احتباس النطق حالة مفاجئة تعالج طبيعياً

الوحدة 7-10-2020

فجأة ومن دون سابق إنذار يمكن لشخص ما أن يفقد قدرته على النطق عندها لا تنفع معه إلا أساليب العلاج الطبيعي الذي يتوجب أن يبدأ مباشرة ما يسمح باستعادة القدرة على التعبير والاتصال مع الآخرين.

يقول أحد الأطباء الذي عايش تلك الحالة أن تلك التجربة الفظيعة مع هذا المرض وهمته على حين غفلة وهو يستعد لاستقبال اثنين من مرضاه بعد أن خرج من غرفته في المستشفى ليتفحص ملفاتهما فوجد نفسه فجأة غير قادر على النطق مع أنه كان يعي ما يريد أن يقوله فالكلمات ومعانيها حاضرة في تفكيره ولكنه افتقد القدرة على تحويلها إلى معان منطوقة وكان يدرك في تلك اللحظة تماماً محاولات المريضين لفهم ما يريد طبيبهما قوله لهما من دون أدنى نجاح.

لقد تبيّن من خلال فحص المسح الضوئي للدماغ اختفاء عدة ملايين من العصبونات ولكنها عدة ملايين من مليارات عديدة من هذه الخلايا الدماغية إلى يمكن أن يتسبب اختفاء عدد منها في إرباك الوجود الإنساني أو حتى هلاك المصاب ويشبه هذا المرض إلى حد كبير الإصابة بالعمى المفاجئ الذي لا يرافقه أي ألم أو عرض من أعراض الاعتلال غير أن الأمر لا يتعلق في مثل هذه الحالة بأي فقدان للقوى العقلية أو الوعي ولا يشبه الأمر أي إصابة بالصرع ذلك أن المصاب يبقى واعياً تماماً لعدم قدرته على الكلام والنطق مع بقاء ذهنه متيقظاً ومتحفز مع هروب الكلمات من بين شفتيه وحنجرته عندما يصبح عاجزاً عن النطق إلا بمقاطع غير مفهومة وغير معبرة عن ما يريد قوله.

وهكذا تصبح شخصية المصاب أسيرة لهذا ويركز العلماء في هذا المجال على حقيقة وجود عدة أشكال من احتباس النطق كأن يتعلق الأمر بفقدان القدرة على الإتيان بجمل مفيدة من دون أن يتأثر المصاب بقدرته على لفظ الكلمات المتقطعة وأياً  كان عليه شكل الاحتباس فأن الأمر يتعلق أولاً وأخيراً بإصابة دماغه بسبب تضيق يطرأ على أحد الأوعية الدموية الصغيرة التي تغذي النسيج الدماغي وقد يأتي الأمر بعد تشكل جلطة دموية هناك ويمكن لحالة الاحتباس أن تتفاقم بعد حصول إحدى حوادث الدماغ الوعائية أو بسبب وجود ورم في الدماغ أو أثر الإصابة بحادث يضر بالجمجمة ومهما تعددت أسباب احتباس النطق المفاجئ فإن العلاج لا يتعدى التمارين الطبيعية لإعادة تدريب المصاب على النطق السليم ويهدف إعادة اللحمة إلى المرسلات الدماغية المسؤولة عن فضاء اللغة في الدماغ إثر إصابة خلاياها بالانهيار المفاجئ وباختلاف ظاهر عن أي من أنسجة الجسم الأخرى تبدي خلايا الدماغ قدرة فائقة على إعادة التكيف واستعادة النشاط إثر أي إصابة ذلك لأن أليافها العصبية المتعددة حتى وإن تضررت بالحادث تبقى محتفظة بحيوتها بشكل أو بآخر.

وعلى هذا المنوال يحاول المعالج الطبيعي أن يستثمر هذه الخاصية ليعيد اللحمة إلى سياقات عمل المرسلات العصبية في هذه الخلايا التي تقع في القلب من أي عملية تعبير لغوي أو فصاحة اللسان وتبدأ جلسات العلاج الطبيعي عادة بإعادة تشبيه النطق عن طريق دفع المصاب إلى التقليد أو دفعه إلى تهجئة الحروف والكلمات المكتوبة شيئاً فشيئاً وعلى مهل لأن أي إجبار أو عجلة في الحصول على النتائج يمكن أن تؤدي إلى تأخير الشفاء من هذه الإصابة ثم يعاد تدريب المصاب على الكتابة الصامتة ثم النطق والتهجي ويذكر هنا أن مثل هذا العلاج قد يستمر على مدى عدة سنوات ويمكن بعدها للمصاب أن يستعيد قدرته على النطق السليم.

ويرى المختصون في هذا المجال أن المصاب ليس من المصابين بالخرس أو الصم ذلك أن أجهزة اللغة لديه وهي الحنجرة وحبالها الصوتية واللسان تبقى سليمة بنسبة 100% ما يعني أن الأمر لا يتعلق لديه باختلال في ميكانيكية أجهزة النطق كما هي الحال عند الصم والبكم لأن المصاب قادر على الكلام بمجرد خلاياه الدماغية لحالة التواصل التي كانت تمتلكها قبل الإصابة لذا نجده في مجهود دائب لاستعادة النطق وإفهام المستمع بما يريد قوله.

لمي معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار