جرحى ورفاق في ذكرى الشهيد باسل أسعد علي

الوحدة 29-10-2020

 

 

يتوافد الأصدقاء بأوجاعهم التي يحملونها على طرق دواليب كراسيهم بلا خطوات أو أطراف، لتتلقاهم أيادي أسرة الشهيد باسل علي في مقر جمعية قسمين بالترحيب والتهليل في ذكراه السنوية الرابعة، لقد عودتهم أخت الشهيد هيام أن تجمعهم كل عام ليكون اللقاء والتكريم، دخلوا القاعة بوجوههم المشرقة بالابتسام وخفقات قلوب تضج على سفح الروح لمدى لا يطله رحيل أو غياب، وما إن أسند كل منهم ظهره على كرسي أو أريكة حتى بدؤوا الحديث والكلام عن الهموم والأوجاع كما كل الناس في هذا الزمان، وكل اثنين أدارا وجههما لبعضهما وبعد التحية والسؤال عن الأحوال وذكر كل منهما لبعضهما  ليسردا ما في القلب من ألم وما في الحلق غصة، فهم يعيشون وسط الناس التي لم تعد تتذكرهم ولا من زيارات غير ما خف وقل .الجريح عامر نسبة إصابته 100% _ دخلت غرفته عند الظهيرة لأرافقه إلى مكان التكريم، كان الظلام حالكاً بالغرفة وهو مقيم في فراشه، رميته بتحية الصباح وهممت لفتح النوافذ وسحب عتمة البرادي عنه، فلطمني بقوله : لا ..لا تفتحيها، لماذا ؟ الشمس مشرقة اليوم وحولك الجنائن والأشجار، إنه منظر مذهل ورائع ألا يمكنك أن تنظر إلى كل هذا الجمال . لا أنا متعب وما عندي فرق إن كان الصباح أو المساء كله سواء، فأرد عليه ألا تريد الذهاب إلى سنوية رفيقك باسل قال :طبعا وبدأ بتسريح شعره وترطيبه ورش العطورات، ونادى والدته واستعجلها فالسيارة ومن فيها من رفاقه بالانتظار . والدته همست في أذني لما وصلنا المكان أن عامر سعيد جداً أنه أتى اليوم ليرى أصدقاءه وهي تشكر هيام الطيبة التي تدعوه كل عام، ليخرج من سجن سريره وقيوده كل عام مرة، عامر لا يخرج أبداً من غرفته موجوع جداً ولا ينام لا في الليل ولا في النهار، وقد تغفل عينه بعد أن تكون أوجاعه قد أهمدت جسده وأرهقته، ولا أعرف ماذا أفعل له، أكثر من سبع سنوات وهو مرم في الأوجاع، العلاج لا يفيده وحتى العمليات التي أجريت له وفاقت العشرة (فتح ظهر) لم تأت نفعاً ولم تحسن وضعه يعدوننا الأطباء بتحسنه من هذه العملية وتلك والدولة تدفع بالملايين أجورها لأجل أن يطيب ابني لكن عبثاً الأمر ولا نفقد الأمل. والأدوية والمسكنات ليست كلها متوفرة، وشهيته على الأكل ضعيفة ولا يأكل غير مرة واحدة في اليوم وطوال الوقت يشرب المتة ويدخن لوحده، وأنا مشغولة بالبيت والمحل الذي نلته من وراء إصابته، لكن كل ذلك لا ينفع ورغم كل المغريات والماديات التي عرضت علي ولأجل عينيه لا أريدها، أريد فقط أن يسكت الوجع عن ابني، أريده أن ينام مطمئناً وبلا آلام . الجرحى طارق أسد و أحمد سعيد ومحمد حسين وغيرهم أكدوا أنهم على نفس الحال منذ العام الماضي (على حطة أيدك.. وما حدا عم يرد علينا) وقد زادت الحياة عليهم من أوزارها كما كل الناس، وأن جرحى الدفاع الوطني لم ينالوا شيئاً إلى اليوم يعدونهم بدراسة أوضاعهم ويطرقون أبواب المسؤولين ولا يطالون أو يجدون جواباً، ولديهم أولاد فيضطرون للقيام بأي عمل يتوفر لهم ولو عانوا منه الويلات، وكلهم أمل بأن ينالوا بعضاً من سبل الحياة والنجاة من الدائنات، وهم يشكرون الآنسة هيام التي تمنحهم فرصة اللقاء بالرفاق التي لا يستطيعون إليها سبيلا، فالمعيشة صعبة ومشغولون بتدبير حاجات البيت والأولاد . الآنسة هيام شكرتهم على تلبية الدعوة، وتفخر بأنهم ضيوفها اليوم وتقول : هي الذكرى الرابعة لارتقاء أخي الباسل شهيداً للحق والواجب ،نتكرم أنا وأخوتي كل عام بحضور عدد من أبطالنا جرحى جيشنا الباسل لأنهم من يستحقون التكريم دائماً بكل حب وتقدير هم إخوة الباسل ومعهم يطيب اللقاء، أخي الباسل كان مؤمناً ومحباً للخير والصديق الصدوق دافع ببسالة الشجعان وعظمة الأتقياء ليحمي رفاقه ويحرر وطنه من دنس الأشرار، نقيم هذا التكريم محبة به وبرفاقه ووفاء لذكراه الطيب وأملاً أن يتذكر أهلنا وناسنا أن لهم أصدقاء وإخوة وجرحى ينتظرون منهم زيارة أو سؤال .

هدى سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار