الخطأ.. وشمَّاعة الحق على الآخرين

الوحدة 8 – 10 – 2020

يولد الناس بصفحة بيضاء ينقش الزمن عليها ما يشاء، تزينّها أشياء وتلطخها أشياء أخرى غبر قابلة للمسح أو التغيير مثل أرض قاحلة تنبت فيها واحات بأجمل الأشجار وأطيب الثمار أو ينبت الشوك فيها، هكذا هي الحياة مليئة بالأقوال والأفعال، والجميع يقول ليس ذنبي (هم فعلوا بي هكذا).

 الأخطاء تكثر يوماً بعد يوم ونبحث عن شماعة نعلّق عليها أخطاءنا، فكيف يمكن التعامل مع الأخطاء كبيرة كانت أم صغيرة (وجلَّ من لا يخطئ)؟

 إن فشل الإنسان في حل أخطائه يدفعه إلى رميها على الآخرين مما يولد الإحساس بالذنب لديهم، حالة يمكن أن تؤدي إلى نوع من الوسواس القهري المتعاظم وقد يصل الأمر إلى العلاج، هناك أمثلة حية كثيرة وحالات أكثر لا يمكننا إحصاءها ولكن سنسلط الضوء على بعضها.

 الطفل في البيت يكسر ألعابه ويوجه الاتهام إلى إخوته أو أحد أقاربه هرباً من العقاب، وقد يسقط أثناء اللعب ويضع اللوم على ابن الجيران أو حجرة في الأرض تعثر بها وإلى ما هنالك من أعذار، يكبر وتكبر أخطاؤه معه وفي المدرسة يلقي اللوم على معلمه الذي لا يشرح الدرس جيداً أو يضع له العلامات المتدنية ظلماً لغاية في نفسه أو بقصد إظهار زميله وإعطائه العلامات العليا.

ميسون- حالة اجتماعية عاشت وعانت أخطاء غيرها، رأيناها بحالة بائسة وأقرب إلى عقدة الذنب نتيجة أخطاء وهفوات الأهل، فمنذ صغرها لم تر من والدها سوى العنف الجسدي والتعنيف النفسي ولم تحس يوماً بحنانه وكانت الأم مغلوبة على أمرها وتحاول احتواء أسرة مفككة بسبب طيش وجهل رب الأسرة الذي لا يعرف المسؤولية، صوته وشتائمه دائمة بسبب أو بدون والاعتراض على لباس أو تغيير شكل أو حركة ، يعيش حالة مرعبة وتوتر دائم واعتراض وجد في عائلته الأشخاص الذين يرمي عليهم فشله وتقلب مزاجيته.

ياسر طالب في الجامعة تقصد الرسوب دائماً ليس بسبب تقصير دراسي أو إهمال واجبات، بينما هو في الحقيقة ضعف في الإرادة والشخصية وخطأ تربوي رافقه منذ صغره ومن الممكن أن ينقله لأسرته في المستقبل وبذلك تنشأ أسرة فاشلة.

تلعب التربية دورها في معرفة الخطأ من الصواب وكيف نسقي تلك الشجرة المثمرة ونحصد منها ثماراً في كل موسم، فأحياناً السبب فشل أسري وعدم وجود الترابط ليكون الأبناء ضحية تلك العلاقات فالأسرة هي الخلية الأولى في المجتمع ومنها تبدأ المعرفة والتمييز بين الخطأ.

والصواب، لنجد في أحيان كثيرة أن الأب والأم يلقيان بمشاكلهما على الأبناء وضغوط الحياة هرباً من اعتذار أو القيام بعمل صغير قد يصلح جيلاً بأكمله. الاعتراف بالخطأ فضيلة وهو الطريق إلى النجاح والعبور إلى مستقبل أفضل، يجب أن نحافظ على أطفالنا منذ نعومة أظفارهم وإرشادهم بمحبة وحنان إلى طريق الصواب ورعايتهم والاهتمام بأدق تفاصيل حياتهم ومستقبلهم ولا بد من الحوار والبحث عن حلول في كافة مراحل النمو والحياة.

معينة أحمد جرعة

تصفح المزيد..
آخر الأخبار