المربيات أول المغادرين لقائمة المونة هذا العام فمن التالي

الوحدة 21-7-2020  

 

تحرص معظم العائلات السورية على تأمين مستلزمات مطبخها المختلفة من المونة بغرض ادخارها لبقية أشهر السنة، وهي عادة يمارسونها منذ القدم حيث كانت تنقطع بهم السبل في الشتاء ولا يستطيعون الحصول على حاجتهم من الغذاء في أيام الشتاء  واليوم ورغم اختلاف الأوضاع وتوفر أغلب السلع على مدار العام لا تزال هذه العادة قائمة وباتت ترهق ميزانية الأسرة في مثل هذه الأيام من العام وهناك من يرى أسلوب العيش العصري لا يلغي هذه العادة، وقد مر منذ أيام موسم الثوم والمربيات  وورق العنب وها هي اليوم أيام البامية والملوخية وبعد أيام  سيأتي موسم دبس البندورة ودبس الفليفلة ولكن الجميع يتفق على مقولة واحدة أن موسم هذا العام مختلف في كل شيء حيث أن معظم العائلات لم تتمكن من شراء كيلو مشمش لتأكل من بركة الموسم نظراً لارتفاع أسعاره فكيف لها أن تعد مربى المشمش أو الفريز أو الكرز لا سيما مع الأسعار الملتهبة للسكر الذي يعتبر أساسيا لإعداد المربيات حيث تحتاج الوصفة إلى كيلو سكر لكل كيلو من الفاكهة.

وقد كانت الأسرة السورية على موعد سنوي مع الفاكهة الصيفية لإغناء مائدتها بالعديد من المربيات، لكن الأمر تغير هذا الصيف، فالفاكهة التي أصبحت للفرجة بالنسبة لأغلب الأسر بسبب غلاء أسعارها، لن تكون متاحة من أجل المربيات.

 موسم المشمش يقترب من نهايته ولم ينزل سعر الكيلو الواحد عن 1500 ليرة، لبعض الأنواع و3500 ليرة لأخرى، علماً أن الموسم الفائت لم يصل أفضل أنواعه لـ 1000 ليرة.

 السيدة سناء ربة منزل تقول :لن نتمكن من صنع المربيات حيث اجتمع غلاء  الفواكه والسكر معاً، ووجبة المربى ضرورية في الشتاء يتقبلها الصغار قبل الذهاب إلى المدرسة، وفي السنوات الماضية مع ارتفاع أسعار زيت الزيتون خسرت زوادة طلاب المدارس سندويشة الزيت والزعتر، واليوم تخسر وجبة المربى.

مواد أخرى اعتادت على تخزينها السيدات والبعض منهن يعتبر وجودها عامل استقرار في المنازل خصوصا عند ارتفاع أسعار المواد الغذائية شتاءً وحتى في ظل توفر الحاجات الغذائية في الأسواق الواسعة على مدار السنة.

في هذا الشأن أوضحت أم أكرم  ان المسألة أضحت عبارة عن عادة أكثر منها حاجة حيث اعتاد الأهالي في كل عام على تأمين ما يحتاجونه من الملوخية والبامية في وقتٍ مبكر، إلا أن الموسم الحالي شهد تراجعاً ملحوظاً في شراء الملوخية بغرض تموينها، بسبب ارتفاع أسعارها وضعف القدرة الشرائية لمعظم العائلات.

وأضافت أن تموين الملوخية وغيرها من الأصناف المنزلية الأخرى بكميات جيدة، وفي الوقت الراهن لا تستطيع سوى العائلات الميسورة تأمين جميع احتياجاتها من المونة بسبب غلاء الأسعار.

وأردفت إن الأسر الفقيرة ومتوسطة الدخل تلجأ إلى البحث عن الأصناف الرخيصة أو الانتظار إلى قرب نهاية الموسم، لأن ارتفاع الأسعار يُشكل عبئاً مادياً ثقيلاً عليها، وربما تضطر الأسرة لدفع نصف دخلها الشهري في شهر واحد مقابل شراء احتياجاتها من الملوخية والبامية، في موسم المونة تعبق الأجواء بروائح الباذنجان والقمح المسلوق والكشك والبندورة، مبشرة بانطلاق موسم المونة كتقليد متوارث في المجتمعات الريفية أكثر منها في المدينة بموعد متكرر، حيث تعج خلاله أسواق الخضار والحبوب والمطاحن بالزبائن، لتصبح المونة جزءاً من حلقة اقتصادية تسهم في تصريف الإنتاج المحلي، بدءاً من القمح البلدي المحوَّل الى برغل، والذي يؤمن إضافة إلى حليب الماعز جودة الكشك، الى جانب الخضار من خيار ومقتة واللوبياء المحفوظة في المرطبانات، والبندورة المعدة لتصنيع دبس  البندورة، ويسبقها كلّها (تيبيس) الملوخية  والبازلاء والباميا، وكما اشرنا فإنه بعد أيام يبدأ موسم دبس البندورة حيث تتحول معظم البيوت الى ورشات لعصر البندورة، بعدها بأيام يبدأ موسم إعداد دبس الفليفلة حيث يتم شراء الكميات بالجملة ويتم العمل على إعداد مؤونة العام  من هذه المواد وسط جو عائلي مريح لكن السؤال هل سيتم ذلك هذا العام تقول أم مروان وهي سيدة خمسينية تنتظر هذا الموسم كل عام لتعد كميات كبيرة من دبسي البندورة والفليفلة للبيع تقول كيف سأتمكن من البيع هذا العام وكم سأترك لنفسي ربحاً في ظل ارتفاع الأسعار ومن سيشتري، بدروها توضح  المهندسة ميلاء أنها ستضطر للشراء لأن البدائل ليست أرخص تقول نحن نشتري وندفع مكرهين لأنه لا خيار أمامنا هكذا هي الأسعار.

و لن نتحدث عن المكدوس لأنه سيكون هذا من الترف إعداده  وتخزينه ربما يتم إعداد كميات قليلة  لعشاقه فقط.

يذكر أن بعض السيدات يعتمدن على موسم المونة للاستفادة اقتصادياً حيث يبعن بعض ما ينتجن، السيدة أم سعيد تقول مجتمعاتنا فقيرة، وهناك حاجة دائمة للسيدة كي تعين رب العائلة في مصاريف البيت، ولذلك كانت فكرة استفادة بعض السيدات من خبرتهم في المطبخ، أي أنني بدلاً من أن أصنع المونة وأوزعها على أولادي والأقارب من دون مقابل، أحضرها لمنازلهم وأتقاضى مقابل كلفتها وأتعابي.

 السيدة سهام بينت أنها تسعى جاهدة لتوفير قسمٍ من مصروف العائلة من أجل شراء المونة، ومن بينها الملوخية والبامية، حيث تشتري ما تحتاجه من الملوخية الخضراء من السوق، ثمّ تقوم بتعريضها إلى الهواء حتى تصبح يابسة، بعدها  تضعها في أكياسٍ قماشية في مكان جاف، لتقوم لاحقاً بطبخها لعائلتها في أشهر الشتاء، أما البامية فتقوم بنشرها على سطح المنزل بعد تقميعها، لتجف تحت لأشعة الشمس، وبذلك تصبح صالحة للتخزين والأكل دون الحاجة إلى وضعها في البرادات، حسب وصفها.

وترى السيدة سهام أنه وعلى الرغم من ارتفاع تكاليف المونة وتراجع قيمة الدخل الشهري إلا أن المونة تبقى الخيار الأمثل للأهالي في ظل الظروف الراهنة، ومهما حاولت الأسرة التي اعتادت أن تكون المونة ملجأ لها خلال أشهر الشتاء الطويلة، ولو بالحدود الدنيا.

ويقول أحد الباعة وقد رفض ذكر اسمه: إن زيادة أسعار هذه المنتجات تعود إلى صعوبات النقل وارتفاع أجور وشراء المادة من مصدرها بسعر مرتفع في ظل تحكم تجار الجملة في السعر وبدورنا نضيف ربحاً قليلاً لتأمين لقمة عيشنا وبالتالي عند الرغبة الفعلية في ضبط موجة الغلاء تجب محاسبة تجار الجملة وليس باعة (المفرق).

فغلاء هذه المنتجات لم يمنع بعض العائلات من الإقبال على شراء هذه المنتجات لكن إجمالاً تبقى حركة البيع والشراء أقل من معدلاتها مقارنة بالسنوات الماضية و لا يزال عدد كبير من الأسر يحافظ على عمل المونة.

هلال لالا

تصفح المزيد..
آخر الأخبار