ألفاظ أطفالنا السيئة.. بين الاكتساب والسلوك

الوحدة : 22-10-2020

في أوساطنا الاجتماعية الحديثة هناك ثقافة متداولة بين أطفالنا نلمسها من خلال نمط الألفاظ البذيئة والحوار غير المقبول الذي يدور بين شرائح واسعة من الأطفال والمراهقين .. فمن أين تسللت هذه الثقافة ومن المسؤول عن تفاقمها وتصدرها لغة الحوار السائدة بين معظم أطفال جيل المستقبل ؟ تقول الدراسات التربوية أن : ” استخدام الألفاظ غير المقبولة يرتبط بمؤسسات التنشئة الاجتماعية المتمثلة في الأسرة ثم المدرسة ثم الإعلام، ولكن يبقى عاتق التربية على الأسرة بالمقام الأول، فهي التي تحدد القيم الإيجابية والمثالية للأطفال ، وإن لم تحرص الأسرة على ترسيخ هذه القيم في أطفالها، سوف تتحول هذه الألفاظ السيئة لثقافة متداولة مكتسبة ثم إلى سلوك، أما أهم الحلول الناجعة التي تسهم في علاج هذه المشكلة فهي توعية الأسرة بعدم التسامح مع الطفل حين تلفظه بهذه الألفاظ، وضرورة مراقبته وتحديد عقوبة صارمة بالإضافة إلى ضرورة ترسيخ القيم السلوكية الصحيحة عنده “. إذاً علينا مراقبة أطفالنا بشكل دائم ومستمر لتفادي الآثار السلبية لهذه الظاهرة .. صحيح أنه من المعلوم أن المراقبة تعدّ من الأشياء غير المرغوب فيها مهما كان مستواها أو شدتها أو أدواتها ، لكن لا بدّ من اللجوء إليها في بعض الأحيان لتدارك أمر ما قد لاتحمد عقباه ، فمراقبة ألفاظ وتعابير أطفالنا ( التي تعكس سلوكهم وقيمهم من خلال جمل ومصطلحات يتلفظون بها تبعاً للموقف الذي يتعرضون له في البيت أو المدرسة أو أماكن اللعب .. ) تبين لنا مدى انعكاس مؤثرات عدة امتزجت بقوة مع مصادر التربية الأساسية وغدت تشكل منبعاً يغرف منه أطفالنا ألفاظهم ومصطلحاتهم . ومن أهم هذه المؤثرات التلفزيون والقنوات الفضائية والألعاب الالكترونية .. فأحياناً يصل بهم الأمر إلى نعت مدرسيهم ومعلميهم بألقاب تظهر في أحد المسلسلات أو تيمناً بإحدى الشخصيات التي تبث صورها وأقوالها في العديد من البرامج التي لا تحمل أية قيمة تعليمية أو سلوكية … ولا يقتصر الأمر فقط على السلوك اللفظي بل يتعداه إلى ما يخص تقليد حركات عنيفة – وأحياناً مؤذية – لبعض المشاهد التلفزيونية أو من بعض الألعاب الالكترونية سواء في قاعة الصف أو عند الانصراف من المدرسة أو حتى في المنزل . قد يكون انشغال الأهل بتدبير شؤون الحياة هو السبب الرئيسي في انصرافهم عن متابعة مثل هذه السلوكيات لدى أطفالهم ، وكذلك الأمر بالنسبة للمدرسين والاداريين والمشرفين إذ يقتصر دورهم فقط على إيصال الرسالة التعليمية لهؤلاء الأطفال .. ولكن مثل هذه التصرفات قد تتفاقم في بعض الأحيان لتصل إلى حد التطاول وتجاوز الحدود التي رسمتها الآداب العامة للمجتمع.. لذلك لابدّ من وقفة مطولة نحدد من خلالها رسالتنا التربوية أولاً قبل غيرها من الرسائل الأخرى كي لا تختلط الأوراق ونفقد السيطرة على عالم أطفالنا ولغتهم التي يتحاورون بها.. وبالتالي تكون جميع محاولاتنا فاشلة في السيطرة عليهم . ويبقى للتذكير بأن اختيار الأنماط السلوكية والقيم الأخلاقية الواجب غرسها وتنميتها في شخصية أطفالنا من أهم الأولويات الحياتية التي يجب على الأهل التفكير بها وإدراجها ضمن المبادئ التربوية والاجتماعية التي ينقلونها بأمانة وحرص إلى أبنائهم من أجل إعداد أرضية صلبة تبنى عليها الأسس السليمة والصحيحة التي يتمثلها أطفالنا ويتصرفون من خلالها في مختلف اتجاهات حياتهم أو ميولهم أو مواقفهم ، وتأتي اللغة التي يستخدمها الأهل أمام أطفالهم في مقدمة هذه االأولويات، والمقصود هنا باللغة المصطلحات والجمل والعبارات التي ينطقون بها في مجالسهم ومواقفهم اليومية في التعامل مع الناس والمجتمع المحيط بهم . فهل نختار ألفاظنا – عامة وأمام أطفالنا خاصة – بعناية لتتوافق مع رسائلنا التربوية المرجوة؟

فدوى مقوص

تصفح المزيد..
آخر الأخبار