الأســـــمدة.. إن توفـــّرت فأســعارها كاويـــة

العدد: 9535

الأحد:23-2-2020

 

على ذمّة بعض المزارعين فإن السماد متوفر بالسوق السوداء، وهنا يبرز السؤال الأمرّ: كيف ذلك؟
كتبنا في مثل هذه الأيام من العام الماضي ما ملخصّه: (… هناك ما يشبه التعمّد بتأخير وصول السماد إلى الجمعيات الفلاحية، ومنها إلى المزارعين، ولا يحضر إلا حين تنتفي الحاجة له، ما يعدل المزارع عن استلام مخصصاته لأنه يكون قد دبّر نفسه، وليقول تجار القطاع الخاص كلمتهم، ويستجرّون ما في مستودعات هذه الجمعيات بطريقة ما، ويخزّونه إلى بداية الموسم التالي فارضين السعر الذي يريدونه تحت وطأة الحاجة الماسة..)، وربما هذا ما يفسّر تواجد السماد في السوق السوداء كما يشير المزارعون..
لا ننكر (المقولات الرسمية)، وأي معمل معرّض للتعطّل، لكن وبما أنّ الجميع يقول إن مسألة الإنتاج الزراعي تتربع في المرتبة الأولى من حيث الاهتمام، فإن تجهيز كلّ شيء لها قبل أوانه بوقت كافٍ هو التفكير الصحيح إلا إذا كان النسيان يضرب أطنابه لدى من يقود العملية الزراعية، ومعنى هذا الكلام، (ومعظمنا أبناء فلاحين) أنه كنّا في السابق نرى على مدار أشهر السنة سيارات السماد وهي تفرغ حمولتها في مستودعات فروع المصرف الزراعي والجمعيات الفلاحية، وعندما تبدأ دورة زراعية ما يحصل كلّ مزارع على ما يحتاجه..
الزراعة حجر الأساس في المشهد الاقتصادي الوطني، وبالتالي فإن التخطيط الصحيح لها هو ما يضمن أن تبقى كذلك، والرقم واحد هنا ذو شقّين، الأول توفّر المادة، والثاني أن تكون أسعارها ضمن قدرة المنتج الزراعي على شرائها، ولأن الشكاوي التي بين أيدينا تتحدث عن غيابها وعن ارتفاع أسعارها فمعنى ذلك أننا أمام مشكلة حقيقية..
لن نتحدث بالنيابة عن المزارعين وسنفرد المساحة التالية لهم وللجمعيات الفلاحية لتشخّص هذه المشكلة وآثارها على المواسم الزراعية، والمشهد الذي ننقله من هنا مشابه للصورة في طرطوس أيضاً…

حاجــــــة ملحــــة لإنقـــــاذ مواســـــــم المزارعـــــــين…

كلنا يعلم أنه طالما كان فلاحنا بخير فإن البلد بخير، وكل دعم يقدم له ينعكس إيجاباً على الجميع دون استثناء، ولكنه للأسف خلال هذه الأيام يئن تحت وطأة غلاء الأسعار بشكل جنوني لكل ما يتعلق ويخص أرضه وزراعته والذي زاد الطين بلة فقدان بعض المواد الضرورية لزراعته في وقت حاجته الماسة لها كالأسمدة والتي هي محور حديثنا لهذا اليوم، فقد كان فلاحونا يطالبون في كل اجتماعاتهم ومؤتمراتهم بالنظر بعين الاعتبار لأسعار الأسمدة المرتفعة وتخفيضها ولكنهم بدل الاستجابة لطلباتهم تفاجئوا بفقدانها بعز وقت الحاجة لها دونما سبب مقنع بالنسبة لهم فارتفعت أصواتهم لعلها تصل لمن بيده الأمر أن انقذونا وانقذوا مواسمنا وزراعتنا لنحافظ معاً على بلادنا لتبقى بخير .

* مازن بركات قال: معيشتي وعائلتي تعتمد على ما ننتجه من الأرض إذ أنني أملك خمسة عشر دونماً أزرعها قمحاً وليموناً وزيتوناً ولكن يبدو هذا العام لا مواسم ترجى نتيجة فقدان الأسمدة في وقت استخدامها تماماً وكل مطالباتنا لم تجدِ نفعاً، فماذا سيحل بالفلاح الذي لا مصدر رزق ثان له ومن سيعوض له مواسمه وخساراته المتلاحقة ولمصلحة من انقطاع الأسمدة عن الفلاح في وقت حاجتها؟
* سليمان محمد الخطيب من قرية السفرقية قال: أستثمر ١٥٠ دونماً من الحمضيات كضمان بشكل دائم وأعيش وأسرتي من هذا العمل حيث نمضي كل وقتنا في الاهتمام بها ولكن لا نعلم ماذا سيحل بنا هذا العام نتيجة نقص الأسمدة من بداية الموسم وكلنا نتساءل لماذا؟ ألم يكن يكفي غلاؤها حتى تُفقد وتتأذى محاصيلنا ومواسمنا؟ ألا يكفينا الخسارات المتلاحقة في مواسم الحمضيات والتي أحياناً كثيرة نخرج معها (عب براس) يعني بالكاد تخدم نفسها أما أتعابنا فتذهب هباء وإلى الآن نصبر ونواسي أنفسنا بانه لابد من حل يرضي الجميع في قادمات الأيام، وأضاف: بصراحة حاولت أن أشتري من معامل خاصة لدعم الاشجار الصغيرة ولكن سعر الكيلو الواحد ما بين ٤٠٠ و٦٠٠ ليرة وهذا ما يفوق قدرة أي مزارع ولذلك جلسنا نترقب الوضع لعجزنا عن الإتيان بأي حل منتظرين الفرج.
* أبو حسين قال: لماذا لا يسمع أحد أصواتنا؟ طالبناهم بتخفيض أسعار الأسمدة فقطعوها تماماً،نحن نحارب بكل الوسائل لنحافظ على أرزاقنا وأشجارنا ومواسمنا ونحتاج لدعم الدولة لنستمر، وها قد مر موسم تسميد الزيتون للعقد دون أن يتوفر لنا ولو جزء من حاجتنا، وهذا السماد ضروري جداً لشجرة الزيتون لتغذية الشجرة وتحسين وزيادة إنتاجها.
* غزوان بركات مزارع ورئيس الجمعية الفلاحية في قرية البيطار قال: كان الله بعون الفلاح مما يتحمله إنه كالذي ينحت بالصخر ليخرج لقمة عيشه، وأضاف: معاناتنا حقيقية، فمن غلاء الأسمدة إلى عدم توفر الكميات المطلوبة لدعم الزراعة إلى فقدانها بشكل نهائي، والفلاحون يطالبوننا بشكل دائم ومستمر بتوفير مستلزماتهم من الأسمدة وخاصة أنه يتبع لجمعيتنا أكثر من ١٠٠٠ دونم مزروعة حمضيات و٨٠٠ دونم سليخ وجميعها بأمس الحاجة للأسمدة وتساءل: أين التسهيلات والخدمات التي يجب أن تقدم للفلاحين؟ أين الدعم وأهم العناصر الضرورية للزراعة كالأسمدة مفقودة دون معرفة الأسباب.
* أكرم حبيب رئيس جمعية خريبات القلعة قال: في جمعيتنا أكثر من ٤٠٠ دونم مزروعة بالقمح و١٠٠ دونم بالشعير بالإضافة إلى مساحات الزيتون، وكلها بحاجة أسمدة، وجاء قطع الأسمدة بهذا الوقت وهذا يعني ضعف المواسم وانعدام إنتاجيتها وموتها وهذا ما ينعكس سلباً على الأهالي الذين يعتمدون على مواسمهم في معيشتهم فما السبب بعدم توفر الأسمدة وبماذا نجيب الفلاحين الذين يسألوننا كل يوم ألف سؤال وسؤال عن عدم سبب توفرها وتأخرها.
* عبد المنعم زيدان رئيس جمعية رسيون الفلاحية قال: قريتنا كلها زراعية وفيها حوالى ١٦٠٠ دونم مزروعة حمضيات بأنواعها وزيتوناً وخضاراً وتبغاً، والأسمدة مادة أساسية للزراعة ونقصها ينعكس سلباً على المزارعين والقرية وكل البلد لأن الفلاح من دعائم اقتصاد البلد ولذلك يجب دعمه والاهتمام بأحواله واحتياجاته. وأضاف: ماذا سنستفيد من السماد المركب وهو الذي يوضع لزيادة عطاء الشجرة وحملانها ويوضع للزيتون والليمون مؤكداً أنه ما من فائدة منه وقد تأخر على التسميد به نتيجة عدم توفره، أما الخضار فقد انتهت تماما لعدم دعمها بالأسمدة الضرورية وهذا كله سيضاعف من أسعار الخضار وسيعاني الجميع من الغلاء لعدم دعم الفلاح وتأمين مستلزمات عمله في وقتها، كنا ننتظر قراراً بتخفيض أسعارها لنتفاجأ بفقدانها نهائياً، وأضاف: غلاء المعيشة أثر على الفلاح الذي يأكل من كده وتعبه كما أثر على الغالبية فالفلاح الذي كان يشتري طناً من السماد صار يشتري عشرة أكياس فقط لغلائه رغم حاجة أرضه لضعفي الكمية، ولذلك نطالب بالاهتمام بوضع الفلاحين والمزارعين وتأمين مستلزمات عملهم بيسر وسهولة ودعمه بكل السبل ليمارس عمله الشاق بالأصل وليظل يدعم مجتمعه واقتصاد بلده بكل قوته.
* كذلك التقينا السيد كاظم صقر رئيس الرابطة الفلاحية في القرداحة وسألناه حول سبب تأخير الأسمدة فأجابنا: نقوم بشكل دائم ومستمر بالمطالبة من الاتحاد العام للفلاحين بالإسراع والعمل لإنهاء هذه الأزمة الحقيقية التي يعاني منها كافة مزارعينا كونهم بحاجة ماسة للأسمدة في هذه الفترة تحديداً كونها الفترة الأنسب للتسميد، وما من نفع ولا فائدة لها بعد هذا الوقت، وللحقيقة يراجعنا بشكل يومي في الرابطة عشرات رؤساء الجمعيات وعشرات المزارعين والذي صار موضوع فقدان الأسمدة هاجسهم للاستفسار عن أي جديد فيما يخص الأسمدة خوفاً على مواسمهم وبساتينهم ويطالبوننا بدعمهم وإيجاد الطرق التي تسهل طلباتهم ونحن بدورنا نقوم بنقل معاناتهم إلى الاتحاد العام ولإدارة المصرف الزراعي في دمشق ودائماً ما يتم وعدنا بأنه خلال الأيام القريبة القادمة ستحل المشكلة.
السيد مفيد عباس مدير المصرف الزراعي بالقرداحة قال لنا ايضا في هذا الجانب : حسب المعلومات الواردة من الادارة العامة بأن المعامل الثلاثة عادت للعمل بعد اجراء الصيانة الضرورية لها من حوالى الاسبوع .
واضاف :علما انه في اثناء صيانة معامل الاسمدة طرحت الادارة العامة مناقصة لاستيراد الاسمدة الازوتية وتوفيرها للمزارعين خلال اوقات الصيانة ولكن للاسف لم يتقدم اليها اي احد . وهم يعدوننا بشكل مؤكد ان المادة ستتوفر بأنواعها خلال اقرب وقت وسنفاجئ بالسيارات المحملة بالاسمدة امام المصرف .واضاف :مع العلم انه تم توزيع نحو ال٢٥%فقط من احتياج هذا الموسم كون الموسم يمتد من الشهر العاشر وينتهي في نهاية الشهر الثامن بما يخص زراعات المنطقة الساحلية وقد كان قسم منها مخزن في رصيد المستودعات من الموسم الماضي وقسم اخر تم ارساله بحدود ١٥٠ طنا سوبر وسيارة واحدة ٤٠ طنا من اليوريا علما ان حاجة المنطقة بالموسم كحد ادنى ٢٠٠٠ طن آزوت و٨٠٠ طن سوبر .ولفت ان ٦٠% من المزارعين لم يتمكنوا من استجرار السوبر لمحصولي الزيتون والليمون لان فترة تسميد هذه المادة تبدأ من بداية كانون الاول وتستمر حتى نهاية كانون الثاني ايضا لم يستطع مزارعي القمح في المنطقة من اعطاء دفعة اسمدة للقمح لان فترة تسميد القمح تكون خلال شهر شباط . واضاف عباس بأن مستودعات المصرف خالية تماما من اي كمية اسمدة باستثناء مادة سلفات البوتاسيوم المخزنة من العام ٢٠١٧ . وحول سؤالنا عن سبب تواجد هذا النوع وعدم اقبال الفلاحين على شرائه خلافا لغيره اجابنا بعض رؤساء الجمعيات الذين حضروا الحديث بان المزارعون لا يستطيعون شرائها لغلاء اسعارها حيث ان سعر الطن الواحد ٤١٢ ألف ليرة سورية .وبين عباس في ختام حديثه ان مراجعات المزارعين ورؤساء الجمعيات الفلاحية مستمرة للمصرف مبيننا ان الاضابير والتراخيص والموافقات الامنية وكافة الاستعدادات الادارية جاهزة في المصرف لتوزيع الاسمدة مباشرة في حال ورودها .

سناء ديب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار