ثقافة الكراهية… حضارة الموت

الوحدة 24-6-2020

 

الإنسان بطبيعته كائن مغلوب على عقله بشروره وغرائزه وانفعالاته، وإنسان هذا العصر يعيش فضاءً عبثياً ضبابياً عدمياً بفعل التخلف الغافي في قشور التمدن والهمجية البربرية التي تغمس روحه بنزعة دموية، والحضارة التي تصدرها أمريكا والغرب من حقد وتعصب وعنجهية لتحويل الانتباه عن سياساتهم الاستعمارية الوحشية هي التي أوقدت بقوتها وجبروتها الذي لا يطاق كل هذا الكم الهائل من العنف والدمار والدماء التي تجري على الأرض العربية.

سياسة الاستعمار الغربي والأمريكي حالياً هي أحد مظاهر البربرية كما في العصور الغابرة، والتوحش وغريزة الدم والانتقام الكائنة في اللاوعي والمتخفية تحت ستار المدنية الواهية هو أن تقضي الشعوب القوية على الشعوب الضعيفة وسلبها واقتناص خيراتها، وهو أساس السياسة الاستعمارية في الهيمنة على الشعوب.

ثقافة الكراهية ورفض الآخر والدعوة للقتل وشرعنته المبالغ بها من قبل الدول العظمى القادمة إلى الشرق بترساناتها المعلوماتية والحربية المتطورة وأذنابهم من الإخوان وداعش والنصرة، ثقافة مدمرة تسعى لتدمير إرثنا وفكرنا وحضارتنا دون أن يتحرك ضميره إلا لصالح مصالحه، وهي التطبيق الانتهازي للنفاق ونبذ الحوار والتسامح والتعايش ونبذ وكراهية العرب والتعامل معهم بازدواجية المعايير، ويقوم بالتركيز على إظهار العرب بأبشع الصور الإرهابية – الإسلاموية بآراء عنصرية متعالية وتقديم الإنسان العربي في الثقافة الغربية كإرهابي ومتعصب وغبي ومشبوه وغير قادر أن يقدم للبشرية سوى العنف والتطرف والغباء والخواء.

حضارة الموت والكراهية التي تنبثق من قلب الحضارة الغربية ومشاريعها الاستعمارية التي تحكم بالحديد والنار وبهمجية متجذرة فيها تزيد من تخلفها الإنساني والأخلاقي وتفوّل مصالحها وبورصاتها التجارية، وتسعى إلى إدارة التوحش والكراهية عبر لغة نخبوية إعلامية فكرية تجعل العالم يقرأ صور الموت والدمار والخراب بصخب ورعب عبر لغتها الدموية الديمقراطية بالسعي لإدامة الإرهاب في منطقتنا وزيادته اشتعالاً وأواراً بحروب قذرة وجرائم وحشية يرتكبها الغرب والصهاينة والنخب السياسية العميلة والمرتزقة وشركات الموت الأمنية وخطفهم للأفراد وتوجيههم للطائرات بدون طيار والقصف بصواريخ كروز البعيدة المدى المدمرة، يعاملون العرب كشعوب فائضة عن اللزوم باستفزاز دموي وتغييب العقل واستحضار الجهل وتخدير الوعي ونشر البهيمية العمياء وتفشي البشاعة والشرور والأحقاد وتغييب الجمال والمحبة والتسامح. الناقد والروائي الفرنسي الساخر أناتول فرانس الذي يرفض العنصرية والتطرف والحروب الاستعمارية قال: (ليست الحرب إلا داءً وراثياً أو رجعة فاسقة إلى العصور البربرية) ويقول كذلك: (لم يعرف العرب من حضارتنا حتى الآن سوى المجازر والاستغلال والقهر والاستيطان… فأين الحضارة إذن..؟!).

الوحش الأمريكي المارد إرهابي يمسك بخناق وتلابيب الأرض بخبث مطامعه وأهوائه وهمجية أفعاله وأفكاره، يصب الزيت على نار الكراهية وأقحم الحياة والكون بالعنف والدماء يمارس الصلف والعنجهية وينشر الفوضى والحصار والدمار والرعب والدماء يشن الحروب على الأمم والدول ليس من أجل البقاء بل للسلب والهيمنة على خيرات الشعوب وتسيد العالم والسيطرة عليه ويفرض حصاراً شاملاً جائراً على الدول المناهضة لسياساته (إيران – سورية – فنزويلا – كوريا الشمالية) وأدمن الربح وسرقة خيرات الدول والشعوب تحت ستار مخادع لئيم هو إقامة الديمقراطية ونشر التنمية الاقتصادية ومحاربة الإرهاب وتقديم المساعدات الإنسانية وينسى تاريخه الملطخ بدماء الأبرياء من الهنود الحمر وصولاً إلى فيتنام وكوريا والمنطقة العربية… الكاتب الأمريكي جيل ديلافون يصف ديمقراطية بلاده بـ (الديمقراطية المدججة بالسلاح).

الطبيعة الإنسانية تكره العنف وتنبذه ومنذ القديم والإنسان يسعى للكمال باحثاً عن السبل التي تمكنه من بلوغه سواء بأفعاله الأخلاقية الواعية أو أقواله الحكيمة. علينا الاطلاع على ما يجري في العالم والبحث عن جذور التوحش وتحليل انتشاره والتمتع بدرجة عالية من الأخلاق والإرادة والفعل لتحرير الفكر وصولاً إلى تفوقه.

نعمان إبراهيم حميشة

تصفح المزيد..
آخر الأخبار