العدد: 9535
الأحد:23-2-2020
بدأ المزارعون بتحضير أراضيهم لزراعة مختلف المواسم في ظل غياب كامل لأهم عنصر في العملية الزراعية ألا وهو السماد الكيماوي، كيف ومن أين ومتى سيتمكنون من الحصول على السماد وما الحل أو البديل؟ كلها تساؤلات الفلاحين الذين يتجرعون كؤوس الخيبة من فقدان مادة السماد، وللوقوف على آراء الفلاحين وسماع شكواهم تعبيراً عن معاناتهم، كذلك القائمون على الجمعيات الفلاحية التي بالعادة تقوم بتأمين مادة السماد وتوزيعها عليهم التقينا السيد مضر الخطيب رئيس الجمعية الفلاحية في السخابة فقال:
السماد غير متوفر في الجمعيات الفلاحية وإن توفر بالسوق السوداء وذلك نادراً فقد وصل سعره إلى أرقام خيالية، وبعض المزروعات كالتبغ والخضراوات والزيتون والحمضيات فمزارعها لديه بديل إذ يتمكن من التعويض عنه بالسماد الطبيعي، إلا القمح فهذه مشكلة حقيقية وهذا هو التوقيت المناسب من كل عام في شباط للتسميد، والسماد مفقود وبالتالي سيكون المحصول غير ذي إنتاجية جيدة ليذهب تعب المزارع سدى مع تكاليفه حتى وصل إلى هذه المرحلة، وأضاف السيد الخطيب أنه تم توزيع 12 طناً من السماد منذ فترة، في حين أن الحاجة الفعلية تفوق 75 طناً ورغم تواصلنا مع المصارف الزراعية في المنطقة والرابطة الفلاحية، والجواب دائماً: لا يوجد سماد، ونحن منطقتنا فيها مساحات هائلة مخصصة للزراعة ومشكلتنا في الساحل أنه إذا ضرب موسم القمح لا يتم التعويض بليرة واحدة لأن القمح لا يعتبر موسماً استراتيجياً في الساحل كما الزيتون وفي العام الماضي سقطت أمطار غزيرة بداية الموسم وفي شباط حدث انحباس للأمطار والقمح في المرحلة اللبنية للحبة وفي العامية نقول (القمح انسفح) ما أدى إلى ضمور وعدم اكتمال ونضج الحبة ومع ذلك لم يعوض لنا صندوق الكوارث بليرة واحدة.
* وفي جمعية بسطوير الفلاحية أكد السيد محمد أحمد رئيس الجمعية الفلاحية (وهو أيضاً يزرع الدخان والزيتون) أن مشكلة حقيقية تواجه الفلاحين بعدم توفر السماد الكيماوي وهم يتهيؤون للتحضير لزراعة التبغ وتسميد الأشجار المثمرة زيتون، تفاح، عنب، كرز… ولا تبدو أي إشارة أو حل يلوح في الأفق حول توفر السماد.
* السيد علي الباشا قرية النواقير قال: أنا وأهلي نزرع حوالى خمسة دونمات دخان وهناك نقص كبير في مادة السماد والفلاحون في القرية كلهم يعتمدون على زراعة الدخان ولا حول لنا ولا قوة إذ أن مواسمنا أصبحت مهددة إثر ذلك، عدا عن تهديد الظروف الجوية التي تباغتنا سنوياً، حاولنا اعتماد البديل للسماد الكيماوي بالطبيعي ولكن حتى هذا أصبحت أسعاره فلكية، وأنا بحاجة 25 كيساً كل عام، وأما السماد الطبيعي فسيارة السماد الطبيعي التي كان سعرها 35 ألف ليرة أصبحت الآن ما يفوق 45 ألف ليرة (عجبك اشتري ما عجبك اصطفل) وهذه الزيادة كلها في ظل انعدام السماد الكيماوي.
* السيد هاني عباس أيضاً مزارع دخان بنفس القرية: وصل سعر كيس السماد يوريا46 وهو النوع المرغوب في زراعاتنا إلى حوالى 17500 ليرة وهناك نوعية جودتها أقل أيضاً سعر الكيس منها 13500 ليرة في حين كانت تعطينا الجمعية الفلاحية النوع الممتاز بسعر 9200 ليرة كأقصى حد، وقد سجلنا على حاجتنا من السماد لدى الجمعية منذ الشهر الثاني عشر بالعام الماضي وإلى الآن لم يتوفر، وحسب أحوالنا المادية الصعبة لا يمكننا شراؤه بالسعر الحر، والمتوفر بالسعر الحر جودته أقل لذلك نحن بين نارين.
* السيد محمود محمد من جيبول مزارع لديه زيتون ويزرع الدخان قال: تعودنا كل سنة أن نشتري السماد الكيماوي حين استخدامه أي أنه كان متواجداً وعند الطلب متى أردنا إن من أجل الزيتون أو الدخان لم نكن نعلم هكذا سيصير معنا وإلا كنا حسبنا حسابنا واشترينا وحضرنا وأخذنا احتياطاتنا، فجأة انقطع من المصارف والجمعيات، ولا نعرف ماذا نفعل، والسماد الطبيعي صارت أسعاره أيضا عالية جداً.
* السيد أيهم إبراهيم من عين غنام: أزرع ثلاثة دونمات دخان وأزرع الخضار، لم نتمكن من تأمين السماد الكيماوي، منذ ثلاثة أشهر اشتريت سيارة سماد طبيعي بسعر45000 ليرة الآن تباع بـ 50000 ليرة وكيس مخلفات الدجاج يستخدم كسماد للدخان كان سعر الكيس العام الماضي 600 ليرة الآن900 ليرة ولا يتجاوز وزنه بأحسن الأحوال 20كيلو غراماً، ورغم كل هذا تأتي أحيانا الظروف الجوية وتقضي على كل شيء العام الماضي كل موسمي لم يغط ثمن السماد والمبيدات (والشكوى لغير الله مذلة).
وفي ضوء ما سبق في كل القرى نجد أن المزارع المسكين يعتمد على السماد الكيماوي لتحسين جودة و إنتاجية موسمه الذي يبقيه على قيد الحياة ولو فكر بالبديل لن يكون الوضع بالأفضل، وزراعة بدون سماد يعني إنتاجية ومردوداً ضئيلين، وما لا يفعله نقص السماد بشقيه، تتكفل به الظروف الجوية، لينطبق على الفلاح القول بعد تحريفه (كل الدروب تؤدي إلى إفقار الفلاح) فما الحل؟
آمنة يوسف