ظاهرة العنف وأدواته .. عند الأطفال والمراهقين

الوحدة 29-7-2020

 

إعلان وتسويق علني لأدوات العنف على إحدى صفحات التسويق الالكترونية المحلية يروج لمجموعة متكاملة من السلاح الأبيض ويضع صوراً لها ويتوجه المراهق – صاحب الإعلان إلى أقرانه – بطلب ما يرغبون به من هذه الأدوات بمزيد من الجدية وبلغة السوق الدارجة التي لا تخلو من التهديد لغير الجادين عند الطلب .. استوقفني الإعلان شكلاً ومضموناً – بعيداً عن أي شكل من الرقابة أو الاهتمام أو حتى الإحساس بالمسؤولية إزاء هذا النوع من المنشورات التي تقتحم مجالات الرؤية لمتابعي هذه الشبكات التي أسميناها بالاجتماعية ! فأي مجتمعٍ وأي جيلٍ يمكن أن يقوم على هذا النوع من الأساس الاجتماعي المتخم بمشاهد العنف والعدوانية ؟ وعلى الرغم من عدم بلوغ حالات استخدام السلاح الأبيض وأدوات العنف الأخرى بين تلامذتنا وطلبتنا حد الظاهرة التي تثير القلق إلا أن تكرار حدوثها بين الحين والآخر يدق ناقوس الخطر بما يحمله من تهديد لمستقبل جيل على مقاعد الدراسة يدفعهم حب الظهور بين الأقران إلى حيازتها وحملها كنوع من إثبات الشخصية وقد ينتهي بهم الأمر إلى ما لا يحمد عقباه. عن هذه الظاهرة تقول دراسات علم النفس التربوي : ” تعد ظاهرة عنف الأطفال، بمثابة خطر داهم على المجتمع، ينمو ويزداد في الأونة الأخيرة، وتظهر الميول العدوانية، عليهم خاصة مع أقرانهم في الشوارع والمدرسة والنادي … وهذا العنف لا يأتي للطفل من فراغ ولكنه يكون – في الغالب – بسبب ممارسة العنف عليه ، ويبدأ من الأسرة وينتهي بالبيئة المحيطة به ، ليصبح العنف مشهداً عادياً ووارداً لديه يمارسه في المجتمع . ويضيف خبراء علم النفس التربوي :” أن العنف قد يكون بسبب مشكلة في الصحة النفسية، وناتج عن ظروف اجتماعية وضغوط مجتمعية تولد عنده اضطرابات نفسية، وكذلك قد يتأتى العنف من متابعة الألعاب الالكترونية وأفلام التلفزيون والبرامج التي تبث العنف وتصوره للأطفال بصورة دائمة ” . أما الحلول التي تقدمها هذه الدراسات فتتلخص في وضع أسس التربية السليمة، وخلق البيئة والمجال المناسب، بالإضافة إلى التوعية من خلال برامج الأطفال في وسائل الإعلام ومراقبة مشاهدة الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي ، والضبط الأمني للأحداث وإيداعهم في مؤسسات الرعاية ومتابعتهم من قبل المؤسسات الاجتماعية المعنية والأهم من ذلك كله توفير الأجواء الأسرية الهادئة، وخلق تفاعل بين الأسرة والمؤسسات الأخرى وبخاصة المدارس، لأن النمو النفسي المتوازن للأطفال يكون من خلال التربية السليمة . ونختم بالقول إزاء هذه الظاهرة السوداء – بأدواتها من الأسلحة البيضاء – المنتشرة بين أيدي بعض أبنائنا من الطلبة والمراهقين: أنه لابد من تكاتف الجهود بين جميع الجهات للتصدي لهذه المشكلة واحتوائها في الوقت المناسب قبل تفاقمها، من خلال الحد من انتشارها، مع التركيز على الدور التوعوي لأولياء الأمور والمدارس ووسائل الإعلام، واحتضان أطفالنا بالمحبة والأجواء الأسرية والتربوية الهادئة وحثهم علــى مقاطعة مظاهر العنف وأدواته المتعددة واستبدال الأنشطة غير المفيدة بفعاليات جماعية وتشاركية مع أقرانهم بما يخدم ميولهم ومواهبهم ويبني مستقبلهم بكل ما هو مفيد وإيجابي.

فدوى مقوص

تصفح المزيد..
آخر الأخبار