لا تستعجلوا في تحضير طفلكم.. ليسبق أوانه

الوحدة: 8 تموز 2020

 

غالباً ما تتحول الزيارات الاجتماعية بين الأسر إلى نوع من السباق فيما بينهم لاستعراض مؤهلات ومواهب أطفالهم حيث يتم استدعاء الأبناء من غرف الأطفال وسحبهم من ألعابهم من أجل طرح المزيد من الأسئلة عليهم لإبراز مواهبهم في التحدث بلغات مختلفة أو إظهار مقدراتهم في حل مسائل الرياضيات أو العزف على الآلات الموسيقية أو الرسم وغيرها من المواهب التلقينية التي أخذت وقتاً غالياً من أوقات لعبهم وتمتعهم بعفوية طفولتهم وكل ذلك تحت إلحاح وضغط من الأهل للتفوق والتميز في مجال يسعون بكل جهودهم لتحقيقه من خلال أطفالهم . وهذه الظاهرة قد انتشرت مع توسع دور رياض الأطفال وتحوله من دورٍ لاحتواء مراحل الطفولة الأولى باللعب والرعاية الجسدية والنفسية نتيجة غياب الأهل – وخاصة الأم – عن الأطفال إلى دورٍ لاستقطاب البرامج التعليمية واستخدام المناهج التي تعتمد في غايتها وأسلوبها على حشو المعلومات واستثمار المواهب بما يعود عليها بالسمعة الجيدة والمكانة المتميزة . وكل ذلك يتعارض مع الدراسات التربوية التي تؤكد عبر دراسة حديثة نوجز نتائجها في هذه السطور : ” بأن عالم الأطفال وأفق تفكيرهم مقيد بحدود معينة ولايمكن تحميلهم مسؤوليات هم غير قادرين على إنجازها ، وإجبارهم على ذلك يدمر شخصياتهم في المستقبل . إذ يجب أن نفرق بين عالم الكبار وعالم الصغار ولايجوز معاملة الأطفال وكأنهم آلات يمكن تسييرها كما نشاء . فالتربية السليمة للأطفال تكمن في احترام حدود مقدراتهم لأن عالمهم محدود وقدراتهم محدودة ” . كما أكدت الدراسة : ” بأن تحضير الطفل للمستقبل له شروط ومتطلبات إن تم إغفالها فان النتائج العكسية ستكون وخيمة. ومن أهم هذه المتطلبات مراعاة إمكانيات الطفل والابتعاد عن تحميله ما لإطاقة له به. إذ يجب مراعاة العالم البسيط للطفل ومحاولة معرفة حدود طاقاته لتأهيله للمستقبل طبقاً لهذه الطاقات. واختتمت الدراسة بالقول : ” إن من أولى واجبات الأهل تجاه الأطفال هو احترام حدود قدراتهم وعدم توبيخهم لأمر لم يستطيعوا القيام به لصعوبة إدراكهم للمسؤولية التي تفوق مجال طاقاتهم .. وأكدت بأنه من حق الطفل عيش مرحلة الطفولة بكل معناها وليس هناك حاجة للاستعجال في تحضير الطفل ليسبق أوانه ” . لذا فنحن مطالبون باتخاذ أساليب مختلفة ، لكي نحقق الأهداف المرجوة في التعامل مع أطفالنا، مع مراعاة التوازن في طلباتنا وعدم الإلحاح خوفاً من تأثيره السلبي عليهم، ، وكذلك الحرص على تدعيم ثقتهم بأنفسهم وحثهم على المثابرة دون ضغط، وتجنب المبالغة في وصف إمكانياتهم وطموحاتهم، خاصة أمام الآخرين، ويفضل التعامل مع قدراتهم بموضوعية. وكلنا على قناعة بأن تربية الطفل ورعايته تكمن في احترام قدراته وبناء شخصية سليمة له تستطيع مواجهة المواقف ومشاكل الحياة بدلاً من حشو ذاكرته بكمٍ هائلٍ من المعلومات والمعارف الاستعراضية التي نتسابق كأهل في استثمارها بما يرضي أحلامنا وآمالنا فيهم.

فدوى مقوص

تصفح المزيد..
آخر الأخبار