الوحدة: 7- 9- 2020
جميل أن تمسك جهاز الـ (ريموت كنترول) في غفلة من ضجيج النهار ومشاغله، لتبتعد قليلاً عن أخبار الحروب والدمار والوباء، والنزاعات السياسية والاجتماعية في العالم، ومخاوف الأمن الغذائي في الكوكب الأزرق، وتخفف من حدة توترك ومن التلوث السمعي والبصري الذي تزودك به قنوات البث العصرية، وتعود من خلال كبسة زر بسيط الى عالم الطفولة والنقاء، لكن من المحزن أيضاً أن هذا العالم الوردي لم يسلم من البصمات السوداء لبعض شركات الإنتاج والتي أخذت تنتج رسوماً متحركة لأغراض مادية بحتة تتماشى مع قوانين الربح والخسارة!
نقلة أعتبرها نوعية وموفقة حين عثرت وفي زحمة الفضائيات على شاشة تعرض فيلم الكرتون القديم (وودي ود بيكر) نقار الخشب الشقي الذي رافق طفولتي وخط في دفاترها مذكرات وضحكات عذبة..
نقار الخشب الصغير.. نقر فوق نوافذ ذاكرتي بمحبة، وأعاد إلي صوراً جميلة أيام كنا نرى الحياة بألوان قوس قزح البهي!
نقار الخشب الصغير أعاد الي ذكريات ترافقت مع أيلول ومريول المدرسة وأصدقاء الطفولة وليرة سورية واحدة في جيب سترتي، كانت بمثابة ثروة صغيرة من العطاء والفرح..
كم كنا سعداء آنذاك بشراء أكثر من شيء، وأداء واجب الضيافة لأحد الأصدقاء إن نسي مصروفه في المنزل!
نقار الخشب الصغير، نقر فوق أبواب القلب لأكتشف أني كنت أحب بمشاعر خالصة في النقاء، وأمارس حقي في التعبير عما يجول في خاطري دون مقدمات أو حسابات مسبقة…
نقار الخشب الصغير جعلني أتساءل اليوم هل نحن بحاجة إليه بين حين وآخر لينقر فوق أبواب الروح والضمير في زمن أخذت فيه الأشياء الدافئة تعاني من الجليد، والمواقف النبيلة تتبدل لخدمة المصالح الشخصية، واللحظات السعيدة تنطوي خلف ستائر النسيان وتصبح أسيرة (بروتوكولات) اجتماعية، ومشاعر جاهزة لكل المناسبات..
نقار الخشب الصغير جعلني أشعر أني أعانق ربيعاً لم يرحل يوماً وأكتب ما تبقى من كلماتي بلغة الورد والضوء..
منى كامل الأطرش