الوحدة : 6-5-2022
تشبثت يمينها بقبضة عكازها وضمت باليسرى باقة الريحان إلى قلبها، وقفت بخشوع أمام الضريحين، قرأت سورة الفاتحة في سريرتها وتقدمت خطوتين حتى صارت بين اللحدين، جثَتْ على ركبتيها وقسَمت باقة الريحان باقَتين، وضعت الأولى فوق ضريح زوجها، الضابط الشهيد في معركة صد الاجتياح الاسرائيلي للبنان في الثمانينات، والثانية وضعتها فوق ضريح ابنها الضابط الشهيد في معركة صد الاجتياح الداعشي لمدينة تدمر أوائِل عشرية الحرب على سورية، أخذت تمسِّد رخام الضريحين البارد بيديها وأَغْمَضت عينيها عن دمعتين مستحضِرةً الذكرى…في اللحظة التي ضمت فيها مولودها الوحيد إلى صدرها أتاها خبر استشهاد زوجها وكأن قلبها ضمَّ روحاً وودّع أُخرى، هي اليوم روحٌ بعكازٍ وباقة ريحان تقف على رخام روحين، تُرَتّل الذكريات في عيد الشهيد بين قبرين، الأول لشهيدٍ استشهد غَرب الوطن والثاني لشهيدٍ استشهد في شرقه، وفي عيد الشهيد يلتقي غرب الوطن وشرقه في مكانٍ واحد تجثو فيه روحٌ بعكازٍ وباقة ريحان. في عيد الشهداء تجثو أرواحنا جميعاً في شرق الوطن وغربه، في شماله وجنوبه ويتناثر الريحان فوق رخام أرواحٍ لم تعرف يوماً وجهة إلا وجهة الوطن ولا اتجاهاً إلا اتجاه الوطن، بوصلة الشهيد لا تعرف إبرتها إلا اتجاهاً واحداً هو الوطن وليس للريحان فوق أضرحتهم وجهةً إلا وجهة الوطن. في عيد ذكراها إلى كل الأرواح التي كان الوطن وجهة بوصلتها، سلام الله وسلام الوطن.
شروق ديب ضاهر