الوحدة – رنا عمران
أربعة عشر عاماً شكّلت المحك الأصعب في التاريخ السوري الحديث، عاش خلالها الشعب تحت العنف والخذلان الدولي والإقليمي. ورغم أن معظم القوى الفاعلة في تلك المرحلة لم تقف إلى جانب السوريين، بل مالت الكفة لمصلحة النظام، إلا أنّ السوريين استطاعوا، عبر تنظيم صفوفهم وتضحياتهم المتواصلة، أن يفرضوا مساراً جديداً انتهى بسقوط النظام وبداية مرحلة مختلفة في سورية.
اليوم، وبعد عودة سورية الرسمية إلى المشهدين العربي والدولي، تحاول بعض الدول أن تُلحق النصر السوري بسجلاتها، فتسعى إلى تقديم نفسها باعتبارها صاحبة الفضل في إسقاط الطغيان. هذه المحاولات تتجاهل حقيقة أساسية: أنّ الثورة بدأت بينما جميع القوى الكبرى، بما فيها الولايات المتحدة وأوروبا ومعظم الدول العربية، كانت تقف في موقع متردد حيالها، حتى تركيا التي يُراد لها أن تُصوَّر شريكاً في النصر، لم تكن في بدايات المعركة في موقع الدعم الواضح.
إنّ قصة الانتصار السوري، إذاً، لا تحتمل التأويل أو المزايدة. فهي لم تُصنع بقرارات العواصم ولا بتحالفات ظرفية، بل بجهود أبناء الداخل الذين قاوموا ودفعوا الثمن الأكبر: الشهداء، المعتقلون، والمهجّرون. الحفاظ على هذه السردية ضرورة وطنية، لأن المساس بها يعني إنكار التضحيات التي مهّدت للتحرير، وفتح الباب أمام أطراف خارجية للصعود على حساب تجربة دفع السوريون وحدهم كلفتها.
إن ما جرى في سورية هو مثال واضح على أن التغيير الجذري لا يُقاس بميزان المصالح الدولية وحدها، بل يمكن أن يُصنع بإصرار الناس على حقوقهم. ومن هنا، فإن النصر السوري يجب أن يبقى ملكاً خالصاً للشعب الذي أنجزه، لا مادة تفاوض أو دعاية لأي طرف خارجي.
تصفح المزيد..