تحديات الحياة الزوجية مع ولادة الطفل الأول

الوحدة 28-7-2020  

 

المولودة الصغيرة تبكي يكاد صراخها يوقظ سكان الحي جميعهم، والدتها تحاول إسكاتها تحاول إسكاتها، تحملها، ترضعها، تغني لها لكن لا جدوى من كل هذا .فالصغيرة لا يبدو أنها ستهدأ: أما والدها فهو لا يكف عن التأفف: حاولي إسكاتها: خذيها إلى خارج الغرفة: لعلي أنام قليلاً: لا تنسي أنه عليّ الاستيقاظ في الصباح الباكر للعمل. هذا ما يوجهه لزوجته.

ولكن عبثاً تحاول الوالدة أن تهدئ الصغيرة والتي بدا لها أنها مصابة بمكروه ما ولا يأتي الفجر الجديد إلا وتكون الزوجة نائمة بقرب طفلتها في الغرفة المجاورة.

هي هكذا حياة الأزواج عندما يأتي الطفل الأول فيغير حياة الزوجين حيث تصبح الزوجة أمّاً والزوج أباً مع ما يحمله هذا الوضع من قيود تقع على الطرفين وتربطهما بالعديد من المسؤوليات التي تكون في معظم الأحيان ملقاة على عاتق الأم أكثر منها على الأب وهذا لا يقتصر فقط على المجتمعات العربية وإنما يمتد إلى أبعد من ذلك إلى تلك المجتمعات الغربية ولكن الفرق يكمن في القوانين في بعض الدول الغربية التي تمنح إجازة أبوه تماماً كإجازة الأمومة.

لم تكن تتوقع الزوجة يوماً أن طفلها الأول سيغير حياتها بالنسبة الكبيرة التي حدثت لقد تغيرت علاقتها مع زوجها ومع من حولها ،الحياة الاجتماعية باتت شبه معدومة بالنسبة لها ولزوجها.

عديدون هم الأزواج الذين اعتبروا أن حياتهم الزوجية ذاك الرباط المقدس الذي يزين حياتهم سيصبح أكثر قوة بعد الإنجاب ولكنهم في الوقع صدموا بالكثير من العقبات التي لم يكونوا قد توقعوها في البداية وكل ما كانوا يتوقعونه خلال الأشهر التسع كان مختلفاً تماماً عما حصل. عديدون منهم اعتبروا أنهم سيكونون مختلفين عن آبائهم في طريقة توزيع المهام والأعباء بعد الإنجاب ولكن الصور اختلفت كثيراً عن الواقع، ففي الكثير من الأحيان لا يتم توزيع المهام المنزلية بين الزوجين بالتساوي قبل ولادة الطفل ومع ذلك فهم يصابون بخيبة أمل بعد ولادة الطفل هذا إلى جانب العديد من الموضوعات التي يجب على الزوجين أن يناقشاها سوياً قبل ولادة الطفل كطريقة التربية مثلاً وأهمها تجنب الكثير من الأمور التي تربوا عليها ولم يقتنعوا بها.

وتكتشف العديد من الأمهات أنهن لا يردن العودة إلى أعمالهن بعد ولادة الطفل على رغم أن الزوجين لم يكونا قد خططا لذلك في معظم الأحيان تحصل الأم على إجازة وهذا ما يترك الأم في حيرة بين تربية طفلها وقضاء الوقت اللازم معه وبين العودة إلى حياتها الطبيعية في أثناء العمل في حين أن إجازة الأمومة في دول أخرى تصل إلى ثلاث سنوات وهذا ما يؤدي إلى عواقب مالية كبيرة بالنسبة إلى الزوجين اللذين كانا يتطلعان إلى عودة الأم إلى عملها وعودة توفير دخلين معاً يشعر الزوج بأن انخفاض دخله المادي إلى راتب واحد دفعه هو زوجته إلى الاقتصاد كثيراً في المصروف حتى إنه بات لا يرتاد المقاهي العامة بغية توفير ثمن فنجان قهوة وشراء الحفاضات والحليب للطفل ومتطلباته الأخرى التي لم يكن قد حسب لها حساباً.

لا يخفى على الزوجين أنه من الضروري أن تظل العلاقة بينهما حميمية وإن كان ذلك بطرق غير تلك التي تعودّا ممارستها كأن يخرجا إلى موعد رومانسي خارج البيت أو أن يقضيا وقتهما معاً بوصفهما زوجين.

وأن يجدا الوقت الملائم للاهتمام بعلاقتهما التي يجب ألا تتراجع بعد ولادة طفلهما الأول وأن يحافظا على الصلات التي تربطهما لمواجهة أية مشكلات طارئة وأن يعملا على حلها قبل أن تتفاهم.

أما إذا كانت العلاقة متوترة فلا مانع من الاستعانة بمرشد نفسي أو أحد أفراد العائلة المقربين فلا يغفل الأهل أن الأطفال يشعرون بمشكلات ذويهم ويتأثرون بها والأمر الأهم الذي يجب على الأب والأم أن يتذكراه هو أن الحياة الزوجية السعيدة لا تخلو من بعض المشكلات والآلام ولكن الحياة الزوجية السعيدة تستمر عندما يستطيع الزوجان تجاوز الصعاب التي تعترضهما وتجديد العهد بينهما في كل حين.

 لمي معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار