دعوة للقراءة.. (رنين ترسم الكلام)… رسومات تتخطى حاجز الإعاقة بعالم من التخيّل والإبداع

الوحدة 7-1-2021 

كيف نستطيع أن نجعل الطفل مصدقا لأفكارنا ؟ الأمر بسيط للغاية: عندما تكتب نصاً، يكون شبيهاً بموسيقى أغنية تأخذ بالألباب كما قال القدامى.

هذا ما قاله الكاتب الحسن بنمونة عن الموضوعات التي يجب أن تعالجها النصوص الشعرية والقصصية الموجهة للأطفال فحسب رأيه أن : (الكتابة خلقت لتعبّر عن المشاعر والقيم، عن الأفراح والأحزان والآلام، وعن القيم التي تصنع رقي المجتمعات، قد نقول إن هذا ينطبق على الأدب الموجه للكبار فقط، ولكن لا بأس من الاعتراف بأن الأدب الموجه للصغار لا يخرج على هذا النطاق، فأنت تستطيع تناول أي موضوع – باستثناء الموضوعات المثيرة للكراهية- يصنع تأثيراً في نفسية الطفل، هذا الكائن الحي المقبل على الحياة، الذي يرغب في أن يكون إنساناً يعيش في مجتمع يحترم القانون والقيم، في مجتمع يقدر الذات المبدعة الخلاقة، ينبغي لهذا النوع من الأدب أن يقدم خدمات معنوية للطفل، في تحفيزه على التفكير وتربية ملكتي الخيال والكتابة، وإدماجه شيئاً فشيئاً في عالم الكبار، تعبر عن الأفكار من خلال الحيوانات والأشياء، وكأنك تريد القول إننا نحن بني البشر جزء لا يتجزأ من الطبيعة والكون والوجود، والتعايش يتحقق من خلال التناغم بين الألوان والأجناس).

 ودعوة (جريدة الوحدة) اليوم لمتابعيها من الأعزاء الأطفال تزامناً مع الاحتفال باليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة – لقراءة قصة بعنوان (رنين ترسم الكلام) للكاتب الحسن بنمونة الذي استثمر كل ما يملكه من موهبة في التعبير عن هذه الفئة التي تعيش معنا، ولا تقل عنا إبداعاً وإنتاجاً وإنسانية وقيمة، فنراه يبدع في مجال الحرف، من خلال روايته التي تتحدث عن الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة وعن أحلامهم وعقباتهم. وجاء في التقديم لهذه القصة أنه: انطلاقاً من عنوان الكتاب، ومن اختيار اسم الطفلة، نجد أن الكاتب يتحسس كل جزئية تساعده وتسعفه في الحديث عن فئة معينة من أطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وهم (البكم)، فاختار اسماً له دلالاته الصوتية في معارفنا، ويبقى على هذه الدقة من الاختيار، إلى أن يصل إلى نهاية القصة، ويتناول الكاتب موضوعاً مهماً، وكان جميلاً منه ابتعاده الموفق عن ذكر مفردات تدل على حالة الطفلة البكماء (رنين)، وتجنبه لتفاصيل اعتدنا عليها في قصص كثيرة مثل تعرض الأطفال من ذوي الاحتياجات لسخرية الأقران، إذ لم نجد وصفاً أو تعبيراً مباشراً لمثل تلك الحالات والمواقف، ويستثمر الكاتب عامل الحزن، ويتّخذ من الرسم حاملاً مركزياً لسرد تفاصيل حكايته عن رنين، يسرد تلك التفاصيل بأصوات كثيرة، صوت الراوي وأصدقائها من الدمى والحيوانات وحتى الساحرة التي تحاول أن تزيل الحزن من قلبها الحزين، وقد استخدمت القصة (الرسم كوسيلة للتعبير) التي تحاول رنين من خلالها أن تتحدث عما يجول في رأسها من أفكار ورغبات وأمنيات، غير أن المحيط لا يعرف ما الذي تريده. إلى أن يكتشف الببغاء وكذلك الأم رغبة رنين في الدخول إلى المدرسة، من خلال رسمها للمدرسة وللأطفال الذين يلعبون في ساحتها (في رأسها رغبات وأفكار وكلام وأمنيات وأحلام. ولكن ما باليد حيلة، فتنهمك في رسم مقلمات ومحافظَ، ثمّ يُشعُ في عينيها بريق، هو افتخار بما فعلت! صحيح أن عينيها كانتا شاخصتين فيه، ولكن يدها كانت تخطّ خطوطاً وأشكالاً. كانت في الواقع ترسم مقاعد في حجرات).

 ومن الأمور التي لابد من ذكرها في قصة – رنين ترسم الكلام – إطلاقها العنان للخيال، وبعدها عن الطرح الرتيب لمشكلة الطفلة، فكان العندليب الذي حاول الغناء لها لتفرح، والقط الذي حاول إسعادها بشقاوته، والببغاء الذي حاول أن يقلد أصوات مشاعرها، والساحرة التي لم يسعفها السحر في انتشال رنين من عوالم الحزن.. ختاماً، وأمام نص حافل بالخيال، نقول إنها قصة مؤثرة ذات مغزى تربوي هام، يحكي لنا كاتبها عن طفلة صغيرة تحاول أن تعبر عن نفسها بالرسم لأنها لا تستطيع الكلام. وبنص يمزج بين الواقع والخيال، يأخذنا الكاتب في رحلة رنين للتعبير عن نفسها ومع كل صفحة نجد مفتاحاً يقربنا أكثر من حل اللغز ومعرفة ما الذي تريده بطلتنا الصغيرة المثابرة. وقد ساعدت رسومات الفنانة (براء العاوور) في تبلور أحداث القصة و شكلت رديفاً جميلاً وقادراً على أن يلفت انتباه الطفل وأن يجذبه إلى أحداث القصة ليخلق له خيالات شاسعة وعوالم مدهشة بشخصياتها المعبرة وبألوانها الداكنة المشبعة التي يغلب عليها اللون الأزرق على نقلنا إلى عالم رنين الغامض الساحر. كما صورت الرسامة رنين بثوبها الأبيض وشعرها البرتقالي وكأنها تسبح في رسوماتها مع أحلامها وأمنياتها التي تحتويها. إنها قصة جميلة بطلتها طفلة صغيرة لديها عائق ولكن لا يمنعها ذلك من التخيل والتعبير عن مشاعرها بطريقتها الخاصة.

فدوى مقوص

تصفح المزيد..
آخر الأخبار