العدد: 9474
الأحد: 24-11-2019
في مكتب مدير مدرسة بكري كيلاني الأستاذ محمد يوسف قره جه حلقة أولى، (36) سنة بالتعليم ثم بالإدارة، أطلعت على تعميم من وزارة التربية يؤكد تعاميم سابقة حول منع الضرب في المدارس مهما كانت الدواعي والأسباب، لما لهذه العقوبة من آثار سلبية على الطلاب، وما يتركه في نفوسهم من انطباعات سيئة، ويعتبر مديرو المدارس مسؤولين عن حسن التطبيق.
بداية قال: أنا كمدير ومربٍّ لست مع الضرب لأنه يزعزع العلاقة بين المعلم والتلميذ، ويؤثر على نفسيته بين أقرانه، ويزيد سلوكه العدواني.
ورداً على سؤال حول الالتزام بتعاميم منع الضرب وكيف ينعكس عملياً والبدائل الممارسة، أوضح: كان المعلم سابقاً رسولاً، لكن للأسف التعاميم الوزارية ممكن أن تكون مجحفة قليلاً تجاه المعلم، وبالأساليب التربوية ممنوع العنف النفسي أو الجسدي، والبدائل (تنبيه، إنذار، تغيير بيئة صفية، نقل من المدرسة) وهي قاصرة عن تحقيق الغاية، من الممكن أن نستدعي ولي أمر الطالب وقد لا يأتي، وإذا غيّرنا الصف للطالب قد يتدخل الأهل لإحداث مشكلة، كأنّ المطلوب أن يقف المعلم باحترام إجلالاً للطالب ليقول حاضر سيدي الطالب، والتعاميم تخاطب المعلم كأنه كتلة بلا إحساس أو مشاعر والطالب سيد الساحة، هناك تراجع في حقوق المعلم والحفاظ على مكانته بسبب التربية المنزلية قديماً كان الطالب يتجنب الأستاذ عندما يمر بجانبه أو يسلم عليه باحترام، حالياً صار الطالب إذا التقى بأستاذ بالشارع وبيده سيكارة يرفع يده ويقول له (كيفك أستاااذ)؟ّ
وفيما يخص وجود خلل من تلميذ ما استدعى العقوبة، كيف يتم التعامل مع الحالة؟
قال: المدير يمتلك الحزم والمرونة وهو بصفة (الأب، يترتب عليه مسؤوليات، دراسة نفسيات المعلمين، لاستثناء غير المناسب للتعليم والتواصل مع التلاميذ لوضعه بمنصب إداري، مع اجتماعات دورية مع المعلمين، أنا كمدير من البداية تصلني الحالة، ابتعد وأراقب وأوجّه وأعتمد على المرشد النفسي لدراسة الحالة بجوانبها النفسية والعائلية وظروفها التي تسببت بسلوك غير لائق، وبحال استمرار المشاكسة أتدخل شخصياً بتخصيص جلسة مع التلميذ، واستدعاء ولي أمره، لأن أي حل قاصر إذا لم يتم التعاون بين المدرسة والأسرة.
توقف عند حادثة جرت معه عندما كان موجهاً في إحدى المدارس الثانوية عندما دخل أستاذ مادة اللغة الإنكليزية بالمدرسة وهو متميز وخلوق إلى مكتبه خارجاً من الصف وعلائم الانزعاج على وجهه، لما سأله عن السبب، أشار إلى قميصه الذي تناثرت بقع الحبر الأزرق عليه وهذا ما قام به أحد الطلبة بسحب غطاء القلم ونفث الحبر عليه بعد استدعاء الطالب وطلب ولي الأمر، كانت الإجابة الصادمة من الأب (بابا حبيبي حاول تستوعب الأستاذ)؟! وتم فصل الطالب من المدرسة بعد موافقة مديرية التربية رغم نفوذ وثراء الأب.
كنا سابقاً عند دخول ولي الأمر إلى المدرسة، يقول للأستاذ (اللحم لكم والعظم لنا) إشارة إلى الثقة من الأهل، بينما حالياً يدخل والد تلميذ، وأمام الأستاذ والإدارة يقول (أنا لا أسمح لأستاذ بضرب ابني أو لأي لفظ مسيء) بأسلوب مستفز وقبل أن يسمع كلمة من الأستاذ، لا مبررات عند المدير للضرب لكنه شخص واقع المدرسة والتعليم في ظروف الأزمة، مؤكداً أن الأزمة أفرزت أموراً غير طبيعية، من ازدحام الصفوف ليصل عدد التلاميذ في الشعبة الواحدة إلى نحو (70) تلميذاً مع وجود الوافدين وثقافتهم الاجتماعية المختلفة، وما عاناه الأطفال من مآسي الأزمة من مشاهد الدم والذبح والدمار، وهذا سينعكس على نفسيته وسيولد سلوكاً غير سوي، عدد التلاميذ بالمدرسة (1800) تلميذ بدوامين وعدد الوافدين منهم 1200 وافد، وكذلك بالنسبة للكادر التدريسي من خارج المحافظة بصيغة تحديد مركز عمل، اختلفت أمور المعيشة للمهجّرين حتى لو كان مدرساً وهذا سينعكس على نفسيته وبالتالي ممكن أن يؤثر على أسلوب التواصل والتعامل مع التلاميذ بالمدرسة، مضغوط نفسياً ومادياً واجتماعياً، وكذلك اختلفت التربية بالأسرة، مع تراجع العلاقات الأسرية بطقوس اجتماعية حديثة توّجه للانفتاح دون ضوابط سينعكس على المجتمع المدرسي.
رد فعل بزيادة الاحتواء والمحبة والعطاء
المعلمة كوثر رستم مهجرة من حلب، بالبداية تحديد مركز عمل لثلاث سنوات ثم نقل دائم، الأزمة النفسية لتغير الظروف عليها لم تؤثر بأسلوب التعليم والتعامل مع الأطفال، بل حدث معها رد فعل عكسي بأن تكون أكثر إيجابية ومحبة وعطاء واحتواء للتلاميذ بالمدرسة الذين يريدون التعلم وعندهم الرغبة للتفوق والتميز، هناك أطفال يبكون بحرقة عند خسارة نصف علامة، وآخرون لديهم لا مبالاة لو حصل على الصفر، ردت ذلك إلى اهتمام الأهل ومتابعتهم كرديف للمدرسة، وهذا يؤكد أن لدى الطفل السوري ذكاء وإبداع يحتاج لبيئة حاضنة بالمدرسة والأسرة، وفي حال وجود تلميذ مشاكس تحوله إلى المرشد النفسي.
الضرب.. لغة عجز عقلي
أما مدّرسة اللغة الإنكليزية ملك صالح بعد عودتها من موجهة اختصاصية إلى مدّرسة، قرأت التعميم الوزاري حول منع الضرب بالمدارس، قالت: هذا التعميم ليس حديثاً، منذ سنوات تساءلت كل تعميم وزاري لمنع الضرب يتم طباعته وتوزيعه على مدارس القطر يكلف نحو خمسة ملايين ليرة سورية لو تم استثمار هذه الملايين بتأمين أدوات رياضية للمدارس أليس أفضل؟ أجابت ضاحكة: إنّه لتأكيد المؤكد، ورأت أن من الخطأ أن يوجد قرار منع الضرب من أساسه أو إصداره حتى، لأن لغة الضرب هي لغة عجز عقلي، عندما يعجز العقل نلجأ إلى العضلات للتعاطي مع حالات ، لتفشل المعالجة بشكل سوي.
ورداً على سؤال، أنت كأم لم يصادف أنك ضربت ابنك بلحظة أخرجك عن طورك ولم تنفع الكلمة معه؟
أكدت أننا بشر غير معصومين عن الخطأ، لكن الحالات الاستثنائية ليست حالة عامة، هناك أهل يضربون دائماً وهنا الكارثة، وهناك أهل يمكن أن تمضي سنوات ليصدف أن يخرجهم ابنهم عن طورهم ليضربوه، وهذا خطأ.
فكرة الثواب والعقاب موجودة عبر التاريخ وبكل المجتمعات لكن أين المشكلة؟ قبل أن أضع أي عقوبة أبحث عن الهدف منها، مشكلتنا أننا نعاقب لأجل العقاب، لماذا نعاقب، لننتقم أم لنقوّم؟
مالم نعمل على التعاطي مع العقوبة كسلوك من أجل رد فعل إيجابي فهي بالتأكيد خاطئة.
الضرب لغة ولكن أية لغة ماذا نتعلم منها؟ اللغة بنيت على سبب أن الشخص غير قادر على ضبط الحالة التي يتعامل معها، ماهي النتائج؟ قد ينضبط الطالب لكن بمنعكس خوف وقهر وقمع أو يتحول إلى عدواني لم يعد يؤثر فيها الضرب.
وإذا كان العنوان التربية والتعليم، وأساس كل العملية هو بناء شخصية سوية فاعلة بالمجتمع، أين أسست هذه الشخصية وتم بناؤها على الخوف والقمع، هل ستكون فاعلة؟!
واستدركت: حين أحتاج أن أضرب، أفضّل أن أترك مهنتي على فعل ذلك لأنني حينها سأدرك أنني غير صالحة لهذه المهنة التربوية.
ليست مهمة الأستاذ فقط إعطاء الدرس والمغادرة، لأن الدرس إذا لم يصل إلى الطالب بمحبة لن يفلح، المادة العلمية يمكن الحصول عليها من المراجع وحديثاً من الأنترنت، لكن فكرة التواصل الإنساني إذا فقد محتواه فقد كل شيء، وهنا نجد الفروق الفردية بين الأساتذة، ولماذا يعلق بذاكرة الناس اسم أستاذ أحبوه وترك بصمة إيجابية في حياتهم، وأحبّوا مادّته لأجله، بسبب براعته بالتواصل وتمكنه من مادته العلمية.
وحول نسبة المدرسين الذين يملكون القدرة على ذلك في ظل ظروف اجتماعية ومادية ضاغطة؟
أوضحت: المفروض من وزارة التربية أن تدرس الواقع الموجود وتتعاطى مع المدرسين حسب الواقع والوضع الراهن وتتابع ظروف المدارس، واستنكرت اهتمام وتوّجه الوزارة لتطوير المناهج بكلفة مليارات، ونحن بحالة حرب على حساب الطالب والمدرس وبنية المدارس فنحن بمرحلة، هناك طلاب خارج المدارس بسبب ظروف الأزمة، هل أطوّر المناهج أو أعمل على بنية لاستيعابهم، ونحن بحاجة لأعداد كبيرة من معالجين نفسيين للطلاب وللمدرسين، وانتقدت تصريحات السيد الوزير بطرح مسابقات (تعيين مدرسين) قبل التفكير بإعادة تأهيل المدرسين الموجودين، خاصة العناصر الشابة، هم بحاجة لسنة تدريب قبل دخول الصف بشرط عدم التثبيت إذا لم يثبت جدارة بالتربية والتعليم فيما الدورات لمدة أسبوع غير مجدية أو ناجحة.
فيما يخص تأثير الدروس الخصوصية على سير العملية التعليمية بالمدارس، قالت: حتى بالدروس الخصوصية لا أظن أن المدّرس سعيد فيها، لكنه مجبر، وأنا شخصياً أتمنى لو أتقاضى راتباً يحفظ كرامتي إنسانياً ولست مستعدة لإعطاء درس خصوصي واحد، مع الإشارة إلى الضغط الهائل على المدرس، خاصة لمن تم تعيينهم بالريف، وبراتب ضعيف لا يكفي للمتنقل بالمواصلات مع وصول الأستاذ إلى مدرسته منهكاً ومتعباً، بهذه الظروف كيف أطالبه لأن يكون شخصياً سوياً،
العملية التربوية كل عناصرها مترابطة ومتشابكة كالحلقات، فقدان حلقة أو وجود ثغرة ستحدث خللاً.
الأخلاقيات تبنى على منظومة وعلى قانون
وبالنسبة للطلاب، لا يوجد طالب غبي، لكن هناك فروق فردية واهتمامات نحن لا نتعاطى معها بين مخ علمي وآخر أدبي لا نبحث بمرحلة عمرية عن الفروقات ونعززها، هنا دور التربية والنظام التعليمي، والطالب يدرس بمدرسة لا تتوفر فيها ظروف وشروط مناسبة له وللأستاذ سيتوتر من البرد شتاءً ومن الحرارة صيفاً وهذا سيقود إلى سلوك خاطئ بينما المدير هو مركز المدرسة، وبوجود أي خلل اختلّ المحيط، ولنبحث عن معايير اختيار المدير، لا يطلب من مدرس أو طالب عندما يوضع بأسوأ ظروف أن يقدم أفضل عمل، نحتاج بيئة طبيعية مناسبة للتعليم.
ختمت بسؤال: ما الذي كسر هيبة الأستاذ والتعاطي معه بقدسية؟
بالمنطق الإنساني مرفوض الضرب إن كان من الأستاذ أو الطالب كان التعاطي مع الأستاذ ببعض البيئات مبنياً على الاحترام وبقدسية، لكن أيضاً هناك خوف من الأستاذ، مهما ظلمنا نقدسه.
سابقاً كانت الضوابط أكثر وأفضل ولا عودة للفتوة لكن مع بقاء نظام الضبط، وأهمها احترام الطالب، لأنه مستحيل طالب تقدم له الاحترام وتعززه بالمحبة والاهتمام أن يبقى مشاكساً إذا كان هناك فعلاً نية للشغل مع الطالب، وإذا استمر بشراسته هنا نبحث لإحالته إلى طبيب نفسي.
وبالنسبة لشخصية الأستاذ، تذكرت رسالة ماجستير للطالب أدهم سلامات بعنوان (هل تؤثر معتقدات المدرسين على طريقة تدريسهم)؟ وكان الجواب: نعم تؤثر وانتقدت فصل الطلاب في حصة التربية الدينية، واقترحت وجود كتاب ( التربية الاجتماعية أو الإنسانية ) يضم ما تشترك فيه الديانات لتفعيل العلاقة السوية بالمدرسة وهذا تنوير للطالب ولعدد من الأهل.
سياسة (العصا والجزرة)
اختلفت الآراء بين آباء وأمهات حتى معلمات حول استخدام عقوبة الضرب بين من يرى أنها عقوبة رادعة ومن رأى أن سياسة (العصا والجزرة) أكثر جدوى في طرح الثواب والعقاب للطلاب.
أبو نضال جد لديه خمسة أحفاد بالمدرسة، طلب من أولاده عدم الذهاب إلى المدرسة في حال طلب ولي الأمر والسبب، هو يريد معالجة المشكلة لقناعته أن المعلمة هي أم أو أخت كبيرة، ولا يمكن أن تضرب تلميذاً دون سبب بشرط ألا يضرب بأذى على الوجه أو الرأس، مسموح الضرب على اليدين، حتى لو كسرت يده ممكن تجبيرها! مع قناعته أن المدرسة الأولى لتربية الطفل هي الأسرة ثم المدرسة، يذهب للتعلم والتحصيل العلمي، وعند أي خلل من الطالب فالعقوبة يجب أن تكون رادعة لإهمال الدراسة والتراخي أو لسلوك غير لائق.
سابقاً لم يكن يتجرأ طالب دخول المدرسة أو الصف إن لم يكن جاهزاً للتسميع أو للمذاكرة، خوفاً من العقوبة لدرجة (الفلقة) كلمة (يا عيني ويا روحي لا تنفع مع الطالب) و (العصا من الجنة) فيما إذا كان الطالب مجتهداً و(متربى) تربية طبيعية متوازنة بالمنزل لن يضطر أي مدرس للعقوبة تجاهه.
وانتقد المناهج الحديثة التي تربك الطالب والأهل بطرح أسئلة أجوبتها استنتاجية متسائلاً: كيف يتم محاسبة الطالب على الإجابة مع غياب إجابة معتمدة، ووضع العلامات؟
وأعطى مثالاً بمادة العلوم، يطلب التفكير الإبداعي، مطلوب من طالب وضع سبباً ونتيجة، اجتمعت العائلة وكلهم شهادات لم يفهموا ما هو المطلوب!؟
بينما أم كميت ترفض رفضاً قاطعاً أن يضرب ابنها الذي تربيه تربية حديثة بأسلوب الحوار والنقاش بهدوء وضعته في مدرسة خاصة على أمل أن يدرس في بيئة حاضنة مناسبة بنوعية التدريس وأسلوب المعاملة لكنها تفاجأت بوجود حالة تنّمر من طالب تجاه باقي التلاميذ بالصف، راجعت الإدارة لمعالجة المشكلة.
ابنها يتمتع بأخلاق رفيعة ومهذب، وهو وحيدها وترى العالم من خلاله، أمام هذا الوضع قررت أن تدخله نادي(كاراتيه).
أمّا أبو ليلى الذي جاءت ابنته تبكي لأن المعلمة ضربتها بالعصا على يديها، سألها لماذا ضربتك المعلمة، ما الخطأ الذي ارتكبته، بعد الإجابة وبخها ولم يذهب إلى المدرسة كما هو شائع حالياً.
لافتاً إلى أن أوروبا لم تخرج من ظلام القرون الوسطى إلاّ باستخدام الحزم والضبط بكل المجالات ولم يصلوا إلى التقدم والتطور إلاّ بالنظام الصارم وتطبيق القانون على الجميع، من النظافة إلى التعليم.
هل استفدنا من ملايين صرفت لبناء قدرات الأساتذة؟
دخلت المنظمات الدولية في الحرب على سورية على خط التنمية البشرية بالتعاون مع وزارة التربية ومنها (اليونيسف، منظمة الصحة العالمية، إسعاف أولي) سألنا ميس محجوبة وهي مدربة تنمية بشرية ومن المشاركين باجتماع قطاع التربية مع المنظمات بشكل دوري، كيف انعكست دورات بناء قدرات الأساتذة على واقع التعليم والتواصل بين الأستاذ والطالب؟
أجابت: نجاح الدورات له علاقة باختيار المدرسين، وتطبيق ما تعلموه، وجودة المدربين، بالإضافة إلى توقيت الدورة وزمنها ومع الكم الكبير لدورات (بناء القدرات للأساتذة، دعم التعليم، التعلم الذاتي والتعلم النشط، والتواصل الفعّال.. إلخ) ليكون السؤال الأهم: هل كان الأساتذة يتعاملون بجدية مع المعلومات المقدمة، أو يمتلكون الرغبة بحضور، ومتابعة هكذا دورات أو كان الأستاذ الذي شارك واضحاً وصريحاً وشجاعاً باعترافه أنه غير قادر على التطبيق أو ينسحب، نجاح الدورات يجب قياسه من التأثير بعد رصد واقع المدارس وهل هذه الدورات والمال الذي صرف بتمويل من المنظمات الدولية حققت النجاح؟
ورداً على سؤال حول مضمون الدورات ومحتواها من معلومات ومدى مناسبتها لواقعنا وظروفنا للتواصل بين الأستاذ والطالب ومعالجة موضوع العنف؟
لفتت إلى أن البرامج أممية تم تصميمها عالمياً، ووضعت بأطر تناسب جميع دول العالم، ويتم تحديثها باستمرار.
مثال: حقوق الطفل، البرامج الأممية هي إنسانية أولاً وسورية موقعة على اتفاقيات حقوق الطفل في عام 1993 وعلى بروتوكول إضافي في عام 2003، وهذا يعني يجب ألا يضرب الطفل في المدرسة، ولا حتى في المنزل لأن الضرب يحد من قدراته الذهنية، فيما البديل هو إظهار المحبة والتعاطف والاحتضان لما تؤدي من منعكسات دماغية إيجابية.
وأضافت علينا أن نتعامل مع موضوع العنف بجدية، للأسف لانزال نناقش أشد أنواع العنف وضوحاً وظهوراً وهو الضرب، فيما نحن مطالبون بما هو أعمق من ذلك من أنواع أخرى كالعنف النفسي، والعنف الاقتصادي.
العنف أسهل الطرق، وسيلة الضعيف، بينما لأفهم مشكلة هذا الولد بحاجة لمناقشته بصبر ووعي، إذا ضربته وخرّسته أسهل عليّ من أن أناقشه وأقنعه بالمنطق؟!
عند التعامل بعنف سيزيد العنف، وإذا كنا صريحين وواضحين علينا أن نشخص الواقع، ونعترف بوجود أخطاء، ونتحدث عن العنف بأشكاله كافة وليس بشكل جزئي.
للبحث في بدائل العنف، في البيئة الداخلية والخارجية للطالب يجب توفر(مهارة التواصل، تقدير ظروف الآخرين، التعامل مع الأطفال بإنسانية، أن نتعامل مع بعض كبشر، مع قبول ثقافة الآخر والاختلاف، تحمل المسؤولية، ونفهم أننا نقوم بواجب استراتيجي) نفهم الضغوط الاجتماعية والمادية على المدرس والأهل لكن مخاطر عدم التعامل بجدية مع التعليم أكبر من المشاكل الآنية، لأن الدمار الذي يمكن أن يحصل هو كارثة تربوية سندفع ثمنها.
وتساءلت: لماذا لا ننمي مهارات التفكير عند الطفل ونلجأ للضرب، حتى الضرب بالمدارس أو العنف هو على الفقير بدائرة العنف، نحن غير عادلين.
نضرب الفقير بينما ابن الآنسة أو صاحب نفوذ لا يضرب.
انتقدت إيجاد مبررات مثل ضعف الراتب لعدم التعامل بجدية ومسؤولية مع التعليم، وأسلوب التواصل بين التلاميذ والطلاب والأهل والأستاذ مذكرة بأن الأم الأميّة وبظروف لم تكن جيدة ،كانت تخرّج الأطباء والمهندسين ومن كافة الاختصاصات بحزمها وحبّها وصبرها وإصرارها على أن العلم هو المنقذ لحياة أفضل، بينما نلاحظ حالياً آباء وأمهات ومعلمين يمتلكون أعلى الشهادات لكن لديهم ابن فاشل دراسياً وتربوياً أيضاً.
ورداً على من يقول إن الظروف وواقع مدارسنا ومنظومة التعليم هي سبب بانتشار العنف بالمدارس، قالت: هناك بلدان خرجت من الحرب لتنهض وتضاهي الدول المتقدمة ومنها اليابان التي كان ينتشر فيها التعليم فوق الأنقاض وتحت الجسور، ولم تكن بيئة مناسبة خلال الحرب للتعليم.
وهذا يؤكد مقولة: إذا كنت تظن أنك تستطيع فأنت على حق، وإذا كنت تظن أنك لا تستطيع فأنت على حق.
وأضافت: الطفل السوري ذكي ويستحق حياة كريمة أكبر وأعلى من المعايير الدولية، وعلينا أن نكون كلنا بخدمته، خصوصاً في هذه الظروف بتقديرنا لذاتنا ولبلدنا، وأن نكون إيجابيين وفعالين ونستثمر الظروف لأنها فرصة لإعادة ترتيب الأولويات للمستقبل.
واستدركت متسائلة: هل انتشار مراكز لنشاطات من التعلم النشط أو باللعب السريع، والتي تكلف الملايين، هل هي بيئة صحية ومناسبة للطفل للتعلم؟
والجواب: لا، لأن الطفل بحاجة إلى بيئة طبيعية ومشابهة للبيت، لا للفجوة.. في تلك المراكز ماهي القيم والمعلومات والمهارات العقلية التي اكتسبها.
واختمت قائلة: حوادث الإساءة للأطفال في المدارس في الواقع ليست رواية إعلامية مضحكة تحتاج لإدارة مخاطر من كل الأطراف.
وداد ابراهيم