العدد: 9455
الأحد: 27-10-2019
شهدت أسعار مواد البناء ارتفاعاً بشكل تدريجي بالتزامن مع مرحلة إعادة الإعمار، فقد ارتفع طن الحديد ليصل إلى حدود الـ 400 ألف ليرة والإسمنت بحدود الـ 50 ألف ليرة وثمن سيارة الرمل وصل إلى 100 ألف ليرة ومثلها سيارة البحص كما وبلغ سعر البلوكة 15 سم 240 ليرة ناهيك عن ارتفاع أجور اليد العاملة والنقل وغير ذلك، وبالنسبة لأسعار مواد التمديدات الكهربائية والصحية فهي الأخرى حلقت وارتفعت بنسبة 20 -25 %، وأمام ذلك يعاني الكثير من المواطنين على حد سواء من ارتفاع كبير في أسعار مواد البناء والإكساء في ظل بات فيه شراء منزل حلماً بعيد المنال.
تجهيز المنازل مرتبطاً بسعر الصرف
وانطلاقاً من ذلك فإن عنصري البناء الأهم وهما الحديد والإسمنت شهدا قفزات في أسعارهما بشكل تصاعدي وسريع لأن هاتين المادتين هما لبّ أي عملية بناء، فقد تضاعفت أسعارهما أكثر من 15 مرة لخضوعهما لتقلبات سعر الصرف مقابل الدولار، ففي مشهد عام حول ذلك كانت لنا وقفات مع البعض من شرائح المجتمع لمعرفة ما هو رأيهم بأسعار مواد البناء بشكل عام..
* أحمد مصطفى: لاشك أن قرار شراء شقة سكنية (على العظم) يعتبر من القرارات الهامة في حياة أي مواطن وخاصة فئة الشباب، فمشكلة شراء المنزل وتجهيزه هي جملة ما أفرزته الأحداث الحالية من معاناة يومية إذ فرضت على الشاب أن يكون في امتحان دائم لصبره في مواجهة ضغوطات كثيرة وكبيرة، فهناك عوامل كثيرة ساهمت في أن تصبح أزمة تأمين منزل بحدودها القصوى لتكون هاجساً آخر حيث بات البحث عن منزل حتى ولو بأطراف المدينة مهمة ترعبنا وخاصة للمقبلين على الزواج فهل يعقل أمام هذا الواقع أن يكلف سعر تجهيز منزل بحدود 60 م2 من (5-7) ملايين ليرة، فلمن نحمل المسؤولية عن هذا الارتفاع بالأسعار؟
* أكرم صالح: من خلال الأحداث الجارية وارتفاع وتذبذب أسعار الصرف ارتفعت أسعار جميع مواد البناء بشكل عام فلو عاد الدولار إلى ما كان عليه سابقاً هل ستنخفض الأسعار باعتبار أن شراء مواد البناء وتجهيز المنازل مرتبط بسعر الصرف، فعندما نريد أن نشتري الحديد أو البياضات أو الإسمنت أو المواد الكهربائية فإن البائع يضربها بالدولار ومن ثم بالليرة السورية.
* مالك الحموي: أعاني من إكساء شقتي التي اشتريتها بأطراف المدينة على الهيكل، فهي على وضعها الراهن نتيجة عدم قدرتي على إكسائها بالشكل المناسب والأمثل لأنني كلما ادخرت مبلغاً من أجلها ارتفعت كافة مواد البناء، وأنا على هذا الحال منذ حوالي ثلاث سنوات ونيف، فنقل مواد البناء من رمل وبحص وبلوك وإسمنت وحديد وسيراميك وحده كارثة حقيقية، فهناك الكثير من المنغصات ودفع الأجور الزائدة، وأضاف أن السمة الأبرز التي رافقت الوضع الراهن هي الاستغلال والاحتكار وكثرة الرسوم، وكما هو معروف أن تجار البناء هم المتحكمون في كافة مشاريع البناء والذي ينعكس بشكل مباشر على المواطن، فالشقة التي كانت تباع بـ 5 ملايين أصبحت بـ 30 مليوناً ليصل أسعار بعض الشقق السكنية إلى أكثر من (50 -100) مليون ليرة حسب المنطقة والعقار والتجهيز ولا توجد شقة تحت الـ 15 مليوناً إلا في أطراف المدينة المهملة ومساحتها تقدر بـ (70 -80 م2).
وفي هذا الخصوص قصدنا أحد محلات تصنيع الألمنيوم دريد عوض الذي تحدث: هناك حالة من الفوضى في عدم تحديد الأسعار بشكل مستمر فهناك مصالح مستقلة لكل تاجر ومتعهد ومنتج وكما يلاحظ المواطن بالغلاء حول هذه المادة فنحن أيضاً نشتريها من المنتج أو المستورد بأسعار مرتفعة مقارنة مع سعر الصرف، ونوه إلى أن الإقبال على شراء الأبجورات والأبواب مقبول نوعاً ما، ولكن في ظل الأسعار المرتفعة المواطن يتجه إلى الأسعار الرخيصة أو المستعملة، فقد بلغ وسطي سعر باب الألمنيوم (55 -60 ألف ليرة) دون أجور التركيب، وسعر نوافذ الألمنيوم نحو (60 -65 ألف ليرة) للنافذة الواحدة.
وأيضاً التقينا المهندس عمر هلال مدير معمل الرخام والغرانيت في شركة الزين التجارية الذي حدثنا: أقامت شركة الزين للرخام والغرانيت منذ خمسة عشر عاماً معملين للرخام والغرانيت رائدين على مستوى الشرق الأوسط بشهادة كافة الخبراء الأوروبيين الذين قاموا بتركيب المعملين على مدى عامين متتاليين ومن خلال متابعتهم المستمرة لعملنا خلال فترات التشغيل.
وعن واقع الحركة التجارية ذكر م. هلال: الإقبال على الشراء ضعيف جداً ولاشك أن الوضع المالي والاقتصادي نتيجة الأزمة التي مرت بها سورية هو المبرر لركود حركة الأسواق بشكل عام وسوق الرخام والغرانيت بشكل خاص، وأضاف بأنه يوجد ضمن الهيكل الإداري للشركة قسم المشاريع الذي يعنى بالزبائن وأصحاب الورشات ومديري المشاريع الهامة في كافة المحافظات ويستقبل الطلبات ويحولها إلى طلبات للتصنيع في المعمل.
كما يوجد العديد من أنواع الرخام والغرانيت ومنها: غرانيت روزابيتا يصل سعرها إلى /19000 ليرة/ – روزابورينو /19000 ليرة/ – أحمر أسوان مصري /21000 ليرة/.
رخام: مصيافي وطني سعرها /7500 ليرة/ – عفريني وطني /25000 ليرة/ – كافالا يوناني /25000/ – رينبو هندي /20000 ليرة/ – ترمزتينو إيراني /30000 ليرة/ – بوتشيثو إيطالي /45000 ليرة/ ويتأثر سعر المبيع بتغيير أسعار العملات الأجنبية عندما تكون المواد مستوردة من الخارج.
وعن الصعوبات أفاد م. هلال: تعاني المعامل حالياً من عدم منحها إجازات الاستيراد للمواد الأولية اللازمة والضرورية للصناعة ونحن معرضون للتوقف عن العمل خلال فترة قصيرة في حال عدم السماح لنا باستيراد هذه المواد والمعاناة الأصعب التي نواجهها منذ عامين هي بصدور القرار رقم /1334/ الصادر عن اللجنة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء الذي يفيد بمنع منح إجازات استيراد للكتل والألواح الرخامية الأجنبية وإننا إذ نجد المعامل الأخرى في سورية التي تقدر بحدود (350 معملاً) إجحافاً بحق هذه المعامل التي تشغل أكثر من 5000 عامل وبالتالي هناك 5000 عائلة مهددة بمعظمها بتوقف أربابها عن العمل بفعل هذا القرار، حالياً المعامل تعمل بمعدل 2 % من الطاقة الإنتاجية النظامية بسبب هذا القرار حيث يتم العمل بأنواع الرخام المحلي فقط الذي لا يلاقي إقبالاً هاماً في أسواق البناء مع العلم أن هناك كميات من الرخام مهربة وهي منتشرة في الأسواق.
الإكساء يفوق ثمن الشقة نفسها
الغلاء الذي طال كافة مستلزمات مواد البناء وإكساء الشقق التي تكلف مبالغاً تفوق ثمن الشقة نفسها فأصبح من النادر وجود من يقوم بإكساء منزله في ظل ارتفاع الأسعار.
وحول ذلك حدثنا عامر حسن، متعهد بناء: إن تكلفة إكساء أصغر شقة (70 –م2) كسوة عادية تقدر تكلفتها في ظل الوضع الراهن ما يزيد على 7 ملايين ليرة، وأوضح بأن السيراميك المحلي ينافس المستورد بارتفاع أسعاره، فتكلفة طن الإسمنت تبلغ نحو (55 ألف ليرة) دون أجور توصيله، كما تبلغ تكلفة سيارة الرمل (10 أمتار) حوالي (90 ألف ليرة)، كما أصبح إكساء أرضية الشقق بالبلاط أو السيراميك أو الغرانيت أمراً صعباً لكثير من شرائح المجتمع، فمتوسط سعر متر السيراميك المصنع محلياً (3000 ليرة) وهذا من النوع الخفيف، فيما يبدأ سعر متر السيراميك المستورد (من 8000 ليرة وحتى 16000 ليرة) أما الغرانيت فقد بلغ وسطي سعر المتر (6000 ليرة) ويزداد السعر حسب النوعية والمنشأ فيما بلغ سعر متر رخام وطني (20 ألف ليرة) أما المستورد فهو يقارب الـ (50 ألف ليرة) أي أن تركيب مطبخ رخام أصبح يكلف حوالي مليون ليرة.
وأشار إلى أن أسعار تلك المواد التي تم ذكرها تختلف بحسب الزبون والأنواع والمنشأ وعدة عوامل أخرى مشيراً إلى أن إمكانية ارتفاع أسعار هذه المواد عن وضعها الراهن.
ثم قصدنا محل بيع خزانات المياه والمغاسل وعند قراءتنا للأسعار تفاجئنا بارتفاعها حيث أشار صاحب المحل فارس محمد إلى أن سعر خزان المياه وسطياً يبدأ من (40-100 ألف ليرة) حسب نوع وحجم الخزان وسماكة التصفيح، أما أسعار المغاسل والمراحيض تبدأ من (35 ألف ليرة) للأنواع المحلية في حين تقارب الـ (55 ألف ليرة) وما فوق للمستورد، وأمام هذا الواقع فالكثير من المواطنين يرون أن تجار مواد الإكساء لا يخضعون لأي جهة رقابية كون مبرراتهم باتت جاهزة من حيث أجور النقل والرسوم واليد العاملة… إلخ.
وأيضاً يقول عماد غزال صاحب محل حرفة نجارة عربية: سعر الباب الخشبي يقارب الـ (200 ألف ليرة) كما أن تركيب المطابخ الخشبية الحديثة يكلف (600 -700 ألف ليرة) وتزداد التكلفة تبعاً لنوع الخشب ومزاجية الزبون ومساحة المطبخ والمواد والإكسسوارات التي توضع عليه.
تنظيم ضبوط بحق المخالفين
وعن كيفية مراقبة أسعار مواد البناء حدثنا السيد إبراهيم عبد الهادي رئيس دائرة الأسعار في مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك باللاذقية: تقوم المديرية بمتابعة أسعار مواد البناء ومستلزماتها من خلال الكشف على البيانات لكافة مواد البناء المستوردة والتأكد من بطاقات البيان والمواصفات والجودة حيث تقوم دوريات حماية المستهلك بجولات على أسواق ومحلات مواد البناء للتحقق من إعلان الأسعار المحددة وتداول الفواتير بين حلقات الوساطة التجارية.
وأوضح عبد الهادي أنه يقع على عاتق المستورد تبيان كلفة مادته وفي حال وجود شكوى أو شك يسحب بيان الكلفة بالإضافة إلى جميع المستندات المبنية عليه ويتم دراسة السعر الوارد فيه ومعرفة ما إذا كان السعر مطابقاً للواقع ففي حال عدم مطابقته يتم تنظيم الضبط اللازم بحقه.
وأضاف: نحن كدائرة أسعار نقوم بالعمل على تنظيم اللوائح السعرية الرائجة في السوق وبما تباع من أجل مطابقة الأسعار في السوق مشيراً إلى ضرورة تداول الفواتير بشكل صحيح وسليم بناءً على الأسعار الحقيقية وليست الوهمية وعند ثبوت أي مخالفة يتم اتخاذ ما يلزم بشأنه أصولاً بحق المخالفين فقد تم تنظيم عدد من الضبوط بحق المخالفين واتخاذ الإجراءات المناسبة وهي: عدم الإعلان عن الأسعار (54 ضبطاً)، وعد حيازة فواتير كهرباء، صحية.. إلخ (39 ضبطاً).
بثينة منى