ذاكرة!

الوحدة 17-11-2020

تستدعي الذاكرة دائماً أجمل اللحظات وأصعب اللحظات أما بين بين فإنها تحذف في سلة المهملات ويعلوها الغبار يوماً بعد يوم.

حتى لكأنها لم تقع أصلاً… والتذكر نعمة إلهية أنعم بها الله على الإنسان فالحيوانات مثلاً لا ذاكرة لديها بالشكل التحليلي وإنما هي مجرد غرائز تحركها وفطرة مركبة فيها ولولا ذلك لهلكت أما نحن بنو البشر فقد ميزنا الله سبحانه وتعالى بهذه النعمة التي بها نتعلم ولولاها لما كان هنالك علم وتراكم خبرة.

وتتفاوت القدرة على التذكر بين فئة عمرية وأخرى، فذاكرة الطفل ليست كذاكرة الشاب وهذه ليست كذاكرة الشيخ الفاني الذي يعيش فقط في الماضي أما الواقع فلا يتذكر منه شيئاً إلا لماماً أو ما يعلق بذهنه بين فترة وأخرى ويذهب بعض العلماء إلى أن هذه القدرة تبدأ في العمل منذ أن يكون الإنسان جنيناً وقد برهنوا على ذلك من خلال دراسات علمية تم خلالها تعريض بعض الحوامل لأصوات مختلفة الدرجة وعند إعادة تلك التجربة على نفس الفئة لاحظوا وجود ردات فعل متفاوتة على تلك الأصوات جعلتهم يستنتجون أن هذه الأجنة تسمع وتتذكر الأصوات أو الموسيقى التي ترتاح لها وتطرب عندما تستمع للأصوات  التي  تخيفها وتزداد درجات وطول ردات الفعل هذه تصاعدياً كلما أعيدت التجربة ما يعني أن هذه الأجنة استطاعت تذكر تلك الأصوات وتحليلها.

وسواء استطاع الإنسان أن يتذكر منذ كونه جنيناً أم لا فإن لهذه القدرة الدور الفصل في حياتنا اليومية.

فلنتخيل أن الإنسان لا ذاكرة عنده فكيف سيستطيع أن يدرس أو يحفظ مفردات اللغة أو حتى يتعرف على أهل بيته؟! وكيف له أن يذهب إلى العمل أو يسافر أو حتى يتذكر اسمه وعنوانه؟!

ولعلها طبيعة الإنسان باعتباره لا يحس بالنعم التي عنده وحتى إذا أحس بها فإنه يجحدها بحكم الطبيعة البشرية التي كثيراً ما تكفر بالنعمة وتعدها حقاً دون أن تؤدي شكرها وهو كثيراً ما ينسى نعم الله عليه.

ونعود إلى الدراسات العلمية التي أثبتت أن القدرة على التذكر تتضاءل مع التقدم في العمر حتى لا يعود المسن يذكر ما حدث له قبل ساعة بينما يستطيع سرد تفاصيل دقيقة لأحداث وقعت له قبل ستين سنة خاصة عندما يصاب المسن بمرض الزهايمر كما حدث للكثير من المشاهير الذين امتد بهم حبل الأجل ومن أشهرهم الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان الذي انمسحت التي وقعت له قبل ذاكرته فلم يعد يذكر أنه كان رئيساً للولايات المتحدة لمدة ولايتين كما أنه نسي اسم زوجته التي شاركته الحياة وكان كثيراً ما يسألها عن زوجته الأولى ثم يردف قائلاً: من أنت؟ وماذا تفعلين هنا؟!

لمي معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار