العدد: 9487
الأربعاء:11-12-2019
يجتهد خبراء قطاع الاستثمار في تحديد أفضل مجالات الاستثمار في عالم متغير يسوده الغموض في التوجهات مع تراكم غيوم الأزمات ومشاكل تكاليف الإقراض بكل أنواعه و يرى بعض محللي الأسواق بأن التوجه نحو أسهم الشركات التي تعمل في مجالات المحافظة على البيئة وخفض معدلات التلوث وكذلك استعمال مصادر طاقة جديدة وبناء عقارات تتمتع بصفات الحفاظ على البيئة هو أفضل سبيل و أنسب استثمار في المستقبل القريب.
إن اختيار الاستثمار المربح يتطلب فحص نشاط الشركات البيئية بدقة لإثبات جدواها الاقتصادية فليست كل الشركات التي تعمل في المجال البيئي تضمن النجاح تلقائياً، فتحول الأنظار وارتفاع الطلب عليها والحاجة إلى ما تقدمه من تقنيات سوف يرفع أسهمها مرحلياً ويمنحها فرصة جيدة لإثبات وجودها في السوق ولتتكفل بعد ذلك المنافسة الحرة في نجاح البعض وفشل البعض الآخر، وينصح المختصون بعدم وضع كل الاستثمار في سلة واحدة لأن التنويع من الضرورات الأساسية في أي محفظة استثمارية متوازنة، ومن المهم أيضاً التركيز على موضوع المياه ففي وسط الحديث المتكرر عن ما يسمى ذروة نشاط الاستخراج العالمي من النفط فإن الاستثمار في شركات متخصصة في تحلية المياه يبدو فكرة جيدة أيضاً وتدخل ضمن نطاق الشركات البيئية التي تعمل في مجال إعادة تدوير النفايات وبدائل الطاقة.
يمتد الاستثمار البيئي إلى قطاع العقارات أيضاً فالتركيز في أفق المستقبل هو على جوانب التصميم والبناء واستخدام عموم التقنيات المتطورة التي تخفض من استهلاك الطاقة والمياه كاستخدام الألواح الشمسية على أسطح الأبنية وجوانبها وإعادة تدوير وتكرير المياه للاستعمال، واستخدام الرياح في تكييف الهواء إضافة إلى تكوين حدائق خضراء على عموم الأسطحة، والعمل على تنفيذ خطط نوعية تشجع على التوجهات البيئية للمشروعات الإسكانية والتجارية الحديثة التي توفر الكثير من تكاليف الطاقة التقليدية وكلما كانت العقارات ذات كفاءة عالية كلما ارتفعت قيمتها، ومن المفيد وضع شروط بيئية لكل العقارات الجديدة ضمن تراخيص البناء عبر استخدام تقنيات غير مكلفة لتحسين الإنجاز من حيث استهلاك الطاقة تشمل الاستفادة من الموقع و تصميم النوافذ للاستفادة من الضوء الطبيعي واستخدام التهوية وممرات الرياح الباردة للتبريد والتكييف، وهذا ما يساهم في خفض تكاليف الطاقة ورفع هامش مستوى العقار وقيمته، وتؤكد المعطيات أن إعادة تأهيل العقارات بيئياً وتحسين استهلاك الطاقة فيها يزيد من معدلات الإقبال عليها حيث أن العقارات البيئية تستهلك حوالي ٢٥% من الطاقة أقل من العقارات الأخرى وهذا ما يجعل المستثمر مستفيداً من هذا التوجه العقاري عبر قنوات مختلفة كشراء العقارات البيئية أو الاستثمار في أسهم الشركات التي تبنيها أو حتى بالمساهمة في صناديق استثمارية تتوجه إلى هذا النوع من العقار، ويُلاحظ أن تلك الصناديق هي الوسيلة الاستثمارية الأقل خطراً من حيث التذبذب كونها تقوم بتوزيع استثمارها على عدد كبير من الشركات ولا تكون أسيرة شركة أو عقار بعينه.
د. بشار عيسى