المراهق ومشكلة تأجيل عمل اليوم إلى الغد!

الوحدة 1-10-2020

 يعتاد بعض المراهقين أساليب عمل وتعامل تؤثر سلباً في تحصيلهم الدراسي وفي علاقاتهم وتستمر معهم إلى بقية العمر ومن هذه العادات السيئة ترديد الفتى أو الفتاة مقولة خاطئة قوامها العزوف عن عمل الشيء على الفور إذا كان بالإمكان تأجيله إلى الغد.

ومن المعروف أن للمراهق طريقة سمحة في التعامل مع الكثير من الأشياء التي تحيط به شريطة ألا تمس ما يرى فيه إقليماً خاصاً به مثل أشيائه المحببة أو مواضع رغبته فهذا انتقائي بطبعه ويتعامل مع الضغوطات التي تطرأ عليه بديناميكية التناسي ومس الأشياء عن بعد والتجريب الحذر.

كما أن للكثيرين منهم موقفاً سلبياً من أي نظام يحاول الحد من حرية تصرفاتهم لأن المراهق متمرد بطبعه، ولذا فإنهم ينظرون إلى ما يطرح عليهم من واجبات على أنها تعبير عن سطوة النظام عليهم. فنجد أن بعضهم يعمد إلى الإهمال الكامل أو عدم الإتقان في الأداء مثلما نجد من بينهم من هو حريص على أداء ما يطلب إليه.

وإذا كان المراهق ينتمي إلى الفئة الأولى فإنه سيكون عرضة لخسارة الكثير من فرص التعلم والتربية الرشيدة وقد يواجه انتكاسة في دراسته وتعثراً في تحصيله العلمي ويصبح من الصعب تماماً تلافي آثارهما في مستقبله.

 ويتصف الفتى أو الفتاة من هؤلاء بقلة الثقة في قدراته والخوف من الانطلاق في العمل ونجد آخرين أقل توقاً وتنعدم لديهم الدوافع لبذل الجهد أو اتقان العمل.

 ولأن مثل هؤلاء لا يستطيعون تقدير أنفسهم وقابلياتهم حق قدرها تجدهم مترددين في الانطلاق في أي عمل يطلب إليهم إنجازه دراسياً كان أو غير ذلك وبسبب تدني التقدير فإنهم يشعرون بعدم الرضا عن النفس ما يحول دون قيام أحدهم بإعطاء الوقت أهميته الحقيقية ،فترى الأيام تنساب من بين أيديهم من دون فعل شيء وقد تؤدي حالة مثل هذه إلى تدهور العلاقة العائلية نتيجة تصادم حرص الآباء والأمهات وعدم مبالاة المراهق ولكن لا يمكن الشعور بالراحة إزاء كسله بل سنجده بعد فترة وجيزة من المشاجرة مع والديه وقد اندرج في تقريع خفي لذاته ما يجعله في حالة مستديمة من فقدان الثقة بنفسه خاصة بسبب تدهور تحصيله الدراسي وتدني درجاته وعند إثارة هذا الموضوع معه يقع في حالة التمرد والغضب لأنه يمثل زيادة في إحساسه بالنقص إزاء ما يطلب إليه من كفاءة لذا نجده في حالة من عدم الراحة والقلق والتوتر وهي دائرة مغلقة يجدر بالأهل مساعدته على تخطيها.

 ولعل من أبرز سمات مثل هذه الحالة فقدان موضوع التفضيل لديه فهو لا يعرف كيف يبدأ وماذا يجب.

 من هنا يجب العمل على إفهام المراهق بأساليب مباشرة خطورة تأجيل عمل اليوم إلى الغد وجعله يعتاد ضبط المواعيد ليشعر تدريجياً بأن أداء الأشياء في وقتها من شأنه أن يقوي شخصيته خاصة وأن قوة الشخصية تعد هي أهم مطلب في مرحلة المراهقة.

 كما ويمكن للأمهات بوجه خاص أو بلفتة من الأب دفع المراهق إلى ترتيب أشياء غرفته في أثناء محادثة ممتعة معه ما يدفعه إلى القيام بأعمال مماثلة بعد ذلك بنفسه.

 ويبدو من خلال التجارب أن فتح حوارات متعددة ومنسقة مع المراهق حول موضوعات بعيدة ظاهرياً عن موضوع دراسته ثم الإيحاء له بربطها بواجباته ونجاحاته الممكنة ذو أثر فاعل في حفز استعداد المراهق للاستمتاع جيداً إلى النصائح والإرشادات.

 إن قيام الأب مثلاً في أثناء حديث عن أغنية أو فيلم يعشقه المراهق أو تجليد كتابه الممزق أو القيام بعمل بسيط من هذا النوع سيجعل باب الحوار معه ممكناً كما أن اصطحابه لزيارة متحف علمي أو معرض أو مكتبة أو حضور أمسية ثقافية سيفتح أمامه أبواب اختيارات جديدة.

 من المهم إذاً غرس فكرة المشاركة في إيجاد الحلول مع المراهق بدلاً من اللجوء إلى لغة التقريع العقيمة.

 كما أن الإصغاء إليه وإظهار الاهتمام بما يريد التعبير عنه سيخفف كثيراً من ميله إلى التمرد لكن هذه الحلول لا يمكن أن تأتي بين عشية وضحاها.

 بل تحتاج دوماً إلى حوار متنامٍ وحذق في تجاوز لحظات التشنج التي تصب علاقة أفراد العائلة والمهارة في تلقين الفتى دروس عدم التساهل وإفهامه الحدود التي يتعين عليه احترامها.

لمي معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار