الزوجة العاقر أمام خيارين: الضرّة أو … الطلاق!

الوحدة 6-1-2021 

 يجلس الزوجان يحلمان… أو يتشاجران على عدد الأولاد الذين يرغبان في إنجابهم! فالزوجة لا ترغب بأكثر من طفلين في حين يود الزوج أن ينجب عشرة من الأولاد ولكن تجري الرياح أحياناً بما لا تشتهي السفن عندما يكتشف أحد الزوجين أن شريكه غير قادر على الإنجاب.

 العقم هو المشكلة الاجتماعية الأساسية في المجتمع الشرقي الذي يرفض المرأة العاقر أكثر مما يرفض الرجل العقم، فالمرأة العاقر لا تستقرّ علاقتها الزوجية كما بدأت. فهي إما أن تبقى رقماً في حياة زوجها وإما أن يكون مصيرها الطلاق على الرغم من أن مسألة العقم تعد مسألة شخصية في الغرب ولا تعني سوى الزوجين فقط إلا أنها في عالمنا العربي تصبح مشكلة الجميع من له علاقة ومن لا يعنيه الموضوع أصلاً وهو ما يؤدي إلى تشعب المشكلة أكثر فأكثر وزيادة ضغوطاتها النفسية والاجتماعية على المرأة بشكل أكبر خاصة إن كانت هي الطرف الضعيف في هذه المشكلة وذلك في ظلّ انعدام الخصوصية في مجتمعاتنا التي تتحول فيها الأمور الخاصة إلى قضايا عامة يتدخل فيها الجميع.

 ومع انتشار هذه المشكلة عالمياً إلا أن آثارها الاجتماعية والنفسية تستعمل أكثر في عالمنا العربي مدفوعة بالعوامل الدينية والاجتماعية والإرث الثقافي.

 وينظر إلى العقم في العالم العربي على أنه فشل في الحمل فهو ليس مرضاً يهدد الحياة ولكنه يشكل تهديداً نفسياً كبيراً للمرأة ووضعها الاجتماعي.

 معظم الأزواج يظنون أنهم لم يختاروا التوقيت المناسب لحصول الحمل وهذا يستدعي مراقبة الدورة الشهرية لدى الزوجة وهناك أسباب أخرى لعدم حدوث الحمل كنظام الأكل غير الصحي إذ إن على الزوجة أن تتناول الأطعمة الغنية بالمعادن والفيتامينات الطبيعية فهي تساعد في تنشيط الجسم إضافة إلى ممارسة التمارين الرياضية الصحية لسوء الحظ .فإن العقم ليس مشكلة نادرة الحصول بل على العكس فهذه المشكلة شائعة في كل المجتمعات فمن بين كل ست زيجات تعاني إحداها من العقم والأسباب التي تكمن وراء ذلك عديدة منها عمر الزوجين والمشكلات الجنسية التي قد تعترضهما وسوء التغذية والتدخين وشرب الكحول والأهم هو توقيت الحمل كما أن هناك العديد من الأبحاث التي لا تزال قيد الإنجاز تشير إلى أن ارتداء الملابس الضيقة يعدّ من أسباب العقم ولكن أكثر من 15 بالمئة من حالات العقم تبقى غير معروفة الأسباب من  الناحية البيولوجية وقد ينسب الكثير من الأطباء أسباب العقم إلى عوامل نفسية وكثيراً ما تؤدي الأزمات النفسية إلى مشكلات صحية وجسدية كتناول المهدئات وعدم الرغبة بالتواصل الزوجي والإحباط والكآبة وكلها أسباب تعترض حدوث الحمل.

 يعدّ العقم من أكثر المشكلات المعقدة التي قد يتعرض لها الزوجان .فعدم إمكان إنجاب طفل يشعر الزوجين بالخسارة والضعف .أما العلاج فيمكن أن يكون له تأثير عكسي في حال فشله والمجتمع العربي لا يرحم المتزوجين الذين لا ينجبون في الأعوام الأولى من الزواج أو حتى بعد مضي عام واحد فقط على الزواج وغالباً ما تبدأ الأحاديث في التداول بين أفراد أسرتي الزوجين حول موضوع الحمل والمصيبة التي يتم فضحها دوماً هي عقم المرأة وغالباً ما يكون العقاب الاجتماعي للمرأة العاقر أقسى من التعب النفسي الذي تشعر به فقد تفرض عليها الكثير من الإملاءات التي لا تتقبلها إلى امرأة عادية قد تقبل المرأة العاقر أن يتزوج زوجها بامرأة أخرى عندما تيأس من إمكان الحمل.

 ويثبت بصورة نهائية  أن العيب منها وليس من زوجها هناك سيدة تحدثت عن تجربتها مع العقم والتنازلات التي ترغم الزوجة العاقر على تقديمها في المجتمع الشرقي فتقول تزوجت منذ نحو سبعة أعوام وقد أحببنا بعضنا أنا وزوجي لأكثر من سنتين ولكن مهما كان الحب مسيطراً على نفوسنا لا يقبل الزوج كما لا تقبل الزوجة طبعاً إلا أن تنجب ففي الإنجاب تشعر المرأة باكتمال أنوثتها حيث تصبح أمّاً كما يحس الرجل برجولته الكاملة حين يصبح أباً.

 لكن القدر حرم هذه السيدة من الإنجاب ومن حقها الطبيعي بالأمومة وبعد ثلاث سنوات من الزواج الكئيب كما أطلقت عليه ضاق زوجها ذرعاً بعد محاولات حثيثة لتجربة كل المعالجات الطبية التي لم تأت بنتيجة وبدل أن تريح هذه المحاولات الزوجين قضت على آخر أمل لهما في الإنجاب ،ولا تخفي هذه السيدة دور الأهل وتدخلاتهم القوية في الموضوع ( كانت أمّه تردد دائماً أنها حزينة على ولدها لأنه محروم من حقه بأن يصبح أباً وكأنني أنا غير موجودة ولا أعاني مثله وربما أكثر منه وأنا متأكدة بأن أمّه هي التي كانت وراء تزويجه).

 وبعدما انتهت المدّة التي أعطاها زوج هذه السيدة لها كي تفكر بالقرار الذي يناسبها بين القبول بوجود امرأة أخرى في حياة زوجها أو الطلاق اختارت أن تبقى على ذمته ولو مكرهة على ذلك إذ كيف سينظر المجتمع إلى امرأة مطلقة وعاقر في الوقت نفسه خاصة و إنها تحتاج إلى الدعم المادي.

 ليست هذه السيدة الوحيدة التي تقدم تنازلاً مؤلماً كهذا لكونها عاقر فكثيرات هن النساء اللواتي يشعرن بالضعف حين يعرفن بأنهن عاقرات وهذا ما يدفعهن إلى تقديم الكثير من التنازلات التي لم يكن ليفكرن بالقبول بها لولا ما يواجهنه من واقع مؤلم.

لمي معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار