العدد: 9469
الأحد: 17-11-2019
بعد سنوات الحرب الطويلة على بلدنا، وما رافق ذلك من غلاء فاحش وارتفاع في الأسعار طال المستلزمات المعيشية اليومية، لم يعد المواطن قادراً على تأمين تلك المستلزمات إلا بشق النفس، فكيف إذا كان ذاك المواطن شاباً مقبلاً على الزواج، ويسعى إلى تأمين أثاث منزله؟ فلو فرضنا أنه يريد شراء غسالةٍ وبراد وشاشة تلفاز لتطلب الأمر ما يقارب المليون ليرة سورية، هذا ولم نتحدث بعد عن غرفة النوم وغرفة الجلوس، وغير ذلك من أساسيات المنزل الضرورية، وهذا يعني أن الشاب المقبل على الزواج يحتاج إلى ما يقارب ثلاثة ملايين ليرة سورية ليتمكن من الإقدام على هذه الخطوة، والسؤال هنا: كيف يؤمن الشباب الأدوات الكهربائية الضرورية للمنزل؟ وهل ساهمت القروض التي أطلقتها بعض المصارف في التخفيف من وطأة المشكلة؟ أمّ أنّ هذه القروض زادت الطين بلّة، وغرق الشباب في مستنقع الأقساط الكثيرة والفوائد الكبيرة وأصبح الزوجان بالكاد يكملان الشهر.
جريدة الوحدة قامت بجولة استطلاعية وطرحت هذه الأسئلة على مجموعة من الشبان والشابات فكانت الإجابات الآتية:
مضر عثمان (مدّرس): تزوجت منذ عام ونصف، وقد لجأت إلى صالة السورية للتجارة (أفاميا) لشراء الأدوات الكهربائية، بعد أن حصلت على قرض السلع المعمرة والبالغ مليون ليرة سورية والأقساط مرتفعة والفوائد كبيرة وصلت إلى 7% ولكنه الحل الوحيد في ظل ارتفاع الأسعار وتدني الأجور حيث لا يمكن تأمين أثاث المنزل إلا بالأقساط.
جابر أحمد (عامل دهان) كوني غير موظف ولا أستطيع الشراء من مؤسسات الدولة فقد لجأت إلى صالة خاصة تابعة لشركة جود التجارية واشتريت جميع الأدوات الكهربائية علماً أنّ الأسعار تضاعفت بسبب التقسيط ولكن ما باليد حيلة فالأسعار مرتفعة والشغل (مو جايب همه) والجيوب فارغة.
سهيلة عباس: ذهبنا إلى سوق المستعمل واشترينا الأدوات الكهربائية طمعاً بالرخص ومع ذلك كانت الأسعار كاوية أيضاً ولكنها بالتأكيد أقل من أسعار السلع الجديدة علماً أن البراد تعطّل وأصلحته أكثر من مرة ولكن نظراً لارتفاع الأسعار لا يمكن شراء الأدوات الكهربائية الجديدة خاصة وأن زوجي غير موظف ويعمل أعمالاً حرة.
أنس مسعود: اشترينا الأدوات الكهربائية من صالة تشرين التابعة للسورية للتجارة فقرض السلع المعمرة فتح الباب على مصراعيه للشباب ليتمكنوا من شراء كل ما يحتاجه المنزل علماً أن الفوائد مرتفعة والأقساط تكسر الظهر ولكن ليس بالإمكان أفضل مما كان فشراء تلك الأدوات كاش يحتاج إلى مليون ليرة وليس معي منها ليرة واحدة.
تلك كانت آراء الشباب فما هو رأي أصحاب المحال التجارية؟ تجولنا في سوق العنابة حيث تتوزع المحال الخاصة ببيع الأدوات الكهربائية هنا وهناك والتقينا السيد أكرم العبدو صاحب إحدى هذه المحلات فقال: بعد الأزمة توقفنا عن بيع الأدوات الكهربائية بالتقسيط، فالزبائن وبسبب ضيق العيش وتدني الأجور لا تستطيع دفع الأقساط بشكل متسلسل دون انقطاع، وفي كثير من المرات كنّا نضطر للاتصال بالزبون عشرات المرات ليسدد الأقساط المتراكمة وكثيراً ماكنا نقع تحت خسارة بسبب طول مدة التقسيط.
السيد عارف شيخ خميس صاحب صالة خاصة أيضاً قال: لا نقسط إلا لأشخاص نعرفهم جيداً أو تتم كفالتهم من قبل أشخاص نعرفهم والاقساط مرتفعة والفائدة تصل إلى 9% فالزبون يشتري الأدوات الكهربائية بسعر معين ويرتفع هذا السعر عشرات المرات إلى حين انتهاء فترة التقسيط.
ماجد حاتم: قصدت سوق المستعمل واشتريت الأدوات المنزلية الكهربائية منه فالأسعار تتناسب إلى حدّ ما مع الحالة المادية التي نعيشها ولكن المشكلة هنا الأعطال المتكررة وكثرة الإصلاح ولكن شراء سلع جديدة أمر غير وارد في قاموسي رغم القروض التي منحتها الدولة ولكن الأقساط مرتفعة وتكسر الظهر.
توجهنا إلى صالة تشرين إحدى صالات السورية للتجارة والتقينا السيدة يسرى منصور المسؤولة عن جناح الأدوات الكهربائية لتحدثنا عن إقبال الشباب على الشراء من السورية للتجارة وهل كان قرض السلع المعمرة بأقساطه وفوائده المرتفعة مشجعاً للشراء فقالت: فتحت المصارف قرض السلع المعمرة لتتيح للشباب الراغبين بالزواج تأمين جميع ما يحتاج إليه المنزل من أدوات كهربائية (براد- غسالة- فرن- تلفاز) وخصوصاً في ظل ضعف القدرة الشرائية نقداً بسبب تدني الأجور والغلاء الكبير ويصل سقف قرض السلع المعمرة إلى المليون ليرة سورية وبالنسبة للأقساط يحددها المصرف حسب قيمة الراتب وقيمة المشتريات والمدة الزمنية لتسديد الأقساط تصل لخمس سنوات والزبون هو الذي يحدد مدة تسديد الأقساط وقد تكون الأقساط مرتفعة والفائدة كبيرة ولكنه الحل الوحيد للشباب المقبلين على الزواج ومع صعوبة تأمين كفيلين والأقساط المرتفعة والفائدة الكبيرة يبقى الإقبال على قروض السلع المعمرة كبيراً جداً لاسيما أن صالاتنا لا تتأثر بارتفاع سعر الدولار وتبقى أسعار ثابتة مهما ارتفع الدولار. إما أن تشتري السلع والأدوات الكهربائية بالتقسيط من صالات الدولة أو الصالات الخاصة لتبتلي بالأقساط المرتفعة لسنوات طويلة أو أن تشتري من سوق المستعمل حيث الأعطال الكثيرة والمتكررة خياران أحلاهما مرّ ليبقى الشباب ينوء تحت الحمل ويجد العقبات والصعوبات في طريق تحقيق حلمه بالزواج وتأمين منزل مجهّز بأبسط وسائل الراحة.
صالات السورية للتجارة لا تتأثــــر بارتفــــاع الــــدولار
سوق المستعمل ينتعش في ظــل الغـــلاء الفاحــش للجديــد
الفائدة 7% والأقســاط مرتفعة والإقبــال كبــير
ربا صقر