إضاءة على دراسة حول المجلاّت الموجّهة للطفل العربي

الوحدة 7-1-2021 

  إذا كانت القراءة الإيجابية تلبي أهم الحاجات الأساسية للطفل كالحاجة إلى تنمية الخيال و الجمال و المعرفة، فإن أهمية مجلات الأطفال تنبع من أهمية المرحلة العمرية التي تتوجه لها تلك المجلات ودورها في تكوين شخصيتهم وبنائهم النفسي والاجتماعي، وتأثيرها الهام في ترغيب الأطفال في القراءة وتنمية وعيهم الثقافي منذ الصغر، فالمجلات التي يتابعها أطفالنا تعدُّ مسؤولة إلى حد كبير في تحديد نوعية شخصياتهم مستقبلًا من خلال ما تقدمه لهم من معلومات في جميع المجالات لذا يجب الاهتمام بها شكلاً ومضموناً، لأنها تلعب دوراً هاماً في تقديم الخبرة الأولى للقراءة والتذوق الفني والجمالي للطفل، إذ إنها تعدُّ أول لقاء له مع الأدب والفن والعلوم. وعلى الرغم من العدد القليل للدراسات والأبحاث التي تدور في فلك عالم الطفولة إذ تكاد هذه الدراسات أن تعد على الأصابع لندرتها أو لمحدودية نتائجها وتوصياتها المستخلصة منها.. قد تتعدد الأسباب التي نستند من خلالها على كلامنا هذا ولكن لاشيء يبرر عدم اهتمام الجهات الرسمية أو المجتمعية بهذا النوع الهام من الأبحاث التي تؤسس لنهضة معرفية وتربوية بما يخص أطفالنا في سورية خاصة والوطن العربي عامة. لكننا ومن خلال هذه السطور نسلط الضوء على دراسة هامة في هذا المجال خرجت عن المألوف وحاولت تقديم لمحة حول – المجلاّت الموجّهة للطفل العربي – للباحث الدكتور سعيد يحيى بهون علي ، وهي دراسة تؤرخ لانتشار مجلات الأطفال في العالم العربي والدكتور الباحث متخصص في أدب وثقافة الأطفال . تقول الدراسة أن المجلاّت الموجّهة للأطفال في مختلف الأقطار العربيّة ، مرت بمراحل عدّة في تطوّرها، فقد بدأت بداية مدرسيّة تتّخذ من التلاميذ عماداً لها في تحرير موادّها، ثمّ تحوّلت إلى صحافة موجّهة تشرف عليها مؤسّسات حكوميّة أو مستقلّة، يحرّر فيها شعراء وكتّاب ورسّامون وتتناول شتّى أساليب الحياة، الهدف منها تثقيف الطفل وتوعيته والإسهام في تنشئته. وقد شهدت صحافة الأطفال في الأقطار العربيّة عموماً تطوّراً بارزاً، وتقدّمت إلى الأفضل من وجوه عديدة، فمن حيث الشكل حدث تطوّر في الألوان والرسوم والصور وجودة الورق والطباعة، أمّا من حيث المضمون فقد تحسّن تحسّناً ملحوظاً من وجوه عدّة، أهمّها أنّها: تخلّصت من التبعيّة للمجلاّت الأجنبيّة إلى حدّ ما، وباتت لا تترجم إلاّ ما هو مفيد ومناسب. وتعدّدت الزوايا وتنوّعت، إذ كانت المجلاّت في بدايتها مقتصرة على القصص والتسالي والوصايا. وأصبح ما ينشر فيها أكثر مناسبة للأطفال وأعمارهم. وبات المشرفون على تحريرها أكثر تخصّصاً وفهماً لنظريات التربية وعلم النفس من سابقيهم. كما استفادت ولا تزال تستفيد من تجارب صحافة الأطفال في العالم. وتعاونت بعض هذه المجلاّت مع الجامعة العربيّة ومنظّمة اليونسيف على غرار مجلّة – أسامة – السورية، إذ تخصّص صفحة لمنظّمة اليونسيف تذكر فيها أخباراً وآراء ونصائح للأطفال وذويهم. وخلصت الدراسة إلى أنّ الخطاب الثقافي في أغلب هذه المجلاّت لا زال يفتقد إلى اتّساق في نظام القيم، بل نجد تبايناً بين قيم مضامينها، وأكثر من هذا أنّ هذا الاتّساق لا يُشكّل هاجساً من هواجسها رغم أهمّيته في بناء شخصية سليمة للطفل ، يضاف إلى هذا أنّ هذه المجلاّت متفرّقةً ومجتمعةً لا تطرح منظومة متكاملة للقيم ، ويلاحظ تركيز أغلبها على القيم المعرفيّة على حساب قيم تنمية الشخصيّة ، من حرّية وثقة في النفس واحترام الرأي والرأي الآخر، وتنمية مهارات الإبداع، ممّا جعل منها نسخا معدّلة من الكتب المدرسيّة . بقي للقول : أن المضامين العلمية والأدبية والفنية وغيرها من المواد المقدمة للأطفال على صفحات مجلات الأطفال ليست مجرد موضوعات للترفيه؛ فهي تحتوي على أبعاد أخرى تقوم على بناء التكوين العقلي والعاطفي للأطفال ، وتنمية مداركهم وخيالهم والإحساس بالجمال لديهم. ففي هذه المضامين إشارات ذات مدلول سامٍ تخاطب الطفولة وتؤثر فيها ، إذ لطالما خطت هذه المواد تباشير الذائقة الفنية والمعرفية في ذاكرتنا بصفحاتها المشرقة التي امتدت لفترات طويلة واستلهمنا من خلال موادها وموضوعاتها أحد أهم الآفاق نحو المستقبل لذلك – وحرصاً على أهمية هذا الجانب الحيوي في الأدب الموجه للأطفال عموماً ومجلات الأطفال بشل خاص – يجب الإشارة إلى هذه الدراسة كواحدة من الدراسات القلائل التي تؤكد على أهمية الانتباه إلى ما يوجه إلى أطفالنا وانتقاء الجيد منه فقد بات من المعلوم أننا نتشارك في تربية أجيالنا مع العديد من الجهات والنوادي والتقنيات الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي بأشكالها المختلفة مع الأمل بأن تكون المجلات الموجهة لأطفالنا حديقة للمعارف يقطف منها الطفل ثمار العلم والمعرفة ويتمكن من المشاركة الفعالة في بناء مجتمعه بشكل حضاري .

فدوى مقوص

تصفح المزيد..
آخر الأخبار