المطرب سومر بستاني بين ساحة الفن والقتال

الوحدة : 12-11-2021

شاب يشدو كالعندليب (مسافر) يترك وراءه أحلاماً وذكريات ومكاناً ليلبي نداء الوطن, يترك العود من يديه ويحمل بندقية طوعاً, يخطو في دروب يشقها بالآمال ويعبدها بأحلام وردية.

في لقائنا مع المطرب الشاب سومر بستاني كان الحوار الآتي: ماذا عن بداية المشوار وكيف وجدت الفن؟ لم أكن أعلم أن طريق الفن شائك بهذا الشكل وكنت أظنه سهلاً كما الأحلام الجميلة, نشأت في بيت دافئ وكل شيء فيه جميل وبسيط، كنت أصحو على صوت العود يشدو برفقة والدي, لأجلس ساعات مسافر بين النغمات, وهو ما بثّ الرغبة في نفسي للتعلم .فكان والدي أول معلم لي وسقاني أول المقامات لأرتوي بغيرها في العود والغناء وأعجبني الأمر وشجعني عندما وجدني أملك خامة الصوت الشجي التي تؤهلني لأكون بين المطربين, لم أكن أفكر أني سأكون يوماً مطرباً. دخلت الجامعة كأي شاب لأكمل تعليمي ودراستي لكن الذين رافقوني من أصدقاء وزملاء كانوا يشجعونني كلما سمعوني أغني, وهو ما شجعني لأجرب وأخوض في التجربة التي نجحت بجدارة عندما دخلت مسابقة غناء للهواة عام 2013 كان قد أعلن ونشر عنها معهد قيثارة للموسيقى والرسم, ونلت الفوز بالمرتبة الأولى بين أكثر من 300 شاب تقدم للمسابقة, وكان لي الفرصة بأغنية كتبها ولحنها الأستاذ عدنان أنوس لتكون أول أغنية لي وأول خطوة شقت طريقي للفن.

الأغنية بعنوان (مسافر) تحكي عن مسافر يترك وراءه أحلاماً وذكريات لكنها لم تلق الصدى الذي كنت أطمح له, إذ لم يوجد الدعم المادي المطلوب فينتهي الموضوع في حينه وكأن شيئاً بالنسبة لهم لم يكن, ولكن الفن قد سيطر علي وانتشر في كل كياني ولم أعد قادراً على الخروج منه, وأنا ما مللت أو كللت ووضعت حلمي نصب عيني ومشيت في طريقه رغم وعورته وأشواكه, لكني انعطفت عنه قليلاً عندما ناداني الواجب والوطن وتطوعت وأسرعت إلى جانب رفاقي على ساحات القتال والجبهات..

وأين الدراسة بين الخدمة والفن؟

توقفت عن الدراسة الجامعية وأجلّتها، فميولي للفن طغى في نفسي كما أن الوطن مطبوع على جدار القلب وما بين النارين وقعت لأبتعد عن الفن وأغيب عن ساحاته لسنة ونصف تقريباً استبدلتها بساحات القتال التي كان لها وقعها في الأذن والقلب أغنية وقصيدة يعلو نغمها مع همهمات الرفاق ولما حققنا النصر وهدأت الحرب عدت لأغني فإذ بصوتي قد تغيرت طبقته ويحتاج للتمرين من جديد فهو كما الجسم يحتاج للتمارين اليومية لترجع ليونته ولياقته, ورجعت إلى والدي يدربني كما قصدت معلّماً لأعاود الدرس في المقامات والصولفاج وكلما سنحت لي الفرصة تدربت ورجعت للغناء وكان أول مكان غنيت فيه بحفلة نظامية بمطعم النبع عام 2018 وقد أوصلني إلى متعهد الحفلات فيه أحد الأصدقاء, بداية وجلّ قلبي وأنا بمواجهة مباشرة مع جمهور غفير, لم أجسها في مواجهتي بساحات القتال, مع أن الجمهور والحضور قد أنصتوا وتفاعلوا وكانوا في غاية السعادة والانشراح, لكن كل ذلك لم يرضني وقد حسبت في نفسي أن لي باعاً طويلاً في الغناء, لكن تواجدي في مطعم وآخر كسر حاجز الخجل وما في نفسي من وجل ليصير الأمر سهلاً علي, وأتردد على مطاعم المحافظة جميعها ويتسع لي مكاناً في ساحة العناء.

ألم يكن لمواقع التواصل عندك فعلها كما كل أعمال الناس؟

رد: من المؤكد أني استخدمت مواقع التواصل, لينسكب صوتي على أسماع الناس الذين تدافعوا على شاشة الموبايل وصار لي اسمي وشهرتي وتزايد علي الطلبات من المطاعم والمقاهي وغيرها في المدينة وخارجها, لكن كورونا أوقفت شغلي كما كل الناس.

هل الفن كغيره من السلع يتأثر بالأزمات الاقتصادية والأوضاع المعيشية؟

الفن كغيره من الأعمال يتأثر بأوضاع الناس وأحوالهم, تأثرنا بكورنا وكان الوضع الصحي أصعب من الوضع الاقتصادي, وهو ما كف الناس أن يجتمعوا في المطاعم ويمنع عنهم ارتيادها, كما أن أوضاع الناس ومراتبها تختلف اليوم كثيراً ولم يعد لغير ذوي الطبقة المخملية ارتياد مطاعم خمس نجوم وللطبقة المتوسطة، وذوو الدخل المحدود لها مطاعم النجمة ليكون لكلّ مطعم زبائنه, ولا أفرق بينها وأدائي ذاته في المطعمين، ويمكن أن يكون أفضل بمطعم بنجمة واحدة لتحلي ناسه بالبساطة ولا وجود للتعقيد والبريستيج فأجدني على طبيعتي.

هل تؤمن بفرصة الحظ؟

نعم أؤمن بضربة حظ يقف النرد عليها, وكثير من المطربين صادفوها ووصلوا لمراتب وحققوا حلمهم, وقد حققت بعضه عند ناس أنصتوا لي وسمعوني بكل جوارحهم فكانوا رصيدي وفرصتي لأوسع دائرة انتشاري، لا مستحيل ولا أحد يصل لطموحه وحلمه دون عتبات وعثرات ويوجد منا من مضت سنين عمره ووصل للستين ليكون له اسم وشهرة، أرغب أن أحترف الغناء ويكون منه معاشي وسعادتي, ولديّ الصوت الذي يتمناه أي مطرب وفنان, كما يشيد بذلك معلمي ورفاقي وكل من حولي, ولا أريد أن أستند على والدي الفنان وأجعله عكازي, أريد أن أطلع درجات سلم طريقي إلى الفن والشهرة لوحدي دون عكاز ولا أرضى لنفسي غير ذلك, نحن بزمن التطوع والعمل الإنساني فهل كنت بين أهله ؟ ابن خالتي متعهد حفلات فقمت معه بمشروع للجرحى وذوي الشهداء كان فيه أن نقيم حفلات أعراس وخطبة ومجانية للجرحى وذوي الشهداء إخوة وأولاد, وكانت ترافقني فرقتي الموسيقية في ذلك والمؤلفة من عازفي (الأورغ والعود والدربكة والطبل) ولهم جميعهم كل الشكر.

 هدى سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار