يمامٌ وخريف

الوحدة:14-11-2024

لم يعد هناك شيء يشبهنا في هذه المدن المتعبة سوى يمام الساحات والطرقات..
نقتات فتات الحنين من أزقة الروح الضيقة.. وننقر شبابيك العمر القصي في اغتراباته إلى أقاصي الضجر..
لم يعد هناك متسعٌ لحلمٍ آخر.. حتى تلك الأحلام القديمة حزمت أمتعتها، وشربت (قهوتها على مهل).. ورحلت دون رجعة..
في زمن الضجيج، الفيسبوكي، والإعلامي، تحتاج إلى الجلوس في ذلك الركن الهادىء مع نفسك وتقرأ وحيداً.. وربما تذهب في خيالك بعيداً مع مكسيم غوركي وهو يتناول كعادته الموز مع الخبز ويكتب أجمل مايمكن أن تختزنه السطور من لؤلؤ دفين، وعبارات خالدة..
أو تسافر في مشاعرك مع ماركيز، وهو يختتم روايته الشهيرة الحب في زمن الكوليرا لتكتشف أنها تصلح لكل زمان ومكان..
وفي لحظات البرد تعتريك رغبة في إشعال عود ثقاب إضافي مع بائعة الكبريت المسكينة لتضيء جوانب الروح المعتمة..
في زمن المفاهيم المقلوبة.. والعالم الذي يمشي على عكازيه.. والمصالح المادية المتبادلة علناً وبكل وقاحة.. لك أن تتعلم لغة الصمت من جديد…
لن تصلح العالم من حولك.. ولن توقف نزيف الشر البشري مهما حاولت.. لكنك تدرك جيداً وبعد ورغم كل الانكسارات السابقة أن
للكلمات جهات تقصدها عمداً.. وللغة مفاتيح الحق.. وللقلب ألف نافذة سلام وحنين..

منى كامل الأطرش

تصفح المزيد..
آخر الأخبار