في الذكرى الأولى لتحرير سوريا.. الأديبة أمل حورية تتحدث عن انعتاق الكلمة وعودة الروح إلى الحروف

الوحدة- د.رفيف هلال

في الثامن من كانون الأول تحلّ الذكرى الأولى لتحرير سوريا من النظام البائد، ذكرى تُفتح فيها نوافذ الذاكرة على عقود من القمع، وتُستعاد خلالها الحكايات التي كانت تُروى همساً قبل أن تتحرر، كما تحرر الوطن. وفي هذا السياق، تتحدث الأديبة أمل حورية في لقاء خاص، بصيغة شهادتها التي تنقلها بصدق دون تغيير أو إضافة، عن تلك السنوات العصيبة، وعن معنى الخلاص الذي حملته لحظة التحرير للشعب وللكلمة معاً.
تقول الأديبة أمل حورية: إنه الخلاص، إنه الانعتاق من أسر العبودية بكل ما تحمله كلمة عبودية من معنى، مستعيدة بدايات الطفولة حين كنا أطفالاً نُدجَّن فيما يسمى منظمة الطلائع، أطفالاً بعمر الزهور يؤمرون أن يهتفوا بأعلى أصواتهم بعد أداء تحية العلم بحياة القائد وخلوده الأبدي.
وتتابع شارحةً أن المراحل الدراسية اللاحقة، الإعدادية والثانوية، عمّقت هذا التدجين عبر التدريب العسكري الفتوة والمسيرات الداعمة الدائمة على مدار العام، متسائلة كيف لنظام استبدادي كهذا ألا ينجح في تثبيت سلطته وقد غسل العقول وربط مفهوم الوطن بدوام وجود الدكتاتور على كرسي الحكم وكأنه قدر لا مفر منه.
وتوضح أن المرحلة الجامعية كانت أخطر مرحلة، حيث زُرِع المخبرون وكتبة التقارير بين صفوف الطلبة لاصطياد كل كلمة وحرف وموقف ينتقد ولو حتى أكوام القمامة في الشوارع. وتشير إلى أن هذا الرعب شلّ تفكير الشعب وحوله إلى مهرج يدبك في المناسبات التي سميت زوراً “وطنية”، وإلى أن المثقفين تحولوا إلى أبواق لمدح السلطة، وهو ما لمسته بنفسها بعد انتسابها إلى اتحاد الكتاب العرب منذ عقد ونيف.
وتشير حورية إلى أن قيمة العضو في الاتحاد تزداد بقدر ما يمدح ويلمّع الدكتاتور، وأن الويل لكل من يكتب حرفاً ينتقد فيه أي منحى من مناحي الحياة ولو كان هذا النقد يهدف إلى العيش الكريم ليس إلا. وتؤكد أنه بعد الثورة المباركة في عام 2011 اعتُبر كل منتقد معارضاً وبالتالي عدواً.
وتتابع قائلة: إن الكلمات كانت مقيدة بأغلال القمع، والعبارات رُهنت فقط لتمجيد الدكتاتور ومن خلفه كل من يؤيده، وانتشار المطبوعات والمحاضرات التي تمحو الثقافة السورية الأصيلة، إضافة إلى استمالة الشباب بالأموال والإغراء بطباعة ونشر مقالاتهم وإبداعاتهم مجاناً.
وتشير حورية إلى أنه بعد التحرير أزيحت عن كاهلنا هذه السنوات العجاف الطويلة، وعاد إلى النصوص نبض الإنسانية والصدق، وتحررت الكلمات من الأغلال لتصبح قادرة على شرح الوضع ومسببه الحقيقي دون وجل ولا رتوش. وتقول: إنها لم تعد مضطرة لوضعها في قالب يرضي المخبرين وكتبة التقارير بعدما اعتادت طويلاً على المواربة، إذ كانت في كل قصة تكتبها تتحايل على الجلادين، تمرر فكرة بين مجموعة أفكار، وتلبسها ثوباً مزركشاً كي تخدع الألوان بصرهم وبصيرتهم.
وتؤكد أن أقبح ما يمكن هو حبس الكلمات في صدرك دون أن تتجرأ على البوح بها وأنت محاط برهط من المؤيدين حتى النخاع لسلطة متوحشة دجّنتهم على مر عقود.
وتشير أديبتنا إلى أن كلماتها في ذكرى التحرير سترتدي أجمل أثوابها، سترقص على مساحات الورق الأبيض النقي كالثلج، ستعانق أرواح شهداء الثورة الأماجد، وستعاهدهم ألا نفرط بهذا النصر العظيم.
وتختتم قائلة: إن كتاباتها القادمة لن تكون عن الوجع والألم والحسرة، بل عن الفرح والبناء، عن سوريا العظيمة التي عادت لكل أبنائها الشرفاء.

تصفح المزيد..
آخر الأخبار