العدد: 9492
الأربعاء:18-12-2019
يُعد عقد الشراكة عبارة عن ترتيبات مشتركة بين القطاعين العام والخاص تُسخر فيها القدرات لتقديم الخدمات الضرورية لتلبية حاجات الناس، وبموجب هذه الشراكة يقوم القطاع الخاص بتمويل وإنشاء وصيانة مشاريع مختارة من مجمل مشاريع البنية التحتية ومن ثم تسليمها بموجب عقود محددة للدولة والتي تقوم بدورها بتقديم تلك الخدمات للمواطنين، ويقوم جوهر هذه الشراكة على تقديم القطاع العام للخدمات التي يجب تقديمها بشكل اعتيادي مع ملاحظة أن المُنشأ والمُمول للمشروع هو القطاع الخاص وهو الذي يملك المشروع خلال فترة التعاقد ومع نهاية عقد الشراكة تؤول أصول المشروع إلى القطاع العام.
يمثل إتمام الشراكة على أُسس سليمة عاملاً مهماً من وجهتي النظر الإدارية والاستراتيجية فمن الناحية الإدارية تتضمن أغلب المكاسب المحققة جودة مُخرجات المشروعات وتميز الخدمات المقدمة نظراً لكفاءة ودقة القطاع الخاص في عملية التنفيذ بحيث يستخدم الأصول المتاحة للمشروع بكفاءة متميزة وخاصة إذا ما كانت التصميمات متكاملة، ومن الواضح أن التوسع في تقديم الخدمات لمواجهة الزيادة السكانية يعتبر أمراً بالغ الضرورة للمحافظة على مستوى الخدمات المقدمة وجودتها، ومن الناحية الاستراتيجية فإن عقود الشراكة تُحسن من مستوى درجة المصداقية بتحديد المسؤوليات والتركيز على العناصر الأساسية للخدمة فلمشاركة القطاع الخاص دور كبير في إدخال عنصر المنافسة وتوسيع نطاقها لتقديم أجود الخدمات بالنوعية والكمية والكفاءة.
أثبتت الدراسات بأن هناك علاقة قوية بين البنية التحتية والتنمية الاقتصادية، فالبنية الكفؤة تؤدي إلى إيجاد وظائف وتُطور رأس المال البشري وتَجذب الاستثمارات وتُوسع رقعة التجارة وتَرفع نسب معدلات الإنتاج ومستويات المعيشة وتَزيد الإنتاجية وتُنشط الأسواق المالية، ويلجأ عادة القطاع العام إلى شراكة القطاع الخاص في تنفيذ المشروعات لأنها تحقق مصالح القطاعين بإيجاد فرص مجدية للاستثمار وتقديم أمثل وأفضل الخدمات للمواطنين، وتتميز مشاركة القطاع الخاص بقدرته على توفير مصادر تمويلية جديدة ورفد خزينة الدولة بإيرادات إضافية وخفض فترة وكلفة تطوير عموم المشروعات وتحسين كفاءة التشغيل كما تعود هذه الشراكة بالفائدة على الكفاءة الإدارية للقطاع العام من حيث توجيه الموارد البشرية والإدارية إلى مجالات استراتيجية أخرى، وتتضمن مزايا الشراكة بين القطاعين زيادة في أصول القطاع العام بعد انتهاء مدة العقد من خلال عودة أصول المشروعات إليه قانونياً.
يتم تمويل مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص من مصادر متعددة وشتى كالقروض من المؤسسات المالية وعملية طرح السندات والأسهم العادية التي تمثل جزءاً من ملكية المشروع، ويتولى بعد ذلك القطاع الخاص تنفيذ المشروع وتشغيله وفقاً لمتطلبات القطاع العام ويتحمل القطاع الخاص كل مخاطر البناء والتمويل والتصميم وزيادة التكاليف وظروف التأخير، ومع البدء بتقديم خدمة التشغيل يَستعيد كل هذه التكاليف إضافة الى مصروفات التشغيل وبما أن استعادة التكاليف مرتبطة بجودة الخدمة فيتوجب التخطيط بعناية لكل تفاصيل المشروع للتمكن خلال فترة مقبولة من تحقيق الأرباح واسترداد وتغطية كل المصروفات.
يَتمحور دور القطاع الخاص في حالة الشراكة بالتمويل والبناء فقط مع إمكانية المشاركة بالإدارة تحت إشراف القطاع العام، وأما في إطار الخصخصة فإن القطاع الخاص يقوم بالتمويل والبناء والتشغيل لفترة محددة يَسترد خلالها رأس المال المدفوع لإنشاء المشروع مع العوائد المتوقعة بناءً على دراسة الجدوى، وعليه فإن القطاع الخاص في حالة الخصخصة يكون مسؤولاً بشكل مباشر عن إدامة المشروع من تشغيل وإدارة وصيانة بغض النظر عن العوائد التي تعود عليه ربحاً أو خسارة، بينما في حالة الشراكة فإنه غير مسؤول عن العوائد التشغيلية لأنها من مسؤولية القطاع العام فقط.
د. بشار عيسى