العـــــدد 9489
الأحـــــد 15 كانون الأول 2019
في مطلع ثمانينيات القرن الماضي، كان اتحاد الفلاحين يتابع تسويق التفاح والخضار الباكورية والحبوب ويدير المخازن الاستهلاكية التي أنشأها في الجمعيات الفلاحية، ويشرف على توزيع الأعلاف والغراس والقروض الزراعية، كانت تتبع له منشآت اقتصادية إنتاجية كمحطات الوقود وشاليهات سياحية، وكان الاتحاد قريباً من معاناة الفلاحين في أي أمر يخص توفير مستلزمات الإنتاج، وقضايا الري.
باختصار، كان اتحاد الفلاحين موجوداً في كل القضايا التي تهم الفلاحين، وهو دور كفلته له الدولة والقيادة.
***
في ثمانينيات القرن الماضي خاطب القائد المؤسس حافظ الأسد الفلاحين: (كل قرار يتخذه الفلاحون يصبح قراراً نافذاً)، يومذاك حمل الفلاحون في إطار المنظمة الفلاحية السلاح دفاعاً عن ثورتهم ومنجزاتهم وقيادتهم في مواجهة الإخوان المسلمين.
***
في عام 1988 ذهبتُ في وفد مكوّن من خمسة أشخاص إلى اليونان لدراسة تجربة منظمة أهلية فلاحية، كانت تلك المنظمة تقوم بتمويل الفلاحين من تحضير الأرض إلى الزراعة إلى الحصاد إلى التسويق والتصنيع والتصدير في إطار اتحادات متخصصة، بعضها للبرتقال، وأخرى للحبوب، وأخرى للزيتون . . إلخ، والفلاحون من خلال المنظمة هم الذين يقودون أمورهم في الزراعة والتمويل والتسويق، يومذاك قدمنا تلك التجربة إلى القيادة، ودعونا إلى قيام اتحادات نوعية، وكانت هناك دراسة لتنفيذ ذلك، مرت عقود، وبقي الحال هو الحال.
***
والسؤال اليوم، ما الذي يمنع اتحاد الفلاحين من إحداث مؤسسات تابعة له لتسويق وتصنيع لإنتاج البرتقال، والزيتون، ومحاصيل زراعية أخرى، ما الذي يمنع اتحاد الفلاحين من تصدير البرتقال أو أي منتج زراعي؟
لدى اتحاد الفلاحين المال والكوادر الفنية والتسهيلات التي توفرها القوانين، لماذا سيظل اتحاد الفلاحين في موقع المطالب للحكومة وليس في موقع المبادر للحلول،
ماذا لو أقام اتحاد الفلاحين مراكز للتوضيب والتخزين والتشميع، وماذا لو أقام مراكز تصنيع للعصائر، وخلاصات الفواكه التي تستورد من الخارج، وماذا لو أقام شركات للتصدير، والسؤال الأخير، إلى متى ستظل المنظمة في موقع المنتظر لمبادرات الحكومة أو لمبادرات فردية هي مظهرية أكثر منها فعلية، فالمستثمر السوري يفضّل تصنيع (العلكة والبسكويت) على الدخول في قضايا التسويق الخارجي.
إن اتحاد الفلاحين هو صاحب المشكلة، وهو مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بتحويل المنظمة الفلاحية إلى منظمة منتجة وفاعلة وقائدة للعمل الإنتاجي الزراعي لتجاوز الحالة الراهنة.
سليم عبود