التعليم باللعب.. وسيلة لاكتساب السلوكيات الاجتماعية الراقية

الوحدة 16-7-2020  

 

انطلاقاً من أهمية اللعب كنشاط ضروري للطفل، فإن العديد من المناهج الحديثة تدرجه ضمن جداولها وبرامجها التعليمية والتربوية في العملية التدريسية لإكساب الأطفال المزيد من المهارات والمعارف والخبرات الحياتية والسلوكية، وتعويدهم على العمل مع الجماعة، وفق قواعد متفق عليها يلتزم بها الجميع، فيتم توظيف اللعب في نشاط ثقافي تربوي نافع، واللعب كنشاط جذاب للطفل يستهويه منذ الصغر، ينطلق من البيئة المحيطة، كبقية النشاطات التربوية التي ينشأ معها الطفل وينمو، فاللعب وإن كان تسلية وفسحة للمرح، فإنه نشاط هادف يرسخ في شخصية الطفل – بشكل فطري – ميولاً ونزعات، تؤسس لعادات سلوكية وأنماط اخلاقية، فاللعب أحد مصادر الثقافة الاجتماعية، ومن هنا وجب علينا كأهل ومربين اعتماد اللعب كوسيلة تربوية هادفة انطلاقاً من اختيار الألعاب التي تقدم القيم السلوكية الأخلاقية الجماعية على القيم الفردية لترسخ المقولة الشهيرة: (أنا أكون.. لأننا نكون) أو (نحن وليس أنا) والتي أجاب بها مجموعة من أطفال إحدى القبائل البدائية عندما قام أحد علماء الأنثروبولوجيا بوضع سلة من الحلوى قرب جذع شجرة، وقال للأطفال: إن أول طفل سيصل إلى الشجرة سيحصل على السلة، وعندما أعطى إشارة البدء تفاجأ بهم يسيرون سوية ممسكين بأيدي بعضهم بعضاً، حتى وصلوا إلى الشجرة معاً، وتقاسموا محتويات السلة فيما بينهم، وعندما سألهم: لماذا فعلوا ذلك بينما كان بإمكان واحد منهم الحصول على السلة كلها ؟ أجابوا : (أنا أكون.. لأننا نكون) هي لعبة ولكنها ثقافة لأننا نزرعها في نفوس أطفالنا فلابد على الأهل الاطلاع على ثقافة الألعاب ويتعلمون كل ما هو أفضل لزرعها في نفوس أطفالهم وكذلك تغيير بعض قواعد الألعاب لننتقل بالأهداف المرجوة منها إلى الجهة المقابلة التي تعلم الطفل القيم النبيلة السامية، ونورد هنا مثالاً (لعبة الكراسي) التي تعتمد في أساسها عند غالبية الشعوب على مبدأ إقصاء الآخر من خلال (ثقافة الفوز) الفردي لا ثقافة (الكل يربح) أما (لعبة الكراسي) في رياض أطفال بعض الشعوب الأخرى فهي لعبة مغايرة، حيث يكون عدد التلاميذ أكبر من عدد الكراسي، فإذا بقي أحد الأطفال بدون كرسي، يخسر الجميع، فيحاول جميع الأطفال احتضان بعضهم البعض مع ثبات قاعدة أساسية مؤداها: (إن على التلاميذ التأكد من أن أحداً منهم لا يبقى بدون كرسي، وإلا خسروا جميعاً) وهنا يتعلم الطفل قاعدة: (إن ثقافة الفوز لا تتم بدون التعاون والعمل بروح الفريق والنجاح الجمعي) وبذلك تتحول عمليات التعلم بهذا النوع من اللعب إلى متعة وإبداع مشترك من جانب المعلم والمتعلم تتربى من خلاله المواهب والمهارات وروح المبادرة الجماعية لدى أطفالنا وعلينا جميعاً أن نعمل لتظل هذه الأساليب التربوية الحديثة شرطاً أساسياً لتنشئة أجيال فاعلة إيجابية ومبدعة.

فدوى مقوص

تصفح المزيد..
آخر الأخبار