الوحدة: 13-2-2023
مصاب جلل طال جغرافية النفوس البشرية وسَبَرَ أغوارها قبل أن يرمي بثقله وتداعياته على الجغرافية الطبيعية وما يعلوها من حجر وشجر…. واليوم، وبعد فترة عصيبة وقاسية من وقوع كارثة زلزال الإثنين، ربما نعتقد أن حاجة المواطنين للمساعدة تقتصر على فئة دون أخرى، أي فئة من تضررت منازلهم واضطروا للجوء إلى مراكز الإيواء، وهذا الاعتقاد ليس في مكانه، لأن تعطل الحياة، وخروج كثيرين من سوق العمل، سيدفعهم عاجلاً أو آجلاً إلى الوقوع في أتون الحاجة.
صاحب البقالية والسمان، وصاحب محل الألبسة والأحذية، والمؤجر والمستأجر، وكل المهن والحرف، سيتآكل دخلهم، وسيقتصر عملهم على بضع عائلات مرتاحة بالأصل، في مجتمع تسوده الحاجة قبل الفاجعة، فكيف بعدها؟ .
إن أهم ما يمكن فعله في أسرع وقت ممكن، هو الخروج من الحالة العاطفية، إلى حالة التنظيم المطلق، و إحصاء كل كبيرة وصغيرة، لأن قاعدة البيانات الصحيحة، ستكفل لنا حالة استقرار إلى حين إعادة الحياة إلى سابق عهدها.
الأمر المهم الواجب لحظه والتوقف عندهم، هو حالة الخجل ومنسوب الكرامة المرتفعة عند شعبنا، و التي تفرض على مؤسسات الرعاية والإغاثة إيصال المساعدات بشكل دوري من دون الحاجة لطلبها، فقد يمتنع المحتاجون عن طلب حاجتهم بسبب عزة النفس، ولكنهم سوف يتجاوزون هذا الشعور عند يقينهم بأن المساعدات قد تحولت إلى مستحقات..
يجب أن نثق بالدولة التي كانت موضع ثقتنا طيلة ١٢ عاماً من الحرب، وعلينا جميعاً أن نتكاتف لكشف أي محاولة تلاعب بهذه المساعدات، لأن ضعاف النفوس لا يخلو منهم زمان أو مكان.
رنا رئيف عمران