كيف نسيطر على السلوكيات اللفظية عند أطفالنا؟

الوحدة 25-11-2020

 توصي الدراسات التربوية والاجتماعية بضرورة متابعة أطفالنا ورعايتهم وتقديم كافة الوسائل والطرق التي تضمن لهم الحياة المستقرة والمستقبل المضمون ، لكن الأهم من ذلك هو الكيفية التي نتبعها في هذه المتابعة حتى لا تتحول إلى نوع من المراقبة التي تعدّ من الأشياء غير المرغوب فيها مهما كان مستواها أو شدتها أو أدواتها ، لكن لا بدّ من اللجوء إليها في بعض الأحيان لتدارك أمر ما قد لاتحمد عقباه ، فمراقبة ألفاظ وتعابير أطفالنا ( التي تعكس سلوكهم وقيمهم من خلال جمل ومصطلحات يتلفظون بها تبعاً للموقف الذي يتعرضون له في البيت أو المدرسة أو أماكن اللعب .. ) تبين لنا مدى انعكاس مؤثرات عدة امتزجت بقوة مع مصادر التربية الأساسية وغدت تشكل منبعاً يغرف منه أطفالنا ألفاظهم ومصطلحاتهم . ومن أهم هذه المؤثرات التلفزيون والقنوات الفضائية والألعاب الالكترونية . فأحياناً يصل بهم الأمر إلى نعت مدرسيهم ومعلميهم بألقاب تظهر في أحد المسلسلات أو تيمناً بإحدى الشخصيات التي تبث صورها وأقوالها في العديد من البرامج التي لا تحمل أية قيمة تعليمية أو سلوكية  ولا يقتصر الأمر فقط على السلوك اللفظي بل يتعداه إلى ما يخص تقليد حركات عنيفة – وأحياناً مؤذية – لبعض المشاهد التلفزيونية أو من بعض الألعاب الالكترونية سواء في قاعة الصف أو عند الانصراف من المدرسة أو حتى في المنزل .

قد يكون انشغال الأهل بتدبير شؤون الحياة هو السبب الرئيسي في انصرافهم عن متابعة مثل هذه السلوكيات لدى أطفالهم ، وكذلك الأمر بالنسبة للمدرسين والاداريين والمشرفين إذ يقتصر دورهم فقط على إيصال الرسالة التعليمية لهؤلاء الأطفال  ولكن مثل هذه التصرفات قد تتفاقم في بعض الأحيان لتصل إلى حد التطاول وتجاوز الحدود التي رسمتها الآداب العامة للمجتمع أو آداب الطريق وآداب المجلس وسواها ، لذلك لابدّ من وقفة مطولة نحدد من خلالها رسائلنا التربوية أولاً قبل غيرها من الرسائل الأخرى كي لا تختلط الأوراق وتتبعثر محتوياتها في فضاء رحب نعيش فيه ولكن يصعب علينا السيطرة عليه أو مسك زمام أموره . وبالتالي تكون جميع رسائلنا كنوع من الحبر على الورق بدون معالم أو أحرف تحدد مسارها ووجهتها لتأخذ الوجهة الصحيحة الملائمة . ويبقى للتذكير بأن اختيار الأنماط السلوكية والقيم الأخلاقية الواجب غرسها وتنميتها في شخصية أطفالنا من أهم الأولويات الحياتية التي يجب على الأهل التفكير بها وإدراجها ضمن المبادىء التربوية والاجتماعية التي ينقلونها بأمانة وحرص إلى أبنائهم من أجل إعداد أرضية صلبة تبنى عليها الأسس السليمة والصحيحة التي يتمثلها أطفالنا ويتصرفون من خلالها في مختلف اتجاهات حياتهم أو ميولهم أو مواقفهم ، وتأتي اللغة التي يستخدمها الأهل أمام أطفالهم في مقدمة هذه الأولويات ، والمقصود هنا باللغة المصطلحات والجمل والعبارات التي ينطقون بها في مجالسهم ومواقفهم اليومية في التعامل مع الناس والمجتمع المحيط بهم . فهل نختار ألفاظنا – عامة وأمام أطفالنا خاصة – بعناية لتتوافق مع رسائلنا التربوية المرجوة ؟ .

فدوى مقوص

تصفح المزيد..
آخر الأخبار