الوحدة:
في الذكرى السنوية الأولى لمعركة ردع العدوان، تبدو استعادة الحديث عن ذلك اليوم بمثابة استدعاء لروح وطنية نادرة، أعادت للسوريين الثقة التي كادت تتلاشى تحت تراكم سنواتٍ طويلة من الألم. فالنصر الذي تحقق لم يكن مجرد حدث عسكري، بل محطة فاصلة في مسار شعب يسعى منذ سنوات لاستعادة مكانته وقراره على أرضه.
لقد جاءت معركة ردع العدوان كي تقول للعالم إن سوريا ما زالت قادرة على حماية سيادتها، وإن إرادة الدفاع عن الأرض ليست مجرد شعارات، بل فعل حي ينبض في سواعد أبنائها. ومع كل لحظة من تلك المعركة، كان يتبلور معنى جديد للثبات والصمود، ويرتسم خط واضح بين ما حاول الآخرون فرضه، وما اختاره السوريون لأنفسهم.
وفي المقابل، لا يمكن تجاهل الظلال الثقيلة لأعوام مضت، عاشها السوريون تحت وطأة نظام منهك للبلاد، ترك خلفه مساراً طويلاً من القمع والانقسام وغياب المشاركة السياسية… نظام رأى فيه السوريون منظومة حكم أغلقت أبواب الإصلاح، وفاقمت الأزمات بدل حلها. وعلى امتداد أكثر من أربعة عشر عاماً، وجد الشعب نفسه محاصراً بين العنف والحاجة، يدفع ثمن السياسات الضيقة التي أفضت إلى واحدة من أقسى المراحل في تاريخ البلاد الحديث.
واليوم، الذكرى الأولى للنصر مختلفة، فهي لا تستدعي وجهاً عسكرياً فقط، بل تقدم صورة شعب ينهض من بين الركام ليعيد بناء دولته على قواعد جديدة: عدالة أوسع ومشاركة أعمق ومفهوم سيادة لا يُختزل في السلطة، بل يُجسد في كرامة المواطنين وأمانهم.
إن معركة ردع العدوان ليست مجرد صفحة في سجل الصراع، بل إعلان مرحلة يريد السوريون أن تكون أكثر استقراراً ووضوحاً. مرحلة تعيد الاعتبار للتضحيات، وتُنهي عهد الارتهان للأخطاء التي دفعت بالبلاد إلى الانهيار، وتفتح الباب أمام مستقبل لا يكون فيه السوري مجرد شاهد على مصيره، بل صانعاً له.
تحية لكل من أسهم في صون الوطن وحمايته، وللشعب السوري الذي أثبت مرةً بعد مرة أن قدرته على النهوض أقوى من كل العواصف.
ومع مرور عام على ذلك النصر، يبقى الأمل حاضراً بأن سوريا بكل أبنائها تسير نحو غد أكثر أمناً وكرامة.