الرشوة.. من تداعيات الفقر

الوحدة 17-11-2020

غياب النوازع الأخلاقية لدى الكثيرين تظهر بأفعالهم التي تروي جشعهم وحدهم، هناك الكثير من حالات  الفساد موجودة بين موظفي القطاع العام على اختلاف أعمالهم ومواقعهم وتغلغلت الرشوة في مجتمعنا إلى الحد الذي أصبحت فيه جزءاً من ثقافتنا، وصار المواطن قبل أن يخرج من منزله للقيام بأي معاملة عادية أم كبيرة، بسيطة أو معقدة يضع نصب عينيه تصرفات الموظف العام للحصول على المكاسب الشخصية والمنافع المادية الخاصة على شكل إكرامية بالرشوة والابتزاز.

الرشوة نتيجة حتمية لاختلال المعادلة بين الدخل والخرج، الموظف الذي يتقاضى راتباً شهرياً لا يكفي لشراء حاجاته الأساسية لأكثر من أسبوع عرضة للسقوط في مستنقع الفساد والرشوة التي دخلت إلى كل ميدان ونخرت فيه حتى النخاع عبر سوء استخدام الوظيفة العامة للغايات الشخصية، كالحصول على مبلغ من المال ثمن فنجان قهوة أو شاي لإنجاز أو تسريع المعاملات، أو وضع العقبات والعراقيل التي لا تُحلّ بوجهها لتظل نائمة في الأدراج ولا تستيقظ دون دفع مبلغ مالي محدد متفق عليه، أو وثيقة تظل أياماً تراوح على قائمة الانتظار حتى يدفع صاحبها، وحينها يسلمها الموظف هاشاً باشاً، والتهريب من الداخل للخارج، ومن الخارج للداخل بدون رسوم جمركية ورقابة صحية وبيئية، وحتى دخول الحدود بشكل غير مشروع وبدون فحوصات طبية وغيرها مع ما يشكله من تهديد مباشر وخطير للسلامة العامة والمصلحة الوطنية.

الرشوة تدمر الاقتصاد وتقلل قدرة الدولة على تحسين ظروف الحياة اليومية للمواطنين، وتدفع النفوس الضعيفة للسعي للكسب غير المشروع وابتزاز المواطن في المؤسسات العامة ما يشكل أمراً شاذاً وخطيراً على جميع الأصعدة الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية ومخالفة صريحة تستوجب أقصى العقوبات.

علينا معالجة الأسباب قبل معالجة النتائج لتحصين المجتمع والنهوض به والبحث عن الحلول بدلاً من نكران المعضلات والمشكلات والتغاضي عنها وتحسين القوة الشرائية للموظف لتحصينه ومنعه من الإنجرار والانحراف للفساد ومحاربة الرشوة وشرح آثارها وتداعياتها السلبية على المواطن والصالح العام وعدم تبريرها والتقليل من خطورتها وتبخيس حجمها.

يجب مكافحة الفساد الذي يطول المواطن والمال العام والصالح العام واعتماد سلوكيات مضادة له وتعميم نهج التعقب والمتابعة ومحاسبة المخطئين وتضييق الخناق على الفاسدين وإشعارهم أن لا أحد خارج دائرة المساءلة والمحاسبة واتباع الشفافية في التعاطي مع القضايا الأساسية التي تمس حياة المواطنين بمنتهى المكاشفة والصراحة بما يعزز ويوطد العلاقة بين الحكومة والمواطن.

 نعمان إبراهيم حميشة

تصفح المزيد..
آخر الأخبار