من المســــؤول عن تفــــاوت أســــعار الخضـــار في نفــــس الســــوق؟

العدد : 9550
الأحد 15 آذار 2020

 

تنقلت أم أحمد بين جميع محلات الخضار حائرة متسائلة بينها وبين نفسها، السؤال الصعب: ماذا سأطبخ للأولاد، وما الذي سأجهزه لهم، وكل يوم يزداد السوق غلاء وترتفع الأسعار بشكل جنوني يكوي الجيوب والقلوب، التقيناها صباح الخميس وهي تحدث نفسها خلال جولتنا للاطلاع على آخر مستجدات أسعار الخضار في مدينة القرداحة لتقول لنا: (والله شي بيجنن) كيف لنا ونحن عائلة مؤلفة من أربعة أبناء وأنا وزوجي ولا مدخول لنا إلا راتب زوجي أن نتعايش مع هذا الوضع ونتأقلم معه ونقدم لأبنائنا ما يغذيهم ويفيد صحتهم، كل يوم أحتار أكثر وأحاول بشتى الطرق أن أحتال على الظروف، وها أنا أتنقل بين المحال لأجد الأرخص والأنسب لوضعنا وظروفنا وخاصة أن الفارق بالأسعار بين محل وآخر يدعو للاستغراب، فما دامت خضارنا من نفس المنشأ فلماذا هذا التفاوت بالأسعار ولماذا هذا الفرق بين مكان وآخر؟

* السيد طلال عطاف قال: أسعار الخضار غير طبيعية ولا واقعية ولا معقولة، والتباين بالأسعار واضح، وأكبر دليل أن غالبية الناس تتردد على محلين أو ثلاثة في كل المدينة لأنها الارخص، علماً أنهم يربحون ولكن بشكل معقول، وأضاف: ذهبت في الصباح لاشتري بصلاً يابساً (فريك) لأجد أن أسعاره في كل محل مختلفة عن الآخر، فهذا يبيعه ب٦٠٠ ليرة وجاره يبيعه ب ٦٥٠ والثالث ب ٧٠٠ ليرة سورية علماً أنه نفس النوعية ولكن تجارنا دائماً يتحججون بأجرة سيارات نقل الخضار من سوق الهال في اللاذقية أو جبلة إلى القرداحة.
* السيد لؤي عثمان قال: منذ زمن طويل ونحن نشكو من غلاء أسعار الخضار والفواكه في القرداحة، ومن الفارق الكبير بينها وبين أسعار اللاذقية أو جبلة، علماً أنهم يربحون في مبيعاتهم في كلا المدينتين، ولكن هامش الربح عندنا كبير جداً دون مراعاة لوضع الناس الاقتصادي الصعب، وبالنسبة لي كموظف بصراحة لا أشتري من هذه المحلات إلا إذا كنت مضطراً، حيث أذهب يوم عطلتي على دراجتي وأشتري كل ما نحتاجه من سوق خضار جبلة لأوفر على نفسي وعائلتي مبلغاً جيداً نشتري به أشياء أخرى.
* السيدة فيروز قالت: لا محل خضار يبيع كالآخر، هناك فارق بين كل مادة وأخرى أكثر من مائة ليرة، وأحياناً مائتي ليرة علماً أن المحلات متقاربة من بعضها وأحياناً متلاصقة، ولكن كل منهم يشيد ببضاعته وبنوعيتها وجودتها عندما نسأله لماذا تختلف أسعاره عن غيره.
* السيد فؤاد قال: يتحجج باعة الخضار في منطقتنا بقلة المبيعات متناسين أسعارهم المرتفعة والفارق الكبير بأسعارهم وأسعار المناطق الأخرى، وأسعارهم بين بعضهم في نفس الشارع، ولكن يلجأ المواطن إلى الأماكن الأكثر رخصاً بما يناسب دخله المحدود جداً، والفقير يقول سأشتري بندورة (مشي حالي) وحال أولادي فيها ولن آخذها غالية وأضاف: نحن بحاجة للتدبير والحكمة في قضاء حاجاتنا وشراء لوازم حياتنا وخاصة في ظل هذه الظروف الصعبة التي لا يتناسب فيها دخلنا مع مصروفنا.
وللحقيقة ومن خلال تجوالنا بين محلات الخضار والفواكه في مدينة القرداحة صباح يوم الخميس ١٢/٢/٢٠٢٠ لم نجد محلاً يبيع كالآخر فالبطاطا مثلاً والتي كانت تعتبر أكلة الفقير تتراوح أسعارها من ٢٥٠ ليرة نوعية سيئة ورديئة إلى ٥٥٠ ليرة حسبما يقولون سبونتا مالحة والبندورة كذلك الأمر من ٢٥٠ إلى ٥٥٠ ليرة والفول الأخضر ما بين ال ٦٠٠ إلى ٨٠٠ ليرة، والباذنجان يباع في محلات ب٥٥٠ ومحلات أخرى ب٦٥٠ ومحلات ثانية ب ٧٥٠ ليرة، كذلك الأمر بالنسبة للكوسا حيث تباع في أماكن ب ٤٥٠ ليرة وأماكن ثانية ب ٦٠٠ ليرة وأماكن أخرى ب ٥٥٠ ليرة والبصل الأخضر يباع ب ٤٥٠ ليرة في أحد المحال ويباع في محل آخر ب ١٠٠٠ ليرة ونراه بمكان آخر ب ٨٠٠ ليرة سورية، وهناك أيضاً فارق كبير في المحلات بالنسبة للزهرة التي تباع هنا ب ٣٠٠ ليرة وهناك ب ١٥٠ ليرة سورية.ومن خلال توجهنا لبعض البائعين والتجار بمدينة القرداحة بالسؤال حول هذا الوضع فكانت لهم آراء مختلفة ايضاً، فقد أجابنا السيد منهل إبراهيم وهو تاجر جملة ومفرق بأنه عندما يتسوق يجلب كميات كبيرة كونهم يملكون محلي خضار في السوق بالإضافة لكونهم تجار جملة أيضاً ويجلبون الخضار لبعض المحلات الأخرى ما يخفف عنهم أسعار وأجورات النقل كونها تتوزع على الجميع، وأضاف: الخضار غالية من البازار وأغلب الزبائن من ذوي الدخل المحدود وعلينا أن نراعي الجميع ولذلك أنا أبيع بسعر معقول جداً وبهامش ربح بسيط ولذلك نكون من أوائل التجار الذين تباع بضاعتهم باكراً وننهي عملنا ونغلق محلاتنا ونعود إلى بيوتنا بينما المحلات التي تبحث عن هامش ربح كبير ترى البيع عندها قليلاً والزبائن بأعداد قليلة جداً ولا يغلقون محالهم قبل وقت متأخر من المساء.

* السيد نظير محمود قال: أسعارنا غالية لأننا نشتري النوعية الأفضل والبضاعة الممتازة ولنا زبائننا الذين لا يقبلون بأقل منها جودة.
* السيد عاطف أحمد قال: تتحكم بأسعار الخضار عدة أمور منها العرض والطلب ونظافة الخضار وجودتها ويضاف إليها أجور النقل الكبيرة من سوق الهال في اللاذقية وأجور العمال وسعر الأكياس التي ترتفع أسعارها كل يوم عما قبله مثلاً هذه الكوسا الممتازة التي أبيعها ب٦٠٠ ليرة كالكوسا التي تباع في المحلات الأخرى ب٤٥٠ ليرة، ولا هذه البطاطا الممتازة من نوع السبونتا والتي أبيعها ب ٥٥٠ ليرة كالبطاطا المخزنة والتي تباع ب ٤٠٠ ليرة.
* السيد هاني قال: تتحكم في مبيعاتنا جودة المادة وتكاليف النقل الباهظة وذوق الزبون، وأضاف: الأسعار من المنشأ متفاوتة ومرتفعة والسوق عرض وطلب والبضاعة الممتازة لها زبائنها والمتوسطة أيضاً لها زبائنها ورغم أن العديدين يتحججون بارتفاع الأسعار إلا أننا نبيع دائماً بتسعيرة أقل من تسعيرة التموين.
* وقال سائر محمود: تتحكم نوعية الخضار بالأسعار ونحن نجلب بضاعة متوسطة الجودة لنرضي كافة الزبائن.
* كذلك الأمر بالنسبة للفروج فقد أشار السيد عدنان والذي كان يبيع كيلو الفروج ب ١٤٠٠ ليرة إلى لعب التجار الآخرين الذين يبيعون بسعر أقل يصل إلى ١٣٠٠ ليرة بالأوزان وشرح لنا أن الجميع نزّلوا الفروج صباح الخميس من نفس السيارة التي توزع لكافة بائعي الفروج في المنطقة بسعر ١٣٥٠ فكيف يبيعون ب ١٣٠٠ أو ١٣٥٠ دون أي ربح يعود لهم إن لم يغشوا أو يتلاعبوا بالوزن وللأسف إن المواطن يصدق أنهم أرخص وينجر خلف أكاذيبهم، وأضاف: جميعنا نتمنى أن ترخص الأسعار ليتحسن عملنا ولتعود مبيعاتنا جيدة كالسابق.
وأخيراً: هذا واقع الحال في سوق القرداحة كل يرمي الكرة في ملعب الآخر والجميع دون استثناء يتأففون من أجور النقل من أسواق الهال إلى محلاتهم وهي فرصة نتساءل فيها لما لا يوجد سوق هال في القرداحة كباقي المدن يوفر على المزارعين والمواطنين والتجار هذا العناء ولماذا على المواطن هنا أن يدفع ضريبة هذا الغلاء وهذه الأجور مضاعفة في كل مرة يشتري فيها على الأقل كيلو من البندورة أو البطاطا وليسير في الشارع وحيداً يكلم نفسه ويلعن هذا الغلاء.

سناء ديب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار