ياصاحب الظل الثقيل..

الوحدة: 14-7-2024

(دي الآه بقولها وهو ما يدراشي.. وفي بعده طعم الدنيا مايحلاشي..
قولوا لعين الشمس ماتحماش… لحسن حبيبي… ده
اللي صابح ماشي)
عادة ياعزيزي تذكرني هذه الأغنية بل أغاني شادية كلها بشقيقي أبو أحمد (محسن)، فنحن والحمد لله عائلة عاطفية فنية أدبية وطنيةبامتياز، نمثل أنموذجاً مصغراً عن الشعب السوري الصامد، وطائر العنقاء الذي يعيد خلق ذاته من الرماد فينتفض على خيباته العاطفية والسياسية والإنسانية، في الحقيقة نحن مدينون بذلك لصباحات أمي الندية المعطرة بالألق، ولقهوة أبي التي كان يعدّها بنفسها ليوقظنا على رائحتها في الخامسة أو السادسة صباحاً كأقصى حد…. لقد انبعثنا من أبوين عاشقين لم يبخلا في توزيع مورثاتهما من هذا الأمر علينا، لذا ياعزيزي لا تعجب من وجود امرأة في هذا الزمن الأغبر مازالت تعلّق آمالاً على كلمة رجل… رجل ثقيل الظل مثلك..
أعلم أنك تركن سيارتك في أغلب الأوقات بسبب خفض المخصصات النفطية وغلاء أسعارها الذي شل حركة المرور في المدينة وأخّر الناس عن أشغالها وأرزاقها، و أعلم أنك تستعمل قدميك اللتين بالكاد تحملان ثقل ظلك وهمومك وحذرك الشديد، وتنطلق مثل بقية الموظفين الحكوميين ذوي الشهادات العليا بهمومك الوطنية الكبرى في سعيك العبثي لإصلاح الكون.
آمل أنكم تمكنتم من تأمين (ورق أبيض) لتوثيق أهم ماجاء في اجتماعاتكم الأسبوعية والنصف شهرية والشهرية والسنوية، بالفعل نحن شعب عظيم، مبدعون في إعادة التدوير، يذهب واحدنا لاستصدار قرار بملكيته لأرضه، فيفاجأ بالوجه الخلفي للورقة مطبوع عليه عقد إيجار قديم، أو وثيقة انتقال معلم، أو ورقة من رسالة ماجستير ربما، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على تكافل وتكاتف المؤسسات الحكومية فيما بينها، برأيك هل طبعوا قرار إنهاء تكليف مديري المخابز والحبوب على ورق من الجامعة، أوربما من مديرية التبغ مثلاً؟
أدهشني كم التعليقات على خبر إنهاء التكليفين، والتي جاء أغلبها بعبارة من مثل: العقبى لمدير كذا..وكذا..وكذا…
بالفعل نحن شعب لامثيل له، ويصعب إرضاؤه، هل سيأتون بمدارء من كوكب المريخ، جود (جُدْ) بالموجود..
بالعودة إلى موضوع الورق، لابد من التأكيد على تعميم الأتمتة حتى تشمل القطاعات كلها، إنها تريحنا من ثقل الأوراق وروتينها، وفكرة النافذة الواحدة رائعة… تفتح لنا أبواباً لاستثمار الزمن.. الوقت… كم أكره نظام المواعيد في مدينتنا… انتظار في عيادات الأطباء، انتظار في المحطات…في الدوائر الحكومية… في مراكز توزيع الغاز .. وفي… و في…
لا احترام للوقت..ولامواعيد واضحة…
مرة أخرى.. الحل في الأتمتة، بقي أن نوفر الكهرباء وشبكة النت بشكل دائم حتى لا يطلب إلينا الموظف الانتظار أو العودة في وقت آخر لأنه لايوجد شبكة بسبب انقطاع الكهرباء…
كذلك سيطلب إليك أن تحضر ورقاً أبيض ليطبع لك ماتريده بسبب عدم توفره لديه، برأيي خذ معك طوابع، لأن ثمنها مضاعف هناك.
عزيزي ياصاحب الظل الثقيل…
آااه لو ثمة أتمتة للقلب تريحنا من ثقل المشاعر، لو بالإمكان أن نعتمد نظام الاختيار من متعدد…. تبدو الفكرة مجنونة لكنها مريحة من دون شك.
هل تظن أني كنت سأختارك؟
ربما سأختار لظلك أن يبقى دوماً رفيقاً ثقيلاً لخطواتي في درب الضياء، أعلم أني سأنعكس بطريقة أو بأخرى على روحك المرهقة بصفتك مواطناً شريفاً يعيد تدوير الورقيات في مكتبه ،كما يعيد تدوير المشاعر في قلبه، يخشى التجديد، و يتجاهل سماكة الغبار على زجاجٍ يفترض أنه يحمي خشب زان عتيق.
(ياحمام طير قبله قوام ياحمام….
ياحمام الشمس حريق… ياحمام..
ويا ناس لوغاب يا ناس..
خلوه يبعت لي سلام..)..

نور نديم عمران

تصفح المزيد..
آخر الأخبار