الحمد لله على كل حال

الوحدة : 15-10-2020

(حطي براسك يا دني مانك قدي ) هو حال أمهاتنا هذه الأيام ولطالما كانت كذلك، تعاند وتكابر على أوجاع خلفتها الظروف والأزمات في كل وقت ومكان، وهي اليوم بعد استفحال الأزمات والضائقات وتفشي الأوجاع وهموم المعيشة لم تترك وسيلة أو سبيل تفلت من يديها  لتمسك  بأطرافه وتبدأ رصف الطريق لبر الأمان .

في حديقة منزلها الصغيرة بضعة أمتار وليس لديها غيرها لا رزق ولا أملاك تقضي جل وقتها لتقطف منها العطور والرياحين، وتجني من زرعها الرحيق ليثمر عليها شهداً وعلى الأولاد وفي أيامهم عسلاً، امرأة لا تكلّ ولا تمل مهما كانت أوجه النائبات وبأي شكل كانت تمر عليها بسلام ما دام بالقلب نبض وحياة، حيث قالت السيدة أميرة حنوف :

الحمد لله لدي هذه الأمتار من الأرض خلف البيت، لأزرع فيها بعض الرياحين والأعشاب بعد أن قصدت بيوتات ومركز التنمية الريفية ودخلت في مشاريع المرأة الريفية منذ بداياتها فقد كنت سابقاً أعمل في الاتحاد النسائي، تعلمت عندهم ما يمكنني إجادته وما تملك أيماني من مهارات وخبرات وبحثت في مكاني ومكنوناتي عما يملكني وأملكه وأنجح به، فما وجدت غير (شقفة) الأرض عند البيت لأزرع فيها بعض الأعشاب التي لا تتطلب الكثير من النفقات فلا رش مبيدات ولا سماد لتعيش وكأنها بالطبيعة بلا كيماويات، ولا أقصد المروج والجبال لأجلبها بل زرعت الميرمية وأكليل الجبل والمليسة والحلفة والشاي الخضراء والنعناع وغيرها الكثير، وأقطفها كل وقت وحين عندما تفرع الأغصان وتكثر البراعم وتقوم، وأيبسها حتى تجف في الهواء والظل بعيداً عن وهج الشمس الذي ينزع عنها اللون وتصفر، فترينها بكل بهائها وقد ازداد عليها اللون، لأعبئها بعبوات وأكياس نايلون شفاف اشتريتها سابقاً من السوق ببعض ألف ليرة وأجزاء منها ولا أشتريها بالكيلوات ولا حتى كيلو والذي يتطلب حينها مني الدفع والعد آلاف وآلاف، وأملأ الكيس بالزهورات ما يقارب 500ليرة وأزيد في كميتها لتكون بمتناول يد كل من يطلبها بسعر مقبول لا غبن فيه .

ولا أكتفي بهذا المحصول من الزهورات لأضيف على المبيعات بعض المجففات والدبسيات مثل اليقطين والبامياء والمكدوس ودبس الفليفلة  وجميعها أسوقها في معرض منتجات المرأة الريفية فكيس اليقطين اليابس والأبيض مثل الثلج ب1200ليرة وقطرميز دبس الفليفلة ب5آلاف ليرة و.. هي تحتاج لعناية فائقة ونظافة وحماية من الجو والرطوبة، أزرعها في حديقتي ويمكن أن أشتريها من الجارات في موسمها ومن الأرض مباشرة ولا أقصد الأسواق التي يتواجد فيها ما هب ودب دون لون ومذاق، عملي مدروس ولي نهج فيه أن يكون بجودة عالية من حيث الشكل واللون والمذاق، لهذا يجب أن تكون الثمرات طازجة (بنت يومها ) وسليمة وبهية تشتهيها العين، وبهذا أكون مرتاحة الضمير والبال .

أجد بنفسي أني منتجة وقادرة والحمد لله أن أتجاوز مخاوفي في هذا الزمان، زوجي يقبض راتبه ويطير في أيام معدودات وكأن له جناحين، وما أنتجه (أراه قدامي) ليغطي باقي المصاريف ويكمل معنا الشهر بأمان وخاصة أن الأولاد في الجامعة وتلزمهم مصاريف كبيرة لمثل هذه الأيام ونطلع من الشهر من خرم الإبرة (الحمد لله على كل حال ) .

وهنا لا بد أن أشكر مركز المرأة الريفية بأهله والقائمين عليه من موظفين وعاملين ودعمهم لنا وخاصة في مجال التسويق وفتح سوق دائم لمنتجات المرأة الريفية .

هدى سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار