الأرق…. ضريبة الحياة العصرية

الوحدة 17-9-2020 

 

يُعرف الأرق على أنه عدم القدرة على النوم لفترة كافية، ويكون إما لصعوبة الدخول في النوم والاستقرار منه وإما النهوض باكراً بشكل غير معتاد وقد يكون الأرق مشكلة عارضة تنتج عن بعض الاضطرابات اليومية في حياة الإنسان ويمكن أن تحدث دون سبب واضح.

الحياة العصرية تلعب دوراً رئيسياً في زيادة أعداد المرضى الذين يعانون الأرق ومشكلات النوم الأخرى ويبدو ذلك جلياً من خلال انتشار المشكلة بين فئات معينة من المرضى مثل موظفي المكاتب ورجال الأعمال نظراً للابتعاد عن النشاطات البدنية والاعتماد على الأدوات والأجهزة العصرية التي تحد من الحركة.

وعلى الرغم من لجوء بعض المصابين بالأرق إلى طرق غير صحية للتغلب على تلك المشكلة خاصة عند الاستعانة بالعقاقير المنومة فإن الباحثين تمكنوا من خلال متابعتهم لملايين الحالات من وضع بروتوكول علاجي عام يقوم على بعض النصائح المستقاة من تجارب المصابين و المتابعات السريرية لهم.

وبما أن بعض المصابين بالأرق ترتفع حرارة أجسامهم فوق المعدل الطبيعي فإن تخفيض حرارة الجسم تساعد على الدخول إلى المرحلة الأولى من مراحل النوم لذا فإن الاستمتاع بحمام دافئ قبل ساعة واحدة من الذهاب إلى غرفة النوم يمكن أن يحقق هذا الغرض وتبين أيضاً أنّ الزيوت العطرية تعزز الاسترخاء وتقلل من التوتر والشد العصبي بعد يوم حافل بالعمل وينصح باستنشاق روائح هذه الزيوت قبل الذهاب إلى السرير للاستمتاع بساعات أطول من النوم العميق وتتأثر جودة النوم سلباً في حال وجود أي مصدر إضاءة داخل الغرفة أو خارجها وقد يشعر الشخص بالتوتر إذا لاحظ انبعاث ضوء لامع من ساعة المنبه أو زر تشغيل التلفاز أو جهاز التكييف.

وتعد مصادر الضوء هذه عوامل تعيق الدخول في المرحلة الأولى من النوم خاصة وإن الدماغ يستطيع التقاط قدر من الأشعة الضوئية حتى عند إغلاق الجفنين عندئذ يكون من المفيد وضع قناع يكون مطبقاً على العينين لحجب تلك الأشعة تماماً مع مراعاة أن يكون مصنعاً من قماش لين لا يعمل على تهيج البشرة.

وهناك قائمة من النشاطات قبل النوم يمكن اختيار واحد منها مثل ممارسة بعض تمارين اليوغا أو قراءة الصحف والمجلات والقصص أو الاستماع إلى الموسيقى الهادئة ومن شأن هذه الممارسات أن تخلص الجسم من التوتر.

وقبل النوم يجب تناسي جميع الأفكار التي تحث الدماغ على التفكير العميق مثل التفكير بمشكلة تتطلب منك الوصول إلى حل فوري وقد لا يتأنى ذلك إلا بإحلال أفكار تبعث على الاسترخاء مثل: الأحداث المرحة في إجازة صيفية أو لحظات سعيدة مع الأهل والأصدقاء وللتخلص من التوتر يمكنك مراقبة تنفسك أي دخول الهواء من فتحتي الأنف ونزوله إلى تجويف الصدر ومن خروجه بنفس الطريقة وستشعر بعد فترة قليلة باستقرار حرارتك.

كما أن دخول وخروج الهواء يساعد على التنفس العميق ما يخلصك من التوتر ويساعدك على الدخول في النوم بسرعة.

تختلف الحاجة إلى النوم مع اختلاف العمر ومن شخص إلى آخر ويتوقف ذلك على العديد من العوامل فقد  تكون 4 ساعات من النوم كافية لبعض الأشخاص في حين أن آخرين يحتاجون إلى  10ساعات وعلى سبيل المثال فإن معدل الوقت الذي يستغرقه البالغ من العمر50 سنة هو 7 ساعات في اليوم ومن بين النصائح التي يسوقها الأطباء عدم التوجه إلى غرفة النوم مباشرة بعد تناول وجبة دسمة أو الانتهاء من عمل شاق يحتاج إلى الكثير من التركيز أو رياضة عنيفة أو بعد اضطرابات أو جدال ولا يلجأ الطبيب إلى وصف أي دواء للمريض مالم تكن الحاجة ملحة وفي حالات نادرة فقط مثل الإصابة بآلام مبرقة أو معاناة مشكلات نفسية أو صدمات عاطفية صعبة.

ويجد بعضهم أن تصفح المجلات ومطالعة الكتب يساعدان على الدخول في مرحلة النعاس والشعور بالحاجة إلى النوم وكذلك الحال بالنسبة إلى الاستماع إلى الراديو أو حتى شرب كوب من الحليب الدافئ قبل النوم وفي هذا الصدد ينصح بالابتعاد عن المشروبات التي تحتوي على الكافيين مثل: القهوة والشاي والكولا.

ولتعزيز جودة النوم واكتساب عادات حميدة مدى الحياة بفضل تحديد ساعات معينة للنوم أي ألا تكون فترات النوم عشوائية في الليل أو النهار ومحاولة الالتزام بذلك حيث يلاحظ أن تكرار القيلولة خلال اليوم يؤدي إلى صعوبة النوم في الليل.

ومن الاعتقادات الخاطئة الشائعة بين الناس حول النوم ضرورة النوم لفترة محددة لا تقل عن 7 ساعات في اليوم انعكس ذلك إيجاباً على صحة الإنسان لكن ذلك ليس صحيحاً بالمطلق فإذا كنت تنام لمدة خمس ساعات  فقط وتشعر بالنشاط في اليوم التالي فإنك لا تعاني مشكلات النوم.

ويعزو بعض الناس قصور أدائهم وفشلهم في بعض الأمور الحياتية إلى النقص في النوم ما يؤدي إلى الإفراط بالتركيز على النوم وهذا التركيز يمنع صاحبه من الحصول على نوم مريح بالليل ويدخله في دائرة مغلقة لذلك يجب التمييز بين قصور الأداء الناتج عن أمور أخرى كزيادة الضغوط في العمل وعدم القدرة على التعامل مع زيادة التوتر وغيرها. وأظهرت الدراسات أن 40% من المصابين بالأرق يعانون اضطرابات نفسية مثل: الاكتئاب والقلق والضغوط العائلية والوظيفية وغيرها، وعندما نتحدث عن الاضطرابات النفسية قد لا يدرك المصاب بالأرق الناتج عن اضطرابات نفسية في أحيان كثيرة أن سبب إصابته يتعلق باضطرابات نفسية ونظراً لشيوع الاضطرابات النفسية كأحد أهم الأسباب للأرق يجب استكشاف احتمال وجود الأسباب النفسية عند المصابين بالأرق ويشكو المصابون بالاكتئاب من الاستيقاظ المبكر بينما يعاني المصابون بالقلق صعوبة الدخول في النوم.

أما الأسباب العضوية فهي كثيرة وقد يحتاج الطبيب إلى إجراء دراسة للنوم لتشخيص بعض هذه الأسباب مثل الاضطرابات التنفسية كالشخير وتوقف التنفس المركزي خاصة عند المصابين بهبوط القلب والحساسية التنفسية لمجرى الهواء العلوي أو السفلي ومن الأسباب الأخرى ارتداد الحمض إلى المري وأحياناً يصل الحمض إلى البلعوم وهناك أيضاً متلازمة وحركة الساقين غير المستقرة حيث يستيقظ المصاب بها عند تحرك ساقيه وفضلاً عن الألم الناجم عن أي إصابة هناك أسباب ناجمة عن أمراض مزمنة كالشلل الرعاش وأمراض الكلى واضطراب الغدة الدرقية والسكري وغيرها.

لمي معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار