الوحدة- لمي معروف
الطفل العبقري هو الذي تظهر عليه ملامح الذكاء الشديد في مجال من المجالات في سن مبكرة، ولكن ينبغي التمييز بين الطفل العبقري الحقيقي والطفل العبقري الكاذب الذي لا ترجع عبقريته إلى موهبة أصيلة ولكن إلى تدريب مفرط، وكذلك ينبغي أن نفرق بين الطفل العبقري والمعتوه الذي يظهر تفوقاً في مجال محدود، ولكنه لا يفهم ما يفعل نتيجة تدني ذكائه.
وليست العبقرية عند الطفل العبقري من باب الشذوذ فهو لا يملك شيئاً لا يملكه الآخرون ولكنه يملك أكثر مما يملكون منه، ولم يثبت أن تفوقه نتيجة وراثة ولكن غالباً بفضل موهبة خاصة، وقد ثبت أنه بقدر ما يظهر العبقري من تفوق في ناحية فإنه يكون عادياً في بقية النواحي، وأحياناً ما يظهر تخلفاً في غير تخصصه إلا أنه في تخصصه يشغل بما يتعلق به ويقرأ فيه ويتدرب عليه، حتى أنه ليعرف من أسراره ما لا يعرفه الآخرون عنه، وتكاد تنمو لديه في مجاله حاسة خاصة، ومن هؤلاء أذكر طفلاً كان يسمى الطفل الحاسب إذ ضرب ( 365365365) في نفسه بأقل من دقيقة، ويبدو أن هذه الحاسة الخاصة هي طريقته التي يبرع فيها وتقوم في الأغلب على اختصارات ونتيجة استخدام مفاتيح اصطلاحية عنده يصنعها لنفسه، قد يشرح تأثيرها وقد لا يفعل زاعماً أن النتيجة يتفتق عنها ذهنه فجأة، وبعض عباقرة الحساب يتصورون الأرقام ويرتبونها في أذهانهم.
إن قدرة الطفل العبقري ليست معجزة، ولكنها مقدرة تطورت عنده تطوراً عالياً نتيجة المران. التذكر والاهتمام والتركيز والتلقائية والتخصص والاستخدام لطرق معينة، وقيل أن عبقري الشطرنج لا يبدو عبقرياً في غير مجاله وقد ترتبط عبقرية الشطرنج بمهارات وقدرات أخرى غير الرياضيات، كالتفكير المجرد والموضوعي والتركيز وضبط النفس، وترتبط أيضاً بالإرادة القوية والثقة بالنفس، وقد لا يحتاج لاعب الشطرنج الموهوب إلا إلى القدرة على التصور والتنبؤ وتحليل النتائج.
وبعض الأطفال لديهم عبقرية التذكر، فيذكر صفحات قرأها للمرة الأولى عن ظهرقلب، ويظهر النبوغ في الموسيقى في وقت مبكرنسبياً، ويبدي الطفل النابغة في الموسيقى من أنواع السلوك ما يوحي بميوله وهو في سن الثانية، ولا يكاد يصل إلى الثالثة أو الرابعة إلا ويكون قد برع بها،
وكثير من الموسيقيين الموهوبين الذين أظهروا تفوقاً من صغرهم كانت لهم خلفية موسيقية عائلية.