الوحدة : 19-3-2023
ليس كل قادم من الخارج عبر المطار العربي السوري هو غني، أو مترف، لا تهمه قيمة الليرة السورية، أو الدولار.
فمعظم من كان معي في الطائرة، وحين عدت إلى بلدي بعد زيارة قصيرة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، من الشعب السوري المكافح الذي غادر ليعمل من أجل لقمة عيشه بكرامة هو وأسرته…
الأسرة التي تركها مرغماً، ورحل ليعمل من أجلها.
في الطائرة التي كنت أحد ركابها، رأيت عجوزاً وزوجها الذي يتحمل عبء حمل ” بقجة ” صرّة ملابس على ما يبدو للرائي، لم يضعوا مقتنياتهم في محفظة !! حاول الرجل العجوز دسّها في الرف فوق مقعده بصعوبة، وقد أعانه مضيف الطائرة بمحبة، ولطف على هذا العمل الشاق بالنسبة له، حيث كان معظم الركاب يحملون حوائجهم الزائدة عن الحمل المسموح به في مستودع الطائرة المخصص للحقائب، وبالتالي يتم وضع الزائد عن المسموح في رفوف مغلقة فوق الرؤوس.
ما يعيد ذكريات الطفولة، وصور مخلدة لباصات النقل بين المحافظات – الهوب هوب – لا تتوقعوا أن كل من يركب طائرة هو طائر محلق فوق الغيوم بأمواله، وقدراته الخارقة.
قد يكون في الطائرة رجل أعمال، وربما خمسة رجال أعمال، أوأثرياء.
أما البقية فهم يبحثون عن الرزق في دنيا الله الواسعة، وقد دعتهم الحاجة، وسوء الحال للهجرة، والعمل بعيداً عن أسرهم, وبلدهم الأول.
غاية الحديث، ومن العجائب: أنك حين تصل إلى أرض المطار في سورية، وقبل الخروج منه، وكشرط للدخول الملزم إلى بلدك : عليك أن تدفع لكوة المصرف التجاري السوري هناك مائة دولار… يصرفها لك بأقل مما تقبض لو صرّفتها في أي مصرف داخل البلد،أو لدى معتمدين، أو لدى تجار العملة السوريين.
المائة دولار التي تدفعها في المطار، تقبضها 450 ألف ليرة سورية، حيث تقف في صف طويل بعد عناء سفر متعب حتى يصلك الدور !!
بينما يمكنك أن تصرفها بسبعمائة ألف، ونصف في المصرف التجاري السوري، أو عند تاجر، أو مكتب معتمد ومعروف .
و تتم المتابعة من بعض المسؤولين هناك للتأكد من إتمام العملية، ثم السماح لك بمغادرة المطار بسلام !!
إجراء ظالم، ومؤلم ..
فالغالبية من ركاب الطائرة العائدين يعودون محبةوشوقاً أو من المجبرين على العودة إلى وطنهم الأم لأسبابهم الخاصة ..
إجراء مخجل بحقنا نحن أبناء هذا الوطن الذين سنصرف أموالنا هذه، وغيرها بسرعة، ولشؤون الحياة … وما أكثرها.
فهذا المبلغ قد يكون أجرة طريق لنصل إلى بيوتنا، بل، وأكثر منه، بعدما انقطعت سبل المواصلات وارتفعت أسعار البنزين والمازوت وقلّ تواجدها كالسابق، وكأننا في صحراء قاحلة.
وقد لا يكفي هذا المبلغ سعر لقمة العيش لأيام معدودات.
متى نحس بالمواطن، ونتوقف عن مثل هذه الإجراءات المؤلمة أيتها الحكومة الرشيدة ؟!!!
متى نشعر بقيمة مواطن عاد إلى وطنه بعد غياب ليستقبل هذا الاستقبال في أول خطوة لدخوله البلد، تليها خطوات مؤلمة ومشينة بحق مواطن كموظف مثلاً : راتبه لا يكفيه ثمن طعام ليومين، ولن نتحدث عن أجور السكن، وارتفاع الأسعار دون حسيب، أو رقيب !!!
” ارحموا من في الأرض، يرحمكم من في السماء “.
سعاد سليمان