الوحدة: ١٨-١-٢٠٢٣
كان صديقنا مثل سنديانة القرية المعّمرة، يستقبل ويوفر مكاناً لاستراحات خضراء، فالظل بوفرة الثمار في موسم مثال، بل وأكثر، فالجميع يفتش عن حكاية جديدة.
أمّا وجوه هؤلاء فعادةَ ما تحمل بصمات الأيام، إلا ذلك الصديق، فكان بملامح ثابتةٍ ويستحق لقب السنديانة.
بالأمس القريب: حلّ مكان السنديانة ساحة لا تصلح إلا مكباً تلقى فيه البقايا وبقاياها، أمّا الحكايات فصارت صناديق جوفاء – لقد مات صديقي –
المعروف أنّ جيلاً يذهب ليحل آخر, والآخر يمهد لغيره، عدا تلك الأيام، فتعمل بطريقة غريبةّ! فلا هي تدور ولاهي تقف، وصرنا كمن يجمع بين الشّفق والغسق، ليستيقظ بهما، وكذلك الظلام، فهو لا يذرف من سواده عند بدايات الفجر طلّاً، وبدورنا غرقنا باحتياجات كنا نخجل من فقدانها للحظات، وها هي ترافقنا مع القلة نحو اللانهايات.
منذ رحيل الرجل السنديانة، وانا أفتّش عن شبيه يقنعني. لكنني لم أظفر, فهذا زمن لا يعترف بالسنديان ولا بأصغر أغصانه.
هكذا نحن
* أغلق الرصيف بسيارته، وحين اضطر للنزول: اشترك مع المارة في شتم صاحبها!
* أحاط منزله بالأشجار – الوارفة الخضراء, وبالغ في الاهتمام بها، وفي داخل حديقته: جذوع مقطوعة من الجوار القريب، فهو لا يتخلى عن عادة الدفء ولو بعز الصيف!
* قبيل أن ينتهي من هدم الجدار، أنهكه التعب، فراح يستظل بجواره ويلعن من بناه، فهو جدارٌ عنيدٌ لا يهدم بسهولة!!
* حلت أمامه مصيبة، فكانت عين تدمع، والأخرى تلمح كخيط الشمس. أما لسانه فنصفه شماتة، والنصف الآخر تحسر وندم.
* أصدقاء هذه الأيام كالهاتف النقال العتيق، الذي لم يعد مجدياً وتماشياً مع التغيير: استبدل هاتفه بآخر جديد وأصدقاء جدد.
سمير عوض