ إتلافها، وإغلاق المحال التي تنتجها، أو تبيعها، كما يتم تنظيم الضبوط اللازمة أصولاً بحق المخالفين عن تلك المخالفات حسب أنواعها، بالتعاون مع مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك.. وتلكم، هي ماهية دورنا الدائم في إطار عملنا بمديرية المهن والشؤون الصحية، الذي نتابعه بشكل مستمر يومياً، إضافة إلى استقبال الشكاوى من المواطنين المتعلقة منها بمهام مديريتنا، و معالجتها باتخاذ الإجراءات اللازمة وفقاً للقوانين والأنظمة النافذة. . 

– ضرورة تضافر الجهود للقضاء على الغلاء الفاحش .. وانتشار السوق السوداء

إنه من الصعب حسم أمر الانتهاء من وجود السوق السوداء في كل ماتحويها من أنواع السلع والمواد، أو حتى بعضها من دون توافرها بالأسواق المحلية العامة، وبكميات كبيرة منها، وبأسعار مدروسة ومتوازنة تعوض عن التكاليف والأجور الحقيقية المعقولة، مع هامش ربح بسيط، وإلا فإن شياطين السوق السوداء ستبقى سطوتهم و هيمنتهم قائمة وخانقة تكوي بلهيب نار أسعارها جيوب أغلب الناس. ولذلك، بيت القصيد في هذا المقام، يكمن بضرورة التأكيد على تضافر الجهود الحثيثة للجهات الرقابية والصحية معاً، وبالتشاركية مع الأجهزة المحلية كافة، فضلاً عن الدور المناط بوسائل الإعلام الوطني بمثل هذه الأمور، وذلك بما يحقق مصلحة الشرائح الأوسع من المجتمع و بمؤازرة السلطات التنفيذية المعنية: المركزية واللا مركزية لاجتثاث السوداوية اللانهائية للسوق السوداء من جذور وجودها نهائياً!.

الحسن سلطانة

تصفح المزيد..
آخر الأخبار